يا الله وكأن التاريخ يعيد نفسه, بنفس الأحداث والأشخاص والهتافات, وكأنما كان راحلنا العظيم الدكتور مصطفي محمود( يرحمه الله) يستشرف الغيب, وهو يصف أحوالنا اليوم, وكأنه معنا بشحمه ولحمه, لم يفارقنا الي الفردوس الأعلي. , حيث يقول في كتابه: من أسرار القرآن( الطبعة السادسة دار المعارف بمصر ص62): الشريعة لم تنزل لمجلس الوزراء, ولكنها نزلت الي كل مسلم ليطبقها في نفسه أولا, وفي سلوكه, وفي بيته, وفي جيرانه, وفي عشيرته فكل مسلم راع, وكل مسلم له دولته الخاصة, وله رعيته التي عليه أن يطبق فيها أمر الله أولا, قبل أن يتوجه بالأمر الي غيره, فالشريعة لم تنزل لنسير بها في مظاهرة الي سراي عابدين, دون أن يفكر هذا الذي يهتف ويتظاهر ويحمل اللافتات ويقذف بالطوب ويحرق الأتوبيسات( وبعضهم مأجور ومحترف ومتآمر وعميل لدول كبري ودول صغري وأحزاب تستعمل يده وتستعمل حنجرته, وتستعمل الدين لتثير الانقلابات والفتن). هذا الذي يرفع عصا الشريعة علي الحكومة دون أن يفكر في أن يرفعها علي نفسه أولا, لن يصل إلي خير, وإذا استطاع أن يحمل الحاكم علي تطبيق الشريعة عنوة, دون تجاوب من القاعدة, ودون همة خاصة من كل فرد علي تطبيق هذه الشريعة في نفسه, لن يصل الي شيء, ولن يكون التغيير الا مجرد تغيير ظاهري, ووضع مزيد من الملصقات مثلما فعل النميري في السودان, فقطع يد سارق العشرة الجنيهات وأعفي سارق المليون, هؤلاء الناس لايريدون شريعة بل يريدون أنفسهم حكاما, إنها شهوة حكم, ومطلب سلطة, وما اللافتات المرفوعة الا لافتات تمويه, وما الهتافات الا هتافات تعمية, والشريعة بريئة من أهواء هذه الطائفة التي خططت لتعيد فتنة الخوارج, فأرادت أن تخرج علينا رافعة المصاحف علي أسنة الرماح, هاتفة علي الحاكم أن يطبق حكم الله ولانجد ردا نرد به عليها أبلغ من رد علي بن أبي طالب( رضي الله عنه) إنها قوله حق أريد بها باطل!! وبعد, اليست أحداث اليوم التي نعيشها, والهرج والمرج, واختلاط الحابل بالنابل, هي نفس الأحداث التي تحدث عنها الدكتور مصطفي محمود؟ واليس هذا يدل علي أن هناك نية مبيتة للنيل من استقرار مصر وضرب أمنها ومكانتها في مقتل, حمي الله مصر وأوكس كل من أراد بها شرا, آمين. د. صلاح أحمد حسن أستاذ بطب أسيوط { محرر بريد الأهرام: ليتنا نفكر بهذا المنطق العاقل, ونتأسي بما رآه مفكرونا للأحداث شبه المماثلة من قبل حتي نعبر بمصرنا الي شاطيء الأمان.