عن أبي هريرة(رضي الله عنه)قال:قال النبي(صلي الله عليه وسلم):بمن لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابهب. رواه البخاري وأبوداود والترمذي في الصوم. يؤكد الدكتور احمد عيسي المعصراوي أستاذ الحديث وعلومه بجامعة الازهرلا يكون الصائم كامل الصوم مقبولا عند ربه سبحانه وتعالي إلا إذا صام صوما حقيقيا وتاما,بأن كف جوارحه وشهواته وامتنع عن المفطرات والمعاصي ما ظهر منها وما بطن,وامتنع عن قول الزور والعمل به,أما من لم يدع قول الزور والعمل به فقد وضح هذا الحديث أنه قد نقص ثوابه,والمراد بقول الزور الكذب,واشتمل الحديث علي التحذير من قول الزور,وهذا هو المراد,وليس معني الحديث أن يؤمر بأن يدع صيامه فقوله:بفليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابهبلا مفهوم له;لأن الله سبحانه وتعالي لا يحتاج إلي شيء, وإنما معناه فليس لله إرادة في صيامه,فوضع الحاجة موضع الإرادة وهو كناية عن عدم القبول,كما يقول المغضب لمن رد عليه شيئا طلبه منه فلم يرد عليه شيئا لا حاجة لي بكذا, فالمراد رد الصوم المتلبس بالزور وقبول الصوم السالم منه وليس المقصود من شرعية الصوم الجوع والعطش,بل ما يتبع ذلك من كسر الشهوات,ومن تطويع النفس الأمارة بالسوء للنفس المطمئنة,فإذا لم يحصل ذلك لا ينظر الله إليه نظر القبول,فليس لله حاجة مجاز عن عدم القبول,فنفي السبب وأراد المسبب. وروي ليث بن مجاهد خصلتان يفسدان الصيام الغيبة والكذب وقال رسول الله(صلي الله عليه وسلم):إن الصوم جنة فإذا كان أحدكم صائما فلا يرفث ولا يجهل,وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل إني صائم إني صائم,وجاء الخبر أن امرأتين صامتا علي عهد رسول الله(صلي الله عليه وسلم)فأجهدهما الجوع والعطش من آخر النهار حتي كادتا أن تموتا فبعثتا إلي رسول الله(صلي الله عليه وسلم) تستأذناه في الإفطار,فأرسل إليهما قدحا وقال(صلي الله عليه وسلم) قل لهما قيئا فيه ما أكلتما,فقاءت إحداهما نصفه لحما عبيطا ودما,وقاءت الأخري مثل ذلك حتي ملأتاه,فعجب الناس من ذلك فقال:هاتان صامتا عما أحل الله لهما,وأفطرتا علي ما حرم الله تعالي عليهما,قعدت إحداهما إلي الأخري,فجعلتا تغتابان الناس,فهذا ما أكلتا من لحومهم,والإنسان الذي يكف عن الطعام والشراب فيجوع ويعطش,ولكنه لا يكف نفسه عن الغيبة أو الزور أو العمل به,ولا يحفظ جوارحه عن الآثام أو يصوم ويفطر علي الحرام أو علي لحوم الناس بالغيبة ونحوها,هذا الإنسان لا يجني من صيامه إلا الجوع والعطش كما قال رسول الله(صلي الله عليه وسلم):بكم من صائم ليس له من صومه إلا الجوع والعطش,وقال(صلي الله عليه وسلم):بإن الصوم أمانة فليحفظ أحدكم أمانته,ولما تلا رسول الله(صلي الله عليه وسلم)قول الله عز وجل:(إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلي أهلها),وضع يده علي سمعه وبصره وقال:السمع أمانة والبصر أمانة. واشار الي ان صيام رمضان له ثمرته الكبيرة في غفران الذنوب ولكن بشرط أن يتحفظ الصائم مما ينبغي أن يتحفظ منه فيدع قول الزور والبهتان ويدع المعاصي صغيرها وكبيرها ما ظهر منها وما بطن,وقال:إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك ويدك,ويؤخذ من الحديث أن علي الصائم أن يتجنب قول الزور والعمل به,وأن الصيام أمانة بين العبد وربه فيجب عليه مراعاتهما,كما يستنبط منه فضل الصيام الحقيقي الكامل,وما له من أثر في حياة العبد وآخرته.