يأتي هذا المقال في إطار بعض السياقات، منها: - حلول العام الدولي للشباب الذي يبدأ في الثاني عشر من أغسطس 2010 فمن المعروف أن الأممالمتحدة أصدرت في 2009/12/18 قرارا بإعلان العام الدولي للشباب في الموعد المشار إليه ليتوافق مع مرور ربع قرن علي عقد أول مؤتمر دولي للشباب عام 1985 مستهدفة من إصدار هذا القرار تشجيع الشباب علي المشاركة المجتمعية وفي الوقت نفسه تشجيع كل قطاعات المجتمع علي التفاعل والتواصل مع الشباب والاستثمار الأمثل لجهودهم وطاقاتهم الخلاقة. - تلك الجهود المتميزة التي يقوم بها المجلس القومي للشباب بقيادة عميق الرؤية واستشراف المستقبل الدكتور صفي الدين خربوش وما يقوم به من جهود في إعادة نظام وبنية العديد من الأندية وتمكين الشباب الواعد من قيادة هذه الأندية وتحمل مسئولياتها مما أوقعه في صراع مع بعض الشيوخ الذين يوظفون هذ الأندية للوجاهة الاجتماعية وربما للدعاية الانتخابية. - تلك المحاولات التي تستهدف استقطاب الشباب آيديولوجيا أو لتحقيق أجندات أجنبية أو لتصفية حسابات مع الآخرين ناهيك بمحاولات تزييف وعيهم من قبل دعاة الجمود والتطرف من المتأسلمين والمتأقبطين ممن ابتلينا بهم في هذا الزمن الرديء. وغيرها من السياقات التي تفرض كتابة هذا المقال الذي نستهله بحقيقة باتت من المسلمات: أن الشباب يشكلون شريحة تشغل وضعا متميزا في بنية المجتمع، فهم عموده الفقري ومنهم يستمد عافيته وقوته، فهم أكثر الفئات العمرية حيوية وقدرة علي النشاط والعمل وأوفرها اكتمالاً من حيث البناء النفسي والثقافي علي نحو يمكنهم من التوافق والتفاعل والاندماج والمشاركة بأقصي الطاقات نحو تحقيق أهداف وتطلعات المجتمع وهم أكثر الفئات مرونة واستجابة مما يجعل منهم قوة فاعلة ودعامة أساسية يعتمد عليها المجتمع في تحقيق أهدافه المنشودة مما يجعلنا دائما بحاجة إلي جهود الشباب وطاقاتهم في عمليات التعمير والبناء وبخاصة في ظل التحديات التي تواجهنا وتؤثر علي مسيرة العمل الوطني وبالتالي لا بد من مواجهتها واستثمار عناصرها الإيجابية في دعم قوة الشباب والاستثمار الأمثل لطاقاتهم باعتبارهم ثروة قومية لها مردودها الفوري والمباشر في الحاضر والمستقبل. ونري أن الاستثمار الأمثل لطاقات الشباب بات ضرورة قومية بل وقضية أمن قومي بالمفهوم الواسع للأمن القومي: مجتمعيا وسياسيا واقتصاديا وثقافيا وفكريا وعقديا كما أن هذا الاستثمار يفرض القيام بالعديد من الاعتبارات الأساسية تجاه الشباب يأتي في مقدمتها: - إكساب الشباب مفاهيم وآليات العمل المنظم الذي يساعدهم علي استيعاب المبادئ الأساسية لتطوير المجتمع وتقدمه الاجتماعي وإدراكهم الواضح للقيم الإنسانية والمثل العليا التي تبلورت خلال تجارب الأجيال المختلفة ومساعدتهم علي اكتشاف دورهم في البيئات المحيطة بهم واستيعاب الأسس المدروسة التي يستطيعون من خلالها اتخاذ ما هو ملائم ومناسب من القرارات خلال تفاعلاتهم ومشاركتهم في الحياة الاجتماعية وحياتهم اليومية وهي أمور أساسية وضرورية في ظل تباين وتعقد العلاقات وتنوع مجالات العمل في جميع الميادين وازدياد معدلات التفاعل والتبادل بين مختلف الأعمال والأنشطة. - تنمية الشعور بتحمل المسئولية والقدرة علي القيام بمتطلباتها وهذا لا يمكن أن يتحقق بالشعارات الزائفة والوعود الكاذبة وإنما يتحقق بالثقة فيهم وبالتدريب علي تحملهم هذه المسئولية واكتساب الخبرات ومنحهم فرص المشاركة الفعالة في صنع واتخاذ القرارات حول الموضوعات المؤثرة وبعيداً عن المشاركات الشكلية كما يفرض الأمر وضعهم في المواقف التي تشحذ هممهم وتدفعهم لتحمل المسئولية: ممارسة لها وتقبلا لنتائجها وتبعاتها. وهذا لا يتأتي بالصدفة أو في المواقف الآنية وإنما لا بد أن يأتي التدريب علي تحمل هذه المسئولية منذ نعومة الأظفار وعبر مراحل نموهم وتطورهم وهذا ولا شك مسئولية التربية مدرسية كانت أم غير مدرسية كما أنه في مراحل معينة مسئولية الجهات المعنية بالشباب وفي القلب منها المجلس القومي للشباب وهو بحكم رصيد الخبرات المتوافر لديه أحق وأجدر وقادر علي تحمل مسئولية إكساب الشباب القدرة علي تحمل المسئولية، والله من وراء القصد.