في واحدة من الجمل الخالدة لرئيس الوزراء البريطاني السابق ونستون تشرشل قال إن: الثمن الذي يدفعه العظماء هو تحمل المسئولية, ولأن البشر بطبيعتهم لا يحبذون الاقتراب من مواطن التوتر ولا يبحثون إلا عن البيئات الهادئة. الأمر الذي يعد بديهيا وسنة ربانية ليميز القائد عن غيره, فوحدهم القادة العظام هم من يقفون في وجه أعاصير الأزمنة رابطي الجأش, واضحي الرؤية, لا يفت في عضدهم تهرب البقية عن مشهد المسئوليات الجسام, ولا يخبو حماسهم كلما اشتد أوار الأزمة وصعب مسارها, ومن المؤلم أن تري بعض الأطراف وهي تترقب علي أمل أن يخسر الشعب المصري العظيم ثورته التصحيحية العظيمة في 30 يونيو, ولا يتوانون عن التثبيط وشحن الفضاء الإعلامي بالمنغصات والمزايدات والمبالغات التي يربأ الكريم عنها بنفسه, بل ولا يتورعون عن رمي الشجار المثمرة ومحاولة الوقيعة بين الأشقاء عل وعسي أن يتحقق مرادهم ولكن هيهات, فأرض الكنانة كانت علي مر تاريخها الطويل أكبر من الدسائس وأعظم من مشعلي نارها, وهيهات لأن مصر ليست وحدها, بل تقف معها شقيقتها الصغري: دولة الإمارات, ويقود تلك الوقفة سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي الذي أكد أن وقوف الإمارات مع مصر ليس منة أو تفضلا, بل هو شيء من رد الجميل لمصر والتي قدمت الكثير للقضايا العربية والإسلامية ولم تتوان يوما في تقديم كل أشكال الدعم والمساعدة من أجل الدفاع عن قضايانا العربية لشقيقاتها عامة ودول الخليج العربي خاصة. عندما دارت رحي الأزمة الاقتصادية العالمية ورأي العالم السقوط المدوي لليونان دون انقاذ فعلي من المجموعة الأوروبية لها وعاني الشعب اليوناني من سياط الفقر والبطالة والجوع, لم نسمع أحدا يتهم المستشارة الألمانية ميركل بأنها تتآمر علي اليونان وشعبها, ولكن لدي بعض العرب عقليات لا يكاد القاموس يجد وصفا شافيا لها ولسوداويتها, فعندما انزوي البعض إبان الثورة التصحيحية بمصر بادرت الإمارات بالوقوف بجانب شقيقتها وشعبها بدعمها علي كافة الأصعدة السياسي منها والاقتصادي, ثم نتفاجأ بسماع بعض الأصوات النشاز بأن الإمارات لها مآرب أخري بذلك الدعم, وكم هي محظوظة ميركل بأن هؤلاء العرب ليس بأوروبا وإلا لأقاموا لها المشانق! إن زيارة سمو ولي عهد أبوظبي لبلده الثاني مصر, ولقاءه بقياداتها التي ارتضتها الثورة الشعبية وتعهده نيابة عن أخيه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة وشعب الإمارات بدعم مصر حتي تعود ذلك السد المنيع للعرب وتلك الوجهة الحضارية العظيمة التي ترنو لها أعين العالم, ولأن سمو الشيخ محمد ذو قلب أبيض فضلا عن أياديه البيضاء, فإنه وضع الشعب المصري نصب عيني اهتمامه وحرصه, فأتت حزمة المشاريع الكبيرة بعد دعم الاقتصاد المصري بثلاثة مليارات دولار ليستعيد تعافيه ويتجاوز احتياطي النقد الأجنبي حاجز العشرين مليار لأول مرة منذ سنتين, ثم تم ضخ نصف مليار دولار للوقود والمحروقات لأنها عصب حياة الناس ومدار حياتهم اليومية. ثم دخلت الإمارات بمشاريعها المتجهة للشعب في المقام الأول بداية بتمويل بناء خمس وعشرين صومعة قمح جديدة ضمن البرنامج القومي وذلك لاستيعاب الإنتاج المحلي من القمح والذي سيكون من فوائده التقليل من كمية القمح المستورد, ودعم القطاع الزراعي المحلي والاستثمار في بحوث القمح وصناعة النسيج, وتمويل بناء عشر وحدات صحية وخطي إنتاج للأمصال واللقاحات لتعزيز هذا الجانب المهم من أجل توفير الأدوية والعلاجات وجعلها في المتناول, بالإضافة إلي توفير استيراد الوقود والسلع التموينية خلال الفترة الباقية من عام 2013 وكذا عام 2014, والبدء بالدراسات الخاصة بملف الطاقة وصيانة محطات الكهرباء, والمساهمة في إتمام مشروع توصيل الغاز الطبيعي لعدد 800 ألف وحدة سكنية, والمشاركة مع الحكومة المصرية بمشروع إنارة القري النائية بالمحافظات بالطاقة الشمسية من خلال شركة (مصدر) الإماراتية الرائدة عالميا في هذا المجال والتي قامت بمشاريع مبهرة في بريطانيا واسبانيا وأمريكا اللاتينية وجنوب آسيا. كما أصدر سمو ولي عهد أبوظبي قراره بالبدء ببناء 13500 وحدة سكنية بمدينة الشيخ زايد, وبالمساهمة في انشاء مائة ألف وحدة سكنية بمناطق أخري بالجمهورية وبتطوير 1000 قرية فقيرة وتطوير مزلقانات السكك الحديدية, إضافة إلي افتتاح مستشفي الشيخ زايد, ويتم التشاور مع الحكومة المصرية لقيام الإمارات بإنشاء نفق السكة الحديد والسيارات جنوب بورسعيد والذي سيمر أسفل قناة السويس ليربط وادي النيل بشبه جزيرة سيناء علاوة علي مشروع توسيع المجري الملاحي وتعميق ميناءي السويس وبورسعيد للسماح بدخول الناقلات الدولية العملاقة والتي لا تسمح المداخل الحالية بمرورها مما سيضاعف مدخولات القناة بشكل هائل. إن وقوف الإمارات مع شقيقتها كما ذكر ذلك سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان هو وقوف الأخ مع أخيه ورد جزء من جميل مصر علي شقيقاتها, ولا يمكن للأيادي البيضاء إلا أن يكون وراءها قلب ناصع البياض مهما حاول بعض المرجفين أن يسيء إليه, وكم كان سموه واضحا عندما صرح خلال زيارته لأرض الكنانة بقوله: ان وقوف الإمارات بجانب أشقائها نابع من انتمائها العربي ومن سياساتها الوطنية والقومية والإنسانية القائمة علي السلام والأمن والتسامح والمحبة, والدعوة إلي التعاون, ونبذ الفرقة والعنف, وصولا إلي توطيد الاستقرار وتحقيق النماء والازدهار لجميع الشعوب فطاب يومك يا مصر وطاب غدك وطابت لك القلوب البيضاء قبل أياديها. لمزيد من مقالات مهره سعيد المهيرى