لا نبالغ إذا قلنا أن الاقتصاد المصري قد دخل مرحلة حرجة, فمعدل البطالة بين الشباب قد بلغ- بحسب التقديرات الرسمية- حوالي28 % بين الشباب و50 % بين الإناث..3500 مصنع توقف عن العمل بسبب الظروف الراهنة.. الديون الخارجيه بلغت5 مليارات دولار. فيما بلغت الديون الداخلية نحو1300 مليار جنيه(200 مليار دولار), أما عجز الموازنة فقد بلغ حتي30 يونيو الماضي نحو230 مليار جنيه, فيما بلغ العجز في ميزان المدفوعات نحو14.5 مليار دولار, بينما شهدت مصر نحو93 الف حالة إفلاس خلال عام2012 بلغت ديونها حوالي704 ملايين جنيه, بينما تراجع معدل النمو إلي6,2%, أما الاستثمار الاجنبي المباشر فقد تراجع إلي300 مليون دولار, بينما تراجع حجم التداول في البورصة إلي580 مليون جينه وهو رقم هزيل للغاية. وبالرغم من تلك المؤشرات الخطيرة, لم تخرج علينا حكومة الدكتور حازم الببلاوي باستراتيجية واضحة المعالم, لشرح الإجراءات التي يمكن اتخاذها لعبور هذه الأزمات الاقتصادية, ولم تعلن الحكومة عن خطتها للتعامل مع القروض والمعونات التي حصلت عليها مصر من الدول العربية الشقيقة, والتي تقدر بنحو12 مليار دولار(5 مليارات دولار من المملكة العربية السعودية, و4 مليارات دولار من الكويت, بالإضافة إلي3 مليارات دولار من دولة الإمارات العربية). الأوضاع الاقتصادية في ظل الظروف الأمنية والسياسية الحالية والكلام هنا للدكتور سمير رياض مكاري أستاذ الاقتصاد بالجامعة الأمريكية- ليست مستقرة كما هو واضح للجميع, وتلك الظروف التي تمر بها البلاد لا تنتج اقتصادا قويا, كما أن الإستثمار لن يتحقق في دول تعاني من عدم الاستقرار السياسي وغياب الأمن.. أما الحصول علي قرض في ظروف معينة لا يمثل مشكلة, بشرط وجود خطط واضحة المعالم لاستغلال هذا القرض, وتحديد طريقة سداده, أما الاقتراض بدون خطة فهو يشكل خطورة كبيرة علي الاقتصاد المحلي. خطة الإنقاذ وإذا أردنا وضع خطة لإنقاذ الاقتصاد المصري, فلابد من رفع كفاءة أداء القطاعات الإنتاجية, وهذا يتم من خلال إعادة تنظيم هذه القطاعات ووضع سياسة واضحة المعالم لإستثمار كافة الموارد الاستغلال الأمثل, فضلا عن ضرورة تفعيل دور القطاع الخاص ورفع الكفاءة الإدارية وخلق فرص عمل منتجة, كما أنه لابد من الاهتمام ب5 قطاعات قادرة علي تعظيم الموارد في الأجل القصير وهي البتروكيماويات وهو قطاع واعد ومنتج, والقطاع السياحي, والسلع الغذائية وما يرتبط بها من إنتاج سلع زراعية يمكن تصديرها للخارج بعد توفير احتياجات السوق المحلية, فضلا عن قطاع صناعة الأسمدة, والأسمنت, والتي تعتمد علي الغاز الطبيعي كمورد موجود في مصر بتكلفة منخفضة, وهذه القطاعات قادرة علي الإنتاج بما يفوق حاجة السوق المحلية, ومن ثم التصدير للخارج.. وعلي ذلك, يجب إعادة تشغيل المصانع التي توقفت عن العمل في أعقاب ثورة25 يناير وما بعدها, فأكثر من20% من المصانع معطلة, وهناك خسائر مستمرة للطاقة الإنتاجية, بسبب عدم القدرة علي حل المشكلات السياسية والأمنية والاعتصامات. تعظيم الموارد وبالرغم من خطورة الوضع الاقتصادي لمصر حاليا- والكلام للدكتور عادل عامر- رئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية- إلا أن هناك بارقة أمل يمكن أن تتحقق, إذا ماعادت عجلة الإنتاج للدوران, واستتب الأمن وساد الاستقرار السياسي, وإذا ما بدأت الحكومة التحرك نحو الإدارة السليمة والرشيدة للموارد, وتفعيل دور القطاع الخاص في النهوض بالاقتصاد من خلال الدعم الحكومي عبر توفير البيئة والتشريعات اللازمة لذلك, ومن ثم يجب علي الحكومة العمل علي تقليص العجز وإعادة ترتيب أولويات الإنفاق الحكومي, ومساعدة القطاع الخاص علي زيادة التوظيف والتشغيل, والتغلب علي مشكلاته السابقة والمشكلات المستجدة الناتجة عن حالة الفزع والخوف نتيجة الإضطرابات المستمرة في الشارع. رؤية اتحاد الصناعات ولم يترك اتحاد الصناعات تلك الأوضاع, دون أن يسهم في طرح رؤيتة من أجل تحقيق التنميه الشاملة للاقتصاد المصري, والتي تتضمن عدة محاور, يتحدث عنها محمد البهي عضو هيئة مكتب اتحاد الصناعات ورئيس لجنة الضرائب باتحاد الصناعات بقوله إن المحور الأول لهذه الرؤية يقوم علي ضرورة تعديل البنية التشريعية, من خلال إعادة النظر في نصوص الدستور, علي أن يتضمن فصلا كاملا عن الاقتصاد, يتضمن التأكيد علي هوية الدولة الاقتصادية, وذلك علي أن ينص صراحة علي الأخذ بنظام السوق, وكذلك التأكيد علي أن تضمن الدولة حق المستثمر الوطني والأجنبي, وإلغاء جميع العقوبات المقيدة للحريات علي التعاملات التجارية وأن تحترم الدولة اتفاقية العهد التي وقعت عليها مصر في الأربعينات من القرن الماضي, وعدم النص علي فقرات تلمح أو تصرح بالتأميم حتي وإن كان بدعوي الصالح العام الذي لا نعلم كيف يتم تقديره, وعدم التسرع في إصدار قرارات أو قوانين إلا بعد دراسة متأنية وإستشارة المتخصصين, وكذلك عدم إرسال رسائل سلبيه للمستثمرين من خلال إصدار بعض القرارات والقوانين, دون مراعاة الجانب السلبي لها مقارنة بالعائد منها, وكذلك اختيار التوقيت المناسب لإصدارها مراعاة للظرف الراهن, كما يجب تنقية وتعديل قوانين العمل لإحداث توازن بين حق العامل وصاحب العمل, إلي جانب ضرورة تنظيم الاعتصامات والإضرابات والتي اصبحت تصيب كثيرا من القطاعات الصناعية بالشلل التام, والتي تتضمن مطالبات غير منطقية مثل المطالبة بتوزيع أرباح مستقبلية لمؤسسات تحقق خسائر فعلية او إقالة مجالس إدارات الشركات, وإعادة النظر في قانون التأمينات لضمان حقوق العمال, وكذلك ضرورة دمج الاقتصاد الموازي في الاقتصاد الرسمي, و تفعيل نظام الشباك الواحد والربط بين الوزارات والإدارات المختلفة. دوامة القروض القروض التي حصلت عليها مصر كما يقول الدكتور حمدي عبدالعظيم رئيس أكاديمية السادات سابقا- تقدر بنحو12 مليار دولار, منها3 مليارات دولار دعم وقود للقضاء علي مشاكل الطاقة في مصر, و3 مليارات منحا لا ترد, أما ال6 مليارات دولار الأخري فهي تمثل ودائع بدون فوائد في البنك المركزي, وقد ساهمت هذه القروض في توفير الدولار بالبنوك وشركات الصرافة, وانخفض سعره بالأسواق.. غير أننا لا نعرف حتي الآن أين ذهبت هذه الودائع, ولا أوجه إنفاقها أو استثمارها, وكان يجب علي البنك المركزي أن يعلن بوضوح وشفافية, أوجه استخدام هذه الاموال, واستخدامها في زيادة الانتاج, وزيادة القدرات الاقتصادية للبلاد حتي لا تظل مصر معتمدة علي المعونات والقروض بشكل مستمر, لانه حسب العرف المصرفي, يجب استثمار الودائع بهدف زيادة القيمة المضافة, وخلق فرص عمل, وزيادة حصيلة الدولة من النقد الاجنبي ويجب أن يطمئن المواطن إلي أوجه انفاق هذه الأموال, والتي لا مفر من استثمارها حتي لا يتعرض الاقتصاد المصري لمشاكل في المستقبل, وألا يظل معتمدا علي المنح والقروض, والتي من نتائجها الوقوع تحت التبعية الاقتصادية, والسقوط في فخ المديونية, والدوران في حلقة مفرغة لسداد الديون وفوائدها, وحدوث الأزمات الاقتصادية في مجالات السلع التموينية وأزمات الوقود والطاقة, وحدوث عجز مستمر في الخامات, ومستلزمات الإنتاج علي فترات متقاربة, فضلا عن توقف خطط الصيانة والإحلال والتجديد في مرافق الخدمات العامة, كما يجب تنمية الاستثمار,, وزيادة الانتاج المحلي والاستثمار في الغذاء, لأنه يمثل قضية أمن قومي, ولا يجب أن نضع أنفسنا تحت رحمة الأجانب. حلول مطروحة وإذا كانت هذه هي المشكلات التي يعانيها الاقتصاد المصري, فإن الحل في رأي الدكتور حمدي عبد العظيم يكمن في ضرورة وضع خطة للنهوض بالاستثمارالزراعي, والانتاج الحيواني, والداجني, والسمكي, وتصنيع المنتجات الزراعية, لتوفير احتياجات السوق المحلية والتصدير, كما يجب وضع سياسات زراعية محفزة للفلاحين من خلال إعلان مبكر لأسعار استلام المحاصيل.. والتعجيل بتطبيق نظام الدورة الزراعية, والاستثمار في الصناعات كثيفة الاستخدام للأيدي العاملة مثل صناعات الغزل والنسيج والملابس الجاهزة, والتي وصلت إلي أسوأ حالاتها في الوقت الحالي, وكذلك يجب الاهتمام بالصناعات الصغيرة والمتوسطة والنهوض بها, وتخصيص قروض بدون فوائد لشباب الخريجين من المنح بدون فوائد التي حصلت عليها مصر مؤخرا بدلا من تكديسها بالبنوك, والسماح للقطاع الخاص بالمشاركة في شركات قطاع الأعمال العام بنسبة49% حسب القانون203 لسنة1991 للتوسع في الإنتاج وتوفير فرص عمل, وتحقيق فائض للسوق المحلية والتصدير للسوق العالمية,ومن أولويات الإنفاق تحقيق الاقتصاد الاجتماعي متمثلا في حل مشاكل سكان العشوائيات وسكان المقابر من خلال تخصيص مبالغ من المنح والمساعدات العربية والأجنبية التي ترد علي مصرلتصبح هذه المساكن آدمية, ومنع البناء علي الأراضي الزراعية وإزالة كل التعديات التي حدثت عليها بعد ثورة52 يناير وما بعدها.