لا تهدف المصالحة بين المجلس العسكري وشباب الثورة إلي تطييب خواطر الطرفين وتحسين صورة المرحلة الانتقالية وهي تدخل مرحلة النهاية, ولكنها تستهدف أولا, إصلاح جزء من النسيج الوطني أصابه بعض العطب, ومن الضروري إعادة تماسكه وترابطه لان التحديات القادمة خطيرة وعديدة تتطلب جهد الجميع, وتستهدف ثانيا إعادة بعض الاتزان إلي الساحة السياسية التي غاب عنها شباب الثورة الذين يمثلون قوة جديدة, ينبغي أن يكون لها وجودها إلي جوار قوي حزبية وشعبية حددت الانتخابات البرلمانية الأخيرة أوزانها ومراكزها. لكن الهدف الأهم هو استثمار هذه القوة الجديدة التي تملك عبر مواقع التواصل الاجتماعي علي شبكة الانترنت قدرة فائقة علي تجميع نفسها, وتنظيم قدراتها في حشد ضخم يمكن أن تنتظمه خطة عمل ذات أهداف واحدة, والاستفادة من هذه الطاقة, التي تتميز بالمثابرة والإصرار علي تحقيق الهدف والرغبة في التضحية لصالح الوطن في تحقيق مشروع النهضة بدلا من أن تستنزف جهدها في معارك جانبية, أو تتحول إلي قوة سلبية تهدد الاستقرار المنشود بعد قيام الشرعية الدستورية الجديدة, خاصة أن مصر تواجه مشكلات ضخمة لا يمكن أن تجد حلها الصحيح عبر أدوات البيروقراطية المصرية التي تتميز بالبطء وفقدان الهمة وانعدام روح المبادرة, وتحتاج إلي جهود هؤلاء الشباب في عمل طوعي يحقق ذواتهم ويزيد من تواصلهم مع فئات المجتمع المختلفة, وينمي داخلهم خبرة التعامل السياسي مع قاع المجتمع, ويعطيهم فرصة التدرب علي عمل سياسي جاد. ومن بين هذه المشكلات تحتل مشكلة محو الأمية الصدارة, لأنها تعوق قدرة30 مليون مصري علي التعامل مع المعارف المكتوبة وتعطل قيامهم بواجبهم الانتخابي علي نحو صحيح, وتشكل وصمة عار في جبين مصر بعد أن فشلت البيروقراطية المصرية في علاجها رغم الأموال الضخمة التي أنفقت عليها!, وإذا كان النظام السياسي القديم لم يكن متحمسا للخلاص من مشكلة الأمية لأنه لم يكن يريد مواطنا يعرف حقوقه, فان الظروف الراهنة تلزم مصر الثورة أن تتصدي لهذه المشكلة من خلال مشروع جاد يمحو أمية المصريين في غضون خمسة أعوام, ترعاه الدولة وتتكفل لموازنته التي ربما تصل إلي حدود ثلاثة مليارات جنيه بمعدل مائة جنيه للفرد الواحد, وينهض به آلاف الشباب في مشروع قومي يعطيهم فرصة التواصل مع كافة فئات الشعب, ويؤهلهم لان يكونوا قوة سياسية تشارك في صنع مستقبل مصر, ويزيد من فرص مشاركتهم في انتخابات المجالس المحلية والشعبية, ويضاعف قدرتهم علي إنشاء حزب سياسي جديد ينافس في الانتخابات البرلمانية القادمة. المزيد من أعمدة مكرم محمد أحمد