موسكو تقف عمليا إلي جانب التغيير والانحياز الي القوي الوطنية في الشارع المصري.. تقولها مع كل ريبورتاج تليفزيوني عبر قناتها الاخبارية الرسمية روسيا 24, وهو موقف يعوض ما افتقده البيان الصادر عن الخارجية الروسية من وضوح وحسم. ولعل ما قاله ميخائيل بوجدانوف نائب وزير الخارجية ل الأهرام في موسكو يكشف عن موضوعية نراها مشوبة بكثير من التحفظ, انتظارا للمزيد من وضوح الموقف, وإن اكد مبدأ عدم التدخل في الشئون الداخلية, والتمسك بضرورة حل كل القضايا بعيدا عن العنف وفي اطار من الوفاق الوطني. التزم الكرملين موقف الترقب الحذر بعيدا عن ابداء الرأي او التعليق الواضح علي ما يجري من أحداث تعصف بالقاهرة وكبريات المدن المصرية خلال الايام الاخيرة. بدا جهازه الصحفي عزوفا عن استباق الاحداث وإن ترك التعليق الرسمي الي وزارة الخارجية الروسية,التي تناولت هذه الاحداث في بيان مقتضب اكد علي ضرورة ضبط النفس والالتزام باجراء الاصلاحات السياسية والاقتصادي والاجتماعية, وهو بيان مشابه لما صدر عن لقاء ميخائيل بوغدانوف المبعوث الشخصي للرئيس الروسي الي الشرق الاوسط نائب وزير الخارجية الروسية المسئول عن ملف البلدان العربية مع عمرو دراج وزير التخطيط والتعاون الدولي المصري الذي كان وصل الي موسكو علي راس الوفد المصري المشارك في قمة رؤساء البلدان المصدرة للغاز. ومن اللافت بهذا الصدد ان هذه الزيارة جاءت في اعقاب اعتذار عدد من الوزراء المصريين الذين كانوا اعلنوا عن موافقتهم علي المشاركة في العديد من الفعاليات والمؤتمرات التي عقدت في موسكو وسان بطرسبورج خلال الأسابيع القليلة الماضية, اما عن زيارة دراج فقد جاءت كبديل للزيارة التي كان مقررا ان يقوم بها رئيس مصر للمشاركة في قمة موسكو لرؤساء البلدان المصدرة للغاز. وكان نائب وزير الخارجية الروسية بوجدانوف قال ل الأهرام انه تبادل الآراء مع الوزير المصري حول ما تشهده مصر من احداث, مؤكدا علي اهمية الحفاظ علي الاستقرار استنادا الي الوفاق الوطني والحيلولة دون الانزلاق الي العنف وتقرير كل القضايا الخلافية في اطرها القانونية. وكانت وزارة الخارجية الروسية وشأن هيئة السياحة الروسية اعلنت عن تحذيراتها الي مواطني روسيا الاتحادية الموجودين حاليا في مصر من مغبة مغادرة المنتجعات السياحية, وناشدت هيئة السياحة الروسية مواطنيها الابتعاد عن التجمعات ومواقع المظاهرات والاعتصامات في القاهرة وكبريات المدن المصرية, وتوخي الحذر والامتناع بقدر الامكان عن الاختلاط بالتكتلات البشرية في المدن المصرية ما اعتبره الكثيرون في موسكو تحذيرا غير مباشر من مغبة السفر الي مصر وحتي انتهاء احداث العنف في نفس الوقت الذي أوصت فيه المسافرين إلي مصر بغرض السياحة الامتناع عن زيارة المقاصد السياحية بعيدا عن المنتجعات علي الشواطئ المصرية. واذا كانت موسكو الرسمية تظل عند موقفها من الترقب المشوب بالكثير من التحفظ فان التغطية الاخبارية لمراسلي قناة روسيا-24 الاخبارية الرسمية, يمكن ان تكون مؤشرا نحو اتجاه الرياح في السياسة الروسية وهو ما نستطيع ان نقول, ومن واقع معايشة يومية ومتابعة اخبارية لسنوات طويلة ان مثل هذا الطرح يعني في طياته ان موسكو تقف إلي جانب التغيير والانحياز للقوي الوطنية في الشارع المصري. ولعل ما ينقله مراسلوها من اخبار وما يختاروه من مقاطع صوتية لممثلي الشارع المصري حول تزايد حدة الاحتقان السياسي والاجتماعي علي وقع تفاقم الازمات المعيشية والمشاكل الاقتصادية وافتقار المواطن لاستقراره الامني, فضلا عن التركيز علي دور القوات المسلحة وانحيازها للدفاع عن الشعب المصري, يمكن ان يكون دليلا علي ان الكرملين يقف في حقيقة الامر الي جانب تلبية هذه المشاكل وإن تعمد ممثلوه الاشارة الي تاكيد وقوفهم الي جانب ضرورة الاحتكام الي القانون والابتعاد عن العنف ومناشدتهم الاطراف المعنية الي الجنوح نحو الوفاق الوطني. علي ان ذلك لا يعني في نفس الوقت اغفال ما تعيره موسكو من اهمية واهتمام بقضايا الأمن في شبه جزيرة سيناء وما يتدفق عليها من اسلحة أكدت مصادر كثيرة تدفقها عبر الحدود مع ليبيا. وكان سيرجي لافروف وزير الخارجية الروسية وفي معرض تناوله للازمة السورية كشف عن قضية تهريب الاسلحة الليبية إلي مختلف البلدان المجاورة لليبيا حتي سوريا, وطالب مجلس الأمن الدولي بضرورة التحقيق فيها.