يعجز القلم عن وصف المشاعر الروحانية التي تنتاب الإنسان وهو في حضرة خالقه وفي بيته الحرام, وأمام الكعبة المشرفة, وهذه الجموع الغفيرة تطوف حول الكعبة أو تسعي بين الصفا والمروة, في العشر الأواخر من رمضان, ما بين باك ندما علي نزوات النفس الأمارة بالسوء, وآخر مشرق الوجه, برؤية بيت الله الحرام, داعيا ربه ان يتقبل منه الصلاة والصيام وصالح الأعمال, ليس هناك من مكان في الدنيا بأسرها تشعر فيه بالراحة النفسية العميقة, والانسداد الي الباري عز وجل, بطمأنينة وسكينة, تتنزل علي قلبك ماء عذبا سلسبيلا, مثل الجلوس في جنبات البيت العتيق, ففي رحاب بيت الله هذا, وقبلتك الكعبة المشرفة أول بيت وضع للناس. وقد رفع إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام القواعد. تتذكر انك في مهبط الوحي, حيث تنزل القرآن الكريم علي النبي, صلي الله عليه وسلم تنزيلا,, وتتذكر ان هذه الساحات المباركة, وسامقات مكةالمكرمة ورواسيها وهضابها ووهادها, قد شهدت أهم الرسالات السماوية, وأخطر, وأشرس صراع بين الكفر والايمان, وفي هذه الأماكن المقدسة تجلت أسطورة الرعيل الأول من الصحابة, رضوان الله عليهم جميعا. هنا وتحت أستار الكعبة المشرفة, كان يجلس رسول الله صلي الله عليه وسلم, يبشر بالدعوة, دون خوف أو وجل, وحينما تعرض للأذي بقي صلبا, قويا بيقينه وايمانه.. سمحا, متسامحا لا يحقد علي قومه اللهم اهدي قومي فانهم لا يعلمون. وهنا صدع صوت الحق قرآنا يتلي, وآذانا يرفعه بلال, ودعوة إلي الحق تسير مع الركب, مع القوافل والدعاة, فتصل الحبشة واليمن, ويثرب, لتكسر بعده الأسوار والحواجز, وتقتلع الطغاة بعد بدر وأحد والخندق, ثم ليكون الفتح العظيم. وهنا سجل الإسلام أول انتصاراته, بثبات الرسول وصحبه.. علي الحق, وهم يحملون مشاعل الإسلام العظيم, لا تقوي وأنت تتجول في شوارع مكةالمكرمة, وتتنسم عبق الوحي والنبوة والرسالة في غاري ثور وحراء, الا ان تسجد لله,الذي يسر لهذه الأمة الإسلام العظيم, فجعلها خير امة أخرجت للناس, بعد ان كانت قبائل متناحرة متنابذة متقاتلة. وارتفعت أصوات المعتمرين المصريين في العشر الأواخر وعقب صلاة الجمعة الأخيرة في رمضان بالحرم المكي, بالدعاء لمصر ان يحفظ الله شعبها وجيشها. ودعا إمام الحرم أن يحفظ الدول الإسلامية والعربية, وأن ينشر الأمن في كافة ربوع الدول الإسلامية لما فيه خير شعوبها, وهو الدعاء الذي لاقي ردود أفعال من بعض المصريين في المسجد, ورددوا بعد الصلاة أدعية لحفظ مصر والقوات المسلحة التي انحازت للشعب في ثورة30 يونيو. وتلفت نظر المعتمرين هذه العمارة الضخمة للمسجد الحرام, وهذه التوسعة الكبيرة التي تجري فيه الآن, لإضافة مسارات جديدة للطواف حول الكعبة المشرفة تحاشيا للازدحام الشديد الذي يشهده الحرم المكي, وما زال العمل يتواصل ليل نهار لإنجاز أكبر توسعة في تاريخ المسجد الحرام. وتوسعة الحرمين الشريفين في مكةالمكرمة والمدينة المنورة من الأعمال الجليلة لخدمة المسلمين وتيسير الحج والعمرة والزيارة لمن يريد من المسلمين, خدمة الإسلام والمسلمين, وضمان حسن وفاتدتهم, وتيسير أمورهم حين القدوم للأماكن المقدسة, في مكةالمكرمة والمدينة المنورة, وخدمة لضيوف الرحمن وشهد الحرم المكي ازدحاما شديدا, وامتلأت جنباته حتي الساحة الخارجية, وإن لم يكن الزحام مثل كل الأعوام السابقة, وهو ما أدي إلي انتشار المصلين من أهالي مكة والمعتمرين والمعتكفين من الداخل الذين قدموا لأداء صلاة الجمعة الأخيرة في رمضان. وحسب مسئولون بالحرم المكي فإن قرابة مليوني معتمر أدوا صلاة الجمعة الأخيرة في الحرمين الشريفين بمكةالمكرمة والمدينة المنورة اليوم, وهو ما يقل عن الأعوام الماضية بنسبة تقترب من30%, حيث أن كافة ساحات المسجد النبوي لا تجد بها أي فراغات وحتي الدور العلوي في المسجد, لكن أغلب تلك المناطق كانت فارغة هذا العام من المصلين. وعزا المسئولون تراجع الأعداد إلي التوسعات التي تجري في الحرم المكي, التي أدت إلي عدم وصول أعداد كبيرة من المعتمرين من عدد من الدول الإسلامية خاصة مصر, بالأعداد التي تأتي كل عام وخاصة في رمضان, وتقضي العشرة أيام الأخيرة منه في الحرمين الشريفين. وأكد المسئولون أن تلك التوسعات التي تعد الأكبر في تاريخ الحرم, ستضاعف الأعداد التي يستقبلها الحرم المكي إلي ما يقرب من أربعة أضعاف الأعداد التي كان يستقبلها في الأعوام السابقة.