في18 ديسمبر2009 أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا باعلان العام الدولي للشباب والذي يبدأ في12 أغسطس2010, وقد تم اختيار هذا الموعد ليترافق مع مرور ربع قرن علي عقد أول مؤتمر دولي للشباب عام1985. وحرصت الأممالمتحدة عن الإعلان المبكر للموعد حتي تعطي للدول والهيئات الحكومية والجمعيات الأهلية والجامعات فرصة كافية للإعداد لهذا الحدث الكبير. كما حرصت الأممالمتحدة علي دعوة الشباب للمشاركة في التخطيط والإعداد لهذا العام, وطلبت من شباب العالم اقتراح أفكار بشأن الشعار المناسب له, وأطلقت موقعا إلكترونيا وعلي مواقع الفيس بوك وتويتر واليوتيوب لاستقبال مساهمات الشباب واقتراحاتهم. كما طلبت منهم إنشاء مجموعات للنقاش والحوار في الموضوعات التي تهمهم. يأتي ذلك في إطار الأهداف التي حددها قرار الجمعية العامة, والذي أشار إلي أن هدف العام الدولي هو تشجيع الشباب علي المشاركة في كل مجالات المجتمع وتشجيع كل قطاعات المجتمع, علي التفاعل والتواصل مع الشباب للوصول إلي فهم افضل لاحتياجاتهم واهتماماتهم, وإدراك أكثر دقة للإضافة التي يمكن أن يقدموها للمجتمع. وحددت الأممالمتحدة أن مشاركة الشباب في المجتمع تتحقق من خلال الحوار والفهم المتبادل من أجل دعم قيم السلام واحترام حقوق الإنسان وحرياته وتكريس التضامن الاجتماعي. وهكذا فإن الهدف هو دعم اندماج الشباب في مجتمعاتهم من خلال الحوار مع الأجيال الأكبر سنا خاصة أولئك الذين يشغلون مواقع صنع القرار من أجل تواصل أكثر بين الطرفين. ففي أغلب المجتمعات خصوصا في ظروف التغيرات التكنولوجية وأنماط الحياة المتلاحقة والسريعة تتسع الفجوة بين الأجيال وتضييق قنوات الاتصال بينها. فيشعر الشباب بالاغتراب الاجتماعي, وبعدم استماع المجتمع واحترامه لاحتياجاتهم وهمومهم وتطلعاتهم. ومن ناحية أخري يشعر الجيل الأكبر سنا بأن الجيل الأصغر متسرع أكثر مما ينبغي أو أنه اقل اهتماما بالأمور العامة, أو أنه لا يقدر التضحيات التي قدمها الآباء والأجداد في مراحل سبقت. الأصغر سنا يشعرون بأن المجتمع لا يقدرهم, ولا يستمع إليهم والأكبر سنا يشعرون بعدم الرضا تجاه كثير من سلوكيات الجيل الأصغر. ويكون من شأن هذا وذاك انقطاع سبل التواصل الاجتماعي بين شباب المجتمع وكباره, وإذا كان ذلك يمثل مشكلة في اي مجتمع, فإن المشكلة تكون أكبر في المجتمعات ذات الزيادة السكانية الكبيرة كمصر, والتي يشكل فيها الشباب نسبة غالبة. السؤال هو ماذا أعددنا كدولة وكمجتمع من برامج وأنشطة للشباب خلال هذا العام الذي يبدأ في أغسطس القادم ؟ أعرف أن هناك مبادرة تشارك فيها جامعة القاهرة وعدد من المنظمات الدولية والجمعيات الأهلية, وأعرف أيضا وهو من محاسن الصدف أن موضوع تقرير التنمية البشرية في مصر هذا العام يركز علي موضوع الشباب, ويضم مجموعة من البحوث القيمة التي تضيف جديدا إلي معلوماتنا عن الشباب المصري واهتماماته وشواغله. ويتطلع الإنسان إلي توسيع عدد الهيئات المشاركة في الإعداد للعام الدولي للشباب, وإلي توفير موارد مالية وبشرية أكبر للعمل مع الشباب, فإن اعتقادي واعتقاد الكثيرين أن مستقبل مصر يكمن في شبابها, وعلينا أن نترجم الأقوال إلي أفعال, وأن ننتهز فرصة العام الدولي للشباب لإجراء حوارات واسعة معهم. حوارات في الجامعات والمدارس ومراكز الشباب والأندية والنقابات والأحزاب.. حوارا يشمل شباب العمال وشباب الفلاحين ويشمل الشباب والفتيات. وأن يقود هذا الحوار إلي مزيد من إدماج الشباب في مجتمعهم وإلي تواصل أكبر مع الأجيال الأكبر سنا. لقد كتبت في هذا المكان من قبل عن المعركة الكبري المحتدمة علي عقل شباب مصر وطالبت باهتمام أكبر بالجوانب الفكرية والثقافية في حياتنا, وعلينا أن نقوم خلال العام الدولي للشباب بجهد كبير من أجل نشر قيم التسامح والمشاركة والمساواة وهي قيم مترابطة مع بعضها بعضا. فالتسامح يعني احترام حق الآخرين في الاعتقاد والمذهب والتوجه السياسي, والمشاركة العامة تشمل مختلف صور النشاط في الأحزاب والنقابات والجمعيات الأهلية والاتحادات الطلابية, وغير ذلك من أشكال العمل الجماعي. والمساواة تعني تكافؤ الفرص, وان يكون للمواطنين حقوق وواجبات واحدة, وألا يكون هناك تمايز بين مجموعة وأخري لأي سبب فيما عدا الاستحقاق والجدارة. وهذه القيم الثلاث ترتبط بمفهوم المواطنة الذي ينبغي أن نبذل جهدا أكبر لتكريس معناه وتأكيد ممارسته وأن تكون الموضوعات المتعلقة بتلك القيم موضوعات للحوار بين الشباب بعضهم وبعض, وبين الشباب المصري وشباب الدول الأخري, وبين شبابنا والأجيال الأكبر. ومطلوب من المجلس القومي للشباب ومن كل الوزارات المعنية, وعلي رأسها الإعلام, والثقافة, والتربية والتعليم, والتعليم العالي التخطيط والإعداد لبرامج عمل طموح في هذا العام. هذا عمل من أجل مستقبل بلدنا... وفي هذا فليتنافس المتنافسون.