مساء الليلة وحتي صباح غد, يحتفل أقباط مصر ومعهم المصريون جميعا بأول عيد ميلاد مجيد بعد الثورة, وسط دعوات الجميع بأن يكون العيد أقوي مؤشر علي وحدة المسلمين والأقباط, وتكاتفهم من أجل خروج البلاد من التحديات التي تواجهها. وقد كانت زيارة فضيلة الإمام الأكبر د.أحمد الطيب شيخ الأزهر للبابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية للتهنئة بالعيد, علامة علي مدي التوافق بين القيادات الدينية في مصر, ويبقي أن يظهر هذا التوافق والوفاق بين المصريين جميعا مسلمين ومسيحيين. إن أعياد المسيحيين هي أعياد للمسلمين في مصر, وأعياد المسلمين هي أعياد للمسيحيين, ولذلك فإنه لا يجب الالتفات إلي الآراء الفردية التي دعت إلي عدم التهنئة بعيد الميلاد, لأن هذه الآراء والمواقف لا تلزم إلا أصحابها. ثم إن عيد الميلاد فرصة للتطلع إلي المستقبل ونسيان الأخطاء غير المقصودة والتجاوز عن الصغائر, مع الاصرار علي محاسبة مرتكبي الجرائم ضد الكنائس والمتظاهرين, فإن أفضل ما يمكن أن نعمل علي تحقيقه في هذا اليوم المجيد هو أن يشيع المصريون جميعا جوا من المحبة والتضامن والثقة تساعدهم علي مواجهة جبال المشكلات التي تعترض طريقهم نحو الديمقراطية والحرية والتقدم. وبصراحة,فإن الوطن مازال يفتقد مثل هذه الروح التي لا بديل عنها حتي نتخلص من كل شرور الطائفية والمذهبية والفتن. إن المطلوب أن تشارك جميع القوي والتيارات من شتي التوجهات في قداس عيد الميلاد المجيد, وأن تظهر أمام المصريين والعالم موحدة في تصميمها علي وأد الخلافات الطائفية حتي إن كانت مختلفة سياسيا. المطلوب أيضا أن يتسع مقر الكاتدرائية لجميع التيارات حتي ولو كان هناك اختلاف معها, فهذه لحظة يجب أن يستغلها المصريون لكي يقولوا للعالم إن عيد الميلاد المجيد هو عيدنا جميعا مسلمين وأقباطا.