في9يونيو عام1967 خرج جمال عبد الناصر يعلن مسؤليته عن هزيمه1967 وتنحيه عن السلطة وعودته لصفوف الجماهير , وبعد لحظات خرج الشعب المكسور رافضا التنحي مصمما علي النصر.. وبعدها احتار العالم في فهم ماحدث بل إن احدي المجلات الفرنسية فردت صفحتين لمشهد رقص احد نواب مجلس الأمة وقتها ابتهاجا بعودة ناصر, كان هذا الدرس التاريخي صناعة مصرية خالصة للعبرة والتأسي يمكن تكراره يوم خرج الدكتور مرسي في خطاب الشرعية الذي قسم البلد بدلا من احتواء الغضب, بل وحتي إذا كانت هناك مؤامره ضده ذلك ان الرجل وجماعته راهنا منذ البداية علي الاحتماء بالجيش, وظنوا ان السيسي سيظل مدينا لهم بتعيينه قائدا للجيش واخترعوا مبررات بان جذور الرجل إخوانية وانه عند الواقعة سينضم للجماعة وليس للوطن, بل ان احد الإعلاميين ظل أسابيع يهاجم السيسي قبل عزل طنطاوي وعنان وبعد اختياره أقام حفلات السبق الاعلامي( تبدل الحال فيما بعد180 درجة) وبعد عزل مرسي بساعات أتيحت للجماعة فرصة أخري عندما خرج المرشد الدكتور بديع من علي منصة رابعة وبدلا من أن يستعين بتراث الجماعة الطويل في تحويل المحنة لمنحة أضاع فرصة ذهبية سيحاسبه التاريخ بقسوة عليها, وبث لأنصاره خيارين لا ثالث لهما عودة الرئيس أو الشهادة طبعا في سبيل مرسي وليس في سبيل الله. ولم يتذكر مافعله عبد الناصر, بل هذا الموقف الرائع للراحل عمر التلمساني في حواره مع السادات عندما أغلظ له الرئيس في القول فقام بشكوته الي الله علي الهواء مباشرة لان ذهن الرجل كان صافيا وحاضرا ولم يكن يحتمي لا بالجيش ولا بأمريكا, وفي ثانية واحدة كسب الرجل الموقف ليس أمام السادات ولكن أمام الله والشعب, وكان يمكن للمرشد الدكتور بديع ان يخرج ليقول للناس إنهم أصحاب دعوة وانهم حاولوا ان يخدموا شعبهم ولم يحصلوا علي الوقت الكافي وان التجربة السياسية في بلد بحجم مصر أكبر من خبرة اي فصيل سياسي, وانهم إذا كانوا قد نجحوا عند القاعدة مع الناس فان التجربة عند القمة لم تكن ناجحة وانهم سيعودون لقواعدهم ويتمنون للسلطة الانتقالية ان تسرع بالانتخابات, وانهم سيشاركون بقوة في الانتخابات البرلمانية ولن يشاركوا في الانتخابات الرئاسية هذه الدورة كان هذا الموقف العاقل سيحفظ للجماعة هيبتها ووجودها وشعبيتها, وربما خرجت الجماهير تطالب بما طالبت به عبد الناصر منذ أربعة عقود, ثم جاءت الفرصة الثالثة عندما أصبحت القاهره تستقبل كل24 ساعة وفودا ومبادرات محلية وعربية ودولية ولكن الصلف والاستكبار والغرور أضاعت آخر ما تبقي للجماعة في الضمير المصري كجماعة دعوية واصلاحية فشلت في تقديم المشروع الإسلامي علي الأرض وسط الناس بتسامحه وعدله ونقائه وبدلا من كسب أنصار جدد أضافوا لخصومهم وأعداء المشروع الإسلامي أعداء جددا, وبدت القيادة الراهنة للإخوان أنها لم تستفد من تراث الجماعة ولا من التجارب القريبة كتجربة حزب الرفاه التركي بعد أن أزاحه اربكان فحول أردوجان المحنة الي منحة. وفي خلال سنوات بسيطةقدموا تجربة سياسية ناضجة أدهشت أعداءهم قبل أصدقائهم ولم تستفد الجماعة مما حدث للإسلاميين في الجزائر أو مع حماس وظنوا انهم ماكثون في الحكم, وغابت عنهم ابسط السنن الإلهية ان أرادة الله لا تخضع لقواعد المرشد أو المخابرات الأمريكية, وأنا هنا لم اضرب اي أمثلة من التاريخ الإسلامي لأننا إزاء خلاف سياسي وليس دينيا واذكر أنني قدمت حلقة تليفزيونية عن الراحل عمر التلمساني فقامت الدنيا من بعض قيادات الإخوان وكأني حين مدحت التلمساني كنت اسبهم, وخلاصة الأمر ان جماعة لا تتعلم من تراثها والتاريخ القريب والبعيد وتفشل في فقه المواءمات وإصلاح نفسها من الداخل كما فعل أردوجان في تركيا غير جديرة بإدارة بلد بحجم مصر مع إصرار من جانبها علي الاستمرار فيما تسميه لعبه العسكر دون ان تشير الي ان طرف اللعبة الثاني اسمه حرامية! ببساطة إذا ظل المصريون يستأصلون ويشيطنون بعضهم عقب كل نظام فستصبح القاهرة عاصمة جهنم. مهم جدا في الدستور الجديد إلغاء الرشاوي السياسية كمجلس الشوري وال50%عمال وفلاحين وإعادة اسم الشعب للبرلمان ليصبح مجلسا للشعب وليس للنواب. اي إساءة إخوانية للمصري المحترم السيسي إدانة لهم لأن رئيسهم هو الذي اختاره. كثره الطباخين في المفاوضات دمر المطبخ وأتلف الطبيخ وسمم الزبائن. كان ديجول أعظم من حكم فرنسا وايزنهاور افضل حاكم لأمريكا ولم يقل احد عنهما حكم العسكر. الآن فقط تأكدنا من شروط الحصول علي نوبل! لم يتبق من النهضة إلا اعتصامات وحمامات شعبية في حديقة الأورمان واكوام الزبالة في رابعة. لعبة إضاعة الوقت ليست في مصلحة من يراهنون عليه ولن يؤدي إلا للمعادلة الصفرية باستئصال الجماعة أو الشعب. إذا كثرت المبادرات تأكدت ان المشكلة مفتعلة. مد الله في عمر مبارك ليري ثأره فيمن ظلمه ويكشف للشعب العملاء الحقيقيين لأمريكا. كان المطلوب تمصير الإخوان وليس أخونة مصر. في إعلامنا تتم صناعة العملاء لكي تيمتدح وطنيتهم بعد ذلك. عندما تصبح المصادر الإسرائيلية أكثر ثقة عند الإخوان ووسيطهم قطر وراعيهم البيت الأبيض فليس عليهم حرج. عندما كان مرسي القائد الاعلي كان الجيش عظيما ورائعا ورجاله من ذهب, وعندما عزلوه اصبح جيش الخيانة ولم يعد رجاله خير جنود الأرض. سوف تكون قناه الجزيرة اهم مستند في محاكمات قيادات الإخوان فيما يخص التحريض والإرهاب واستدعاء الخارج. لمزيد من مقالات سيد علي