تأهل كلية الاستزراع المائي بالعريش لجائزة مصر للتميز الحكومي    جدول مواقيت الصلاة فى الإسكندرية ومحافظات الجمهورية غداً الخميس 23 أكتوبر 2025    أسعار الذهب اليوم الاربعاء 22-10-2025 في محافظة الأقصر    محافظ الغربية يتابع أعمال رصف وتطوير طريق حصة آبار ببسيون    مصر تُصدر 150 ألف متر مكعب من الغاز المسال إلى تركيا لصالح توتال إنيرجيز    الجالية الفلسطينية في الاتحاد الأوروبي ترحب بزيارة الرئيس السيسي إلى بروكسل للمشاركة في القمة المصرية الأوروبية    وزير الإسكان: تخصيص 408 قطع أراضٍ تم توفيق وضعها للمواطنين بمنطقة "الرابية"    السيسي: أوروبا لم تتأثر بشكل كبير بتداعيات الهجرة غير الشرعية بفضل جهود مصر في هذا المجال    الائتلاف الحكومي بإسرائيل يسقط مقترح تشكيل لجنة تحقيق بأحداث 7 أكتوبر    في مؤتمر صحفي مع نتنياهو.. فانس: متفائل باستمرار وقف النار بغزة ولدينا عمل كبير    "الأونروا": يجب فتح جميع المعابر إلى غزة مع ضرورة أن تكون المساعدات غير مقيدة    الريال ضد برشلونة.. رافينيا يستعيد عافيته قبل الكلاسيكو    الهلال الأحمر المصري يطلق قافلة «زاد العزة .. من مصر إلى غزة»    الداخلية السورية تكشف تفاصيل تنفيذ عملية أمنية بمخيم الفردان في إدلب    القنوات الناقلة لمباراة بايرن ميونخ وكلوب بروج في دوري أبطال أوروبا    بيراميدز ينافس على جائزة أفضل نادٍ إفريقي في جوائز كاف 2025    ترتيب دوري أبطال أوروبا قبل مباريات اليوم الأربعاء 22 أكتوبر 2025    بيراميدز يواجه التأمين الإثيوبي ذهابا وإيابا في القاهرة    نجم يوفنتوس: مبابي أفضل لاعب في العالم    حريق هائل في فيلا بالتجمع الخامس.. و4 سيارات إطفاء تحاول إخماده    على خطى «لصوص لكن ظرفاء».. اعترافات المتهمين ب«سرقة ذهب» من فيلا التجمع    فتح باب التقديم لحج الجمعيات الأهلية ببني سويف حتى 6 نوفمبر المقبل    إحالة أوراق سائق إلى المفتي لاتهامه بالقتل العمد وتشكيل عصابة مخدرات في الخانكة    القبض على المتهم بقتل طليقته أمام مدرسة في مدينة السادات بالمنوفية    من تعامد الشمس على رمسيس إلى كرامة المصريين.. أسامة كمال: لن يستعلي على مصر لا فرد ولا دولة    مدبولي: العمل على قدم وساق لتنظيم احتفالية افتتاح المتحف المصري الكبير مطلع نوفمبر    طقس جميل وزيارات سياحية رائعة بمعابد الأقصر والكرنك ومقابر الملوك.. صور    بيحبوا يكسروا الروتين.. 4 أبراج لا تخشى المخاطرة وتحب انتهاز الفرص    نائب وزير الصحة يتفقد جاهزية الخدمات الطبية والطوارئ بميناء رفح البري    هيئة التأمين الصحي الشامل تتعاقد مع 3 مراكز طبية جديدة وترفع عدد الجهات المعتمدة إلى 505 حتى سبتمبر 2025    دبلوماسي روسي سابق: النزاع مع أوكرانيا قائم على خلافات جوهرية    خلال 24 ساعة.. ضبط قضايا اتجار في العملات الأجنبية بقيمة ما يزيد على 11 مليون جنيه    حملات مرورية .. رفع 34 سيارة ودراجة نارية متهالكة    موعد مباراة بايرن ميونخ وكلوب بروج فى دوري الأبطال والقنوات الناقلة    جوائز كاف - بيراميدز ينافس صنداونز على أفضل ناد.. وغياب الأهلي والزمالك    22 أكتوبر 2025.. تباين مؤشرات البورصة المصرية بمستهل التعاملات    وزيرة التضامن تفتتح حضانة «برايت ستارز» بمدينة حدائق العاصمة الإدارية    مفتي الجمهورية: الله تولى بنفسه منصب الإفتاء وجعله من وظائف النبوة    فن مصري أصيل.. تفاصيل حفل افتتاح المتحف المصري الكبير    وزير الأوقاف يهنئ القارئ الشيخ الطاروطي لاختياره أفضل شخصية قرآنية بموسكو    «رويترز»: متحف اللوفر يفتح أبوابه للمرة الأولى بعد عملية السرقة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاربعاء 22-10-2025 في محافظة الأقصر    بعد انتهاء فترة الطعون.. الهيئة الوطنية للانتخابات تعلن أسماء المرشحين غدا    «طفولتها حقها».. حملة قومية لمواجهة زواج الأطفال    رئيس جامعة أسيوط يرأس اجتماع لجنة متابعة مشروع مستشفى الأورام الجامعي الجديد    «اللبّ السوري» كنز غذائي متكامل.. تعرف على الفوائد الصحية    وزير المالية يؤكد ضرورة تفعيل أدوات التمويل الدولية المبتكرة والميسرة    حكم القيام بإثبات الحضور للزميل الغائب عن العمل.. الإفتاء تجيب    حبس الطالب المتهم بقتل زميله بمفك فى الرأس فى الدقهلية 4 أيام    حسن موسى يكشف سبب استبعاد بعض الأعضاء من التصويت ويوضح مستجدات ملعب الزمالك    مجلس الكنائس العالمي يشارك في احتفال الكنيسة المصلحة بمرور 150 عامًا على تأسيسها    بحضور المتحدث الرسمي للخارجية.. مناقشة "السياسة الخارجية والأزمات الإقليمية" بجامعة بنى سويف    تعليم المنوفية تكشف حقيقة غلق مدرسة الشهيد بيومي بالباجور بسبب حالات الجدري المائي "خاص"    سماء الفرج    موعد شهر رمضان المبارك 1447 هجريًا والأيام المتبقية    حين يتأخر الجواب: لماذا لا يُستجاب الدعاء أحيانًا؟    احتفال وطني بذكرى أكتوبر في كلية الحقوق جامعة المنصورة    سعر الذهب اليوم الأربعاء 22-10-2025 بعد انخفاضه في الصاغة.. وعيار 21 الآن بالمصنعية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صاحب الهمس الحبيب
نشر في الأهرام اليومي يوم 10 - 09 - 2013

حين ارتفعت أسوار الزهق حول الروح, لم يعد هناك قدر من الصبر علي نظام المتأسلمين الساقط بفعل الجمود وإصراره علي المقاومة اليائسة بتدمير
أي جميل في حياتنا, وتأجيره لمرتزقة بلا أمل يتجمعون في بعض الشوارع مرددين هتافات بائسة تكشف عن عمق جهلهم بما حمله الثلاثين من يونيو والسادس والعشرين من يوليو, وفوجئت بسطور بدت كفأس قوي يضرب جدار الزهق فيلقيه بعيدا عن الروح, جاء كتاب مستقبل الثقاقة في مصر لطه حسين في طبعة جديدة فأجلس إليه قارئا كلمات من قال لمتظاهرين مستأجرين من خصومه ليهتفوا ضده أحمد الله أن جعلني أعمي كيلا أري وجوهكم, ويحدثني طه حسين هذا الذي بدا وكأنه فيض نور جاءنا ليزيدنا بصيرة سبق وأن زود بها أجيالا سبقتنا.
أملي طه حسين كتابه هذا عام1938 بعد معاهدة1936 التي دفعت حلم استقلال مصر عن إنجلترا بضعة خطوات في طريق الواقع, فبدلا من وجودنا كمحمية بريطانية صرنا دولة يمكن أن نتدارك بها بعضا مما فاتنا بعد احتلال إنجلترا لنا عام1882. جاء الكتاب بكلمات كموسيقي الهمس المتنبئ بفنون صناعة المستقبل. وبفهم العملاق طه حسين أن التاريخ لا يعيد نفسه لكن بعض المواقف تتشابه, ويبقي من أي بشارة بنصر قديم; ضوء شمعة في ميلاد النصر القادم, واستقبلت عيوني سطور المقدمة الحديثة بقلم جابر عصفور تلميذ سهير القلماوي التي كانت أثيرة لقلب وبصيرة طه حسين, والتي أسست بآداب القاهرة مدرسة في التلقي تعتمد علي الدراية بجانب الرواية, فمن المهم أن تعرف روايات التاريخ, ومن المهم أن تجيد التقاط خيوط تنسج منها قدرتك الخاصة علي تمحيص التاريخ كي تتقدم إلي الأمام. وتلقي جابر عصفور من أستاذته تلميذة طه حسين فنون تفكيك التاريخ وإعادة ترتيب الجدوي منه ليقدم نسيجا محكما من فهم النقد كأداة للغوص في أي نص أدبي كي يستطيع القارئ امتلاك موسيقي الروح من النص الأدبي. ويكشف للقارئ جوهر الكتاب ومن قام بتأليفه, فهاهو طه حسين يطلب أن يتعلم المصري منذ ميلاده قيمة الوجود في وطن يحيا فيه, وأن يستوعب العالم المحيط بنا, وبالحضارات التي مرت علينا, لأن الكون ينتظر منا ميلادا جديدا يردم هوة العجز الإنساني عن تحقيق هدف عدم استنزاف الإنسان لأخيه الإنسان, وأن يعي كل منا أن وجوده في الكون هو للإضافة لا للخصم, فإذا كان الاستعمار هو خصم من كرامة البشر والأرض, فمقاومة الاستعمار تتطلب رفض وضع القطيع الفاتح فمه دهشة من فرط رؤيته لتقدم المستعمر, والفكاك من أسر هذا المستعمر لا يطلب الغرق في إستحلاب ما كان لنا في سابق العصر والزمان من معجزات, بل نستوعب ما مضي بتمحيص; وفرز للتحضر المطل علينا من الغرب لا لنشعر بالدونية أمامه ولكن برؤية ما يمكن أن نستفيد به من علومه. والإبداع لا يعني أبدا الاستسلام إلي الاتباع, والاتباع هو القضية الموجودة بذاتها في صورة المتأسلمين الذين أسسوا تيارا يقيم وجوده علي جوهر شاذ; يتسلق عقارب الزمن مطالبا إياه بالعودة قرونا إلي الوراء, مستجلبا خلال مقاومة عقارب الزمن ما روي من قديم الفتاوي التي تحلل وتحرم, دون أن تتأمل لتتفقه.
ومع سطور المقدمة والكتاب يمكن أن نري قيمة صدوره وقد تحررنا بما دفعناه من ألم ودم, في السنوات الاربعين الماضية; حين خرج من جحور التزمت تيار إدعاء التأسلم, ليفرغ رصاصات القتل في صدر السادات بعد عشر سنوات من إفراجه عنهم. وكان نمو هذا التيار هو ابن لغياب الأمل عن مهمة إبداع المستقبل, لأن الرأسمالية المتوحشة قد قامت بمحاولة تقزيم مصر بأسوار من معونات تفرغ الواقع من حيويته, وتجعله لاهثا وراء إنتاج ما يطلبه كل دولار نتلقاه كمعونة, فأصاب الإرهاق العديد من المصريين, ليدفعهم إلي الغياب عن الواقع بالإنغماس في فهم منقوص للدين. ويكفي أن نتذكر ملامح كرستوفر وزير خارجية الولايات المتحدة الأسبق وهو يحاضر في جامعة بيل منذ سنوات كل دولار نقدمه كمعونة لغيرنا, يصطاد أربعة دولارات أخري علي الأقل سواء كتكلفة لتحقيق مصالحنا وأماننا أو للترويج لما ننتج. وحدث التلاقي بين الغرب وبين جماعة المتأسلمين ليأخذ من سبقهم للحكم وسيلة يحقق ما يصبو إليه من تحقيق حلول لمشكلات يعاني منها هذا الغرب, فقام المتأسلمون بستار ديمقراطي في الشكل, شديد الاستبداد في المضمون, ليجعل من الاتباع جوهرا يفرضه علينا دون أن يكون لنا حق الإبداع. وفوجئ الكون كله بأن المصريين هم من قرروا إنقاذ فكرة الديمقراطية نفسها من التجارة بها عبر صناديق تزدحم بأصوات المغسولة عقولهم بأوهام حزب سياسي يتاجر بهم, هؤلاء المصريون هم من خرجوا في الخامس والعشرين من يناير لينهوا عصرا من ركود, وكتبوا نهاية لحكم المتأسلمين الذين أرادوا لنا أن ندخل قفص احتلال منخفض التكاليف للغرب, هنا خرج المصريون مرة أخري في الثلاثين من يونيو لينقذوا فكرة الديمقراطية من التدليس الذي ادعي أنه شرعي, وكانت بطاقة التمرد حمراء اللون تؤكد ألا مكان للركود أو الغياب بالغرق في بئر الاتباع الآسن, ولابد من إبداع طريق مستقبل مختلف, وجاء التوحد في نسيج قادر علي القتال بالأمل في السادس والعشرين من يوليو ليقول لقائد الجيش مادمت قادرا علي حراسة أحلامنا فلنحققها معا. ومع سطور الكتاب ورؤاه, يتبدد الزهق ليمنحك طاقة إصرار علي صناعة مستقبل لا رضوخ فيه.
لمزيد من مقالات منير عامر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.