أكد الدكتور نادر نور الدين، أستاذ الموارد المائية بكلية الزراعة بجامعة القاهرة، على أن الصراع بين مصر ودول حوض النيل جاء بسبب أن نهر النيل ليس غنيًا في المياه بالرغم من أنه أكثر الأنهار طولاً، وأن دول المصب وهي مصر والسودان تحصل على 90% من مياه النيل، بينما تحصل دول المنابع على 10% فقط. وأشار إلى أنه من النقاط الأساسية في هذا الصراع هي أن دول المنابع تتجاهل أن حصص مصر والسودان من الأمطار التي تغذي النهر هي 4.5% فقط، بينما تبلغ حصص دول المنابع 95.5%. وأشار نور الدين في الندوة التي نظمها منتدى الحوار بمكتبة الأسكندرية مساء امس بعنوان " مصر ودول حوض النيل" وأدارها الدكتور ماهر صالح؛ رئيس قسم الأراضي والمياه بكلية الزراعة بجامعة الإسكندرية، إلى أن مصر هي أكثر دولة يمكن أن تتضرر ببناء أي سدود على نهر النيل، حيث إن دول المنابع لا تعاني من مشكلة في الموارد المائية على الإطلاق، بل أن بعض الدول تعاني من فائض في المياة التي تغمر الأراضي الزراعية، وذلك بسبب وفرة مياه الأمطار والاعتماد عليها بشكل كبير، بعكس دول المصب وخاصة مصر. وأشار إلى أن موارد إثيوبيا المائية على سبيل المثال هي أكثر من ضعف موارد مصر، وأنها تتمتع بوجود حوالي 18 نهر داخل وخارج حوض النيل. وأوضح أن نسبة الاعتماد على مياه النيل كمورد مائي في مصر تبلغ 98.5%، و66% في السودان، بينما تبلغ 30% فقط في الكونغو، و10% فقط في إثيوبيا. لافتاً إلى أن نسبة الزراعة المروية التي تعتمد على مياه الأنهار لا الأمطار، تصل إلى 98.5% في مصر، بينما تبلغ 3% في الكونغو، و2% في أوغندا، و9% في كينيا، و1% في رواندا. وأكد أن هذا الصراع له خلفية سياسية واستراتيجية أيضًا، وأن النيل الأزرق الذي تعتزم إثيوبيا بناء السدود عليه يمد مصر بحوالي 86% من المياه، لذلك فهو يعتبر شريان الحياة لمصر، وأن من يريد أن يسيطر على مقدرات المصريين يسيطر على النيل الأزرق. وأشار إلى أن إثيوبيا تعتزم بناء 4 سدود على النيل الأزرق، بالإضافة إلى سد النهضة. وأضاف أن إثيوبيا اختارت هذا الأسم لتقوم بحشد الشعب لدعم المشروع باعتباره سيكون سبب من أسباب نهضة الدولة، وبالتالي يصعب التراجع عنه. وشدد على أنه كان هناك تقصير كبير من الجانب المصري في ملف حوض النيل، حيث إن إثيوبيا تمكنت من استقطاب دول المنابع الاستوائية للتصويت على الاتفاقية الأخيرة دون أي تحرك من مصر، بالرغم من أن بعض الدول عارضت الاتفاقية في البداية قبل أن توقع، وكان من الممكن أن تتدارك مصر الموقف بالتفاوض مع تلك الدول قبل أن تقوم بالتوقيع. وأكد أن مصر ترفض الاتفاقية لأنها تلغي حق مصر في الفيتو على بناء أي سد يقام على النيل، وتلغي مبدأ إخطار مصر المسبق ببناء سدود، وتنص على تحويل الموافقة على إنشاء السدود على النهر من الإجماع والتوافق إلى الموافقة بالأغلبية، وعدم الاعتراف بثبوت الحق المائي المصري من ماء النيل والبالغ 55 مليار متر مكعب، ومحاولة فرض مبدأ الحق في بيع وتسعير المياه الذي لم تقره المنظمات والمجتمعات الدولية. وطرح نور الدين في نهاية الندوة عدداً من التساؤلات حول موقف مصر من إثيوبيا إذا استمرت في خططها لإنشاء السدود، مثل: هل ستستكين مصر للوضع الراهن؟ هل ستتعاون مصر مع دول إفريقية محيطة للقيام بمناورات واتفاقيات دفاع مشترك؟ هل تأتي مفاوضات الضعف وعدم الاعتماد على خطاب القوة بنتيجة؟ هل حرب المياه قادمة؟ ومن جانبه، قال الدكتور ماهر صالح إن قضية مياه النيل هي قضية مركزية في التنمية والسياسة والصراع العربي الإسرائيلي، كما أنها محور الجغرافيا السياسية وأساس الصراعات والتدخلات الخارجية. وأوضح أن هذه المشكلة تعد من أخطر المشكلات التي تواجه المنطقة العربية، حيث إنه من المتوقع أن يصل نصيب الفرد من المياه في المنطقة العربية عام 2025 إلى 667 متر مكعب، وأقل من 50 متر مكعب في مصر.