بدأ الجيش النيجيري حملة عسكرية تعد الأعنف من نوعها منذ 2009, ضد معاقل حركة "بوكو حرام" الأصولية المتشددة التي يشتبه في انتماء مسلحيها لتنظيم القاعدة بهدف القضاء عليهم وإضعاف قوتهم بما يحول دون استمرار استهدافهم للأبرياء, وذلك عقب رفض الحركة للعفو ومحادثات السلام التي لم يقدر لها أن تري ضوء الشمس. ولا شك أن الرئيس النيجيري مد يده في البداية بالسلام لبوكو حرام تحت ضغوط شديدة من الساسة في الشمال, وخاصة من السلطان سوكوتو, الذي يعد الرجل الأقوي في هذا الجزء من نيجيريا الذي يعاني من أعمال العنف المتزايد علي أيدي مقاتلي تلك الحركة. وبالفعل أمر جوناثان بتشكيل لجنة من 28 عضوا أطلق عليها اسم' لجنة الحوار والتسوية السلمية للتحديات الأمنية بالشمال', حيث طلب منها بحث الأطر الممكنة لإصدار عفو عن أي من عناصر الحركة ممن يقررون العدول عن العنف. وفي الحقيقة لم يحظ عرض الرئيس الرئيس النيجيري بشأن العفو عن أفراد الحركة حالة رغبتهم الجادة في إلقاء السلاح ونبذ العنف سوي بالغطرسة لا سيما من زعيم الحركة أبو بكر شيكاو, المدرج علي قائمة الإرهاب بالولايات المتحدة, حيثه ذهب الرجل إلي أن تحدث الحكومة النيجيرية عن منح أفراد جماعته عفوا يعد من قبيل المغالطة, فهو يري أن عناصر' بوكو حرام' لم ترتكب من الأخطاء ما يستحق العفو بسببه, مؤكدا أنه غير مكترث بالعرض الخاص بهذا العفو, وكأن إراقة الدماء وقتل الأبرياء لا يمثل خطأ من أي نوع من منظوره ومن منظور مقاتليه. والأنكي أن شيكاو ذهب إلي أن الحكومة النيجيرية هي من ينبغي عليها أن تطلب العفو من بوكو ومسلحيها بسبب الفظاعات التي ارتكبتها بحق المسلمين في الجزء الشمالي من نيجيريا, وهو ما جعل أعضاء الجماعة يبدون وكأنهم ينصبون أنفسهم أوصياء علي المسلمين في نيجيريا ويتحدثون باسمهم رغم أن حصيلة الضحايا من القتلي الأبرياء التي وقعت علي أيديهم والتي بلغت أكثر من 3500 شخص لم تخل من عدد كبير من المسلمين, كما أن الجزء الأوفر من أعمال العنف يقع في الشمال, والأمرالثاني يتمثل في محاولة الحركة تقويض مفهوم الدولة. وفي خضم الرفض القاطع من' بوكو حرام' ليد الحكومة النيجيرية الممدودة لهم بالسلام لم يجد الرئيس النيجيري بدا من اللجوء إلي الخيار العكسري ضد معاقل الحركة, وخاصة عقب حالة غير مسبوقة من الاستياء والغضب الشعبي, ومن المؤكد أن أي خيار له سلبياته, حيث أدي العمل العسكري ضد معاقل بوكوحرام إلي نزوح الآلاف من النيجيريين إلي دولتي النيجر والكاميرون المجاورتين فرارا من استهداف وعنف عناصر الحركة ضدهم وهربا من الانتهاكات الفجة لحقوق الإنسان التي مارسها الجيش ضدهم, وهو ما دعي وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إلي التحذير من مثل هذه الخروقات الحقوقية. والان يصعب التكهن بنجاح تلك العمليات العسكرية للجيش النيجيري في القضاء علي عناصر بوكوحرام تماما وقطع دابرهم, إذ أنها ليست المرة الأولي من نوعها التي تلجأ فيها الحكومة النيجيرية للخيار العكسري.