يجب ألا ننشغل في خضم الأحداث الجارية عن ملف النيل وتطور العمل في سد النهضة, فمستقبل مصر والأجيال القادمة مرتبط ارتباطا وثيقا بجريان مياه النيل, فلقد حضرت عدة مؤتمرات عن مشاكل المجاري المائية العابرة للحدود الجغرافية في أوروبا وافريقيا خلال عملي باحدي الجامعات في الخارج, ونبهت وقتها إلي ان اثيوبيا تعد العدة لفرض امر واقع جديد بالنسبة لنهر النيل, فحصة مصر من مياه النيل المصدر الرئيسي للمياه في مصر تبلغ55.5 مليار متر مكعب سنويا واحتياجاتنا الفعلية تقدر بنحو75 مليار متر مكعب سنويا, وتقدر مياه نهر النيل التي تصل إلي مصر والسودان قادمة من الهضبة الاثيوبية بنحو85% من اجمالي مياه النيل في مصر والسودان, ولايستطيع احد ان ينكر حق اثيوبيا في استخدام مياه النيل التي تنبع من أراضيها, لكن وحسب كل المواثيق الدولية في شأن المجاري المائية العابرة للحدود الجغرافية, يلزم ان يتم الاستخدام في دول المنبع بالتنسيق مع دول المصب, لان المجري المائي ملك لجميع الدول التي يمر بأراضيها سواء كانت دول منبع أو مصب, وهذا باختصار ما ارادت اثيوبيا ان تتحرر منه تماما, ولاجدال ان إقامة هذا السد تعد تحديا كبيرا في ذاته وتحديا يواجه الزراعة بإحداث عجز مائي, بالاضافة إلي نقص الكهرباء المولدة من السد العالي وخزان اسوان, والازمة هي ان اثيوبيا تري ان من حقها اقامة ماتشاء من سدود علي النهر وروافده دون الرجوع إلي مصر ودون اعتبار لاتفاقيات1902 و1929 وغيرها من الاتفاقيات التاريخية التي تمنع اقامة اي سدود من شأنها ان تقلل كمية المياه والواردة إليها, ولهذا لم تترك اثيوبيا اي مجال للتفاوض علي مبدأ انشاء سد النهضة, ومن هنا انبه إلي ضرورة ان يكون لدينا, اليوم قبل الغد, مجلس قومي للمياه, وفريق تفاوض قوي يضم بجانب خبراء المجاري المائية العابرة للحدود, خبراء في كيفية التفاوض وعلماء نفس وخبراء في الأمن القومي, ان اثيوبيا ماضية في بناء سد النهضة, فهي تريد ان تكون اكبر منتج للطاقة الكهرومائية في افريقيا, وتريد ان تبني اقتصادا قويا قائما علي تصدير الكهرباء, ولا أظن ان اثيوبيا ستتوقف عند سد النهضة, وسوف تتبعها دول اخري من دول الحوض في بناء سدود فيجب ان نتيقظ قبل ان يجف النيل! د. هشام ربيع لطفي المنصورة