كان جمال مبارك في السنة الأخيرة من حكم أبيه هو المخرج الذي يدير مشاهد فيلم الحكم الذي عاشته مصر والذي شهد أفضح عملية تزوير في تاريخ البرلمانات المصرية, وهو البرلمان الذي قلت فيه في كتابي السقوط والصعود إنه لم يختلف عن قرار الرئيس الراحل أنور السادات عندما أودع جميع خصومه السجن في سبتمبر, أما مبارك فقد وضع جميع خصومه الذين كان يجمعهم البرلمان في الشارع, وحولهم إلي أعداء يحاربونه. وقد حكي لنا الزميل المناضل مصطفي بكري الذي قدم حديثا للمكتبة العربية كتابا مهما عن أسرار الفترة التي أعقبت سقوط حكم مبارك( الجيش والإخوان. أسرار خلف الستار) أن اللواء عمر سليمان يرحمه الله ذكر له أنه طلب من مبارك ألا يذهب لافتتاح البرلمان, فهناك أكثر من مائتي دعوي تزوير تنظرها محكمة النقض, والحكمة تقتضي تأجيل الرئيس افتتاحه حتي تقضي محكمة النقض في هذه الدعاوي, خاصة أن تقارير المخابرات تؤكد أن الانتخابات كانت في معظم الدوائر مزورة بشدة. ولكن أحمد عز أمين التنظيم في ذلك الوقت والمهندس الذي أشرف علي الانتخابات انبري للدفاع عن الجهد الكبير الذي بذله الحزب الوطني في المعركة وأن نتائج الانتخابات جاءت حسب إرادة الشعب وليست مزورة, فرد عليه عمر سليمان بقوله: عندما تقول المخابرات إن الانتخابات مزورة فهي مزورة. ويحكي مصطفي بكري عن الآثار السيئة التي سيعكسها عدم افتتاح مبارك للبرلمان وتأثير ذلك علي تشجيع الإخوان الذين لن يمكن السيطرة عليهم لو أعيدت الانتخابات في الدوائر التي يحكم بالتزوير فيها. وكان تعليق الدكتور فتحي سرور رئيس مجلس الشعب في ذلك الوقت أنه علي استعداد أن يدير برلمانا يضم48% من المعارضة علي ألا يدير مثل هذا البرلمان الأعوج المتهم بتزوير انتخابات معظم أعضائه. وأيا كان فقد حسم المخرج جمال مبارك كما قال مصطفي بكري الموضوع, وتقرر الاستمرار في المسرحية المعروضة التي بدلا من أن تنتهي كما أراد المخرج والأبطال, أنهاها جمهور المشاهدين النهاية التي لم يكن يتوقعها أحد. ولكن من هو المخرج اليوم ؟ غدا نكمل. [email protected] لمزيد من مقالات صلاح منتصر