«أسرتي قوتي».. المجلس القومي لذوي الإعاقة يطلق برامج شاملة لدعم الأسر    تربية بني سويف تنفذ تدريبًا للمعلمين على مهارات المعلم الرقمي    كيلو الفراخ بكام؟.. أسعار الدواجن بكفر الشيخ السبت 13 ديسمبر 2025    عاجل- محافظ القليوبية: «حياة كريمة» تستهدف تطوير الريف بشكل متكامل بمركز شبين القناطر    "اليونيسف" تحذر من تفشي الأمراض بين أطفال غزة    ترامب يهدد أمريكا اللاتينية بشن ضربات برية «قريبا»    استشهاد فلسطيني برصاص الاحتلال الإسرائيلي في جباليا    الإعلام الحكومي بغزة: الاحتلال يواصل إغلاق المعابر ويمنع إدخال المساعدات    "عربية النواب": اتصال السيسي وماكرون يعكس التوافق حول حتمية حل الدولتين    تقرير يكشف كذب نتنياهو بشأن حماية الفلسطينيين من المستوطنين    مواعيد مباريات السبت 13 ديسمبر - بيراميدز ضد فلامنجو.. وليفربول يواجه برايتون    قائمة لاعبي السلاح المشاركين في دورة الألعاب الأفريقية للشباب بأنجولا    بطولة إفريقيا لسيدات السلة| الأهلي يواجه الجيش الرواندي في نصف النهائي اليوم    الإسكندرية ترفع درجة الاستعداد القصوى مع اقتراب نوة الفيضة الصغرى    تحرير 646 مخالفة مرورية لعدم تركيب الملصق الإلكتروني    ضبط المتهم ببيع المنشطات «المضروبة» بالإسكندرية    وزير السياحة: حماية الآثار المصرية تمثل أحد المحاور الرئيسية لسياسة عمل الوزارة    كشف أثري جديد يعيد فتح ملف عبادة الشمس ويؤكد القيمة العالمية لجبانة منف    القومي للمسرح" يطلق الدورة الأولى لمسابقة علاء عبد العزيز سليمان للتأليف    نائب وزير الصحة تبحث مع يونيسف مصر اعتماد خطة تدريب لرعاية حديثي الولادة    ارتدوا الشتوي.. الأرصاد للمواطنين: لن يكون هناك ارتفاعات قادمة في درجات الحرارة    وفاة عروس اختناقا بالغاز بعد أسابيع من زفافها بالمنيا    حريق يلتهم أتوبيس في كفر الشيخ دون إصابات.. صور    دونجا يكشف سر نجاح بيراميدز    وزيرة التضامن الاجتماعي تلتقي رئيس الطائفة الإنجيلية ووفد من التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي    سعر طن الأرز اليوم..... تعرف على اسعار الأرز اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى المنيا    تايلاند تتعهد بمواصلة عملياتها العسكرية ضد كمبوديا حتى إزالة كل «التهديدات»    توقيع بروتوكول لتطوير المعامل المركزية للرقابة على الإنتاج في «فاكسيرا»    وزيرة التضامن تبحث نتائج المرحلة الرابعة من مبادرة «ازرع» مع رئيس الطائفة الإنجيلية    وزير الرياضة يطلق نصف ماراثون الأهرامات 2025    بيت الطين يتحول إلى قبر بالدير.. مأساة أسرة كاملة فى جنوب الأقصر    مواعيد مباريات اليوم السبت 13- 12- 2025 والقنوات الناقلة    الخدمة هنا كويسة؟.. رئيس الوزراء يسأل سيدة عن خدمات مركز طحانوب الطبى    وزارة العمل: تحرير 463 محضرا لمنشآت لم تلتزم بتطبيق الحد الأدنى للأجور    إدراج معهد بحوث الإلكترونيات ضمن لائحة منظمة الألكسو لمراكز التميز العربية    افتتاح أيام قرطاج السينمائية بفيلم "فلسطين 36" للمخرجة آن مارى جاسر    محافظ أسيوط يفتح بوابة استثمارات هندية جديدة    صرف مساعدات تكافل وكرامة عن شهر ديسمبر الإثنين المقبل    تشويه الأجنة وضعف العظام.. 5 مخاطر كارثية تسببها مشروبات الدايت الغازية    الصحة تدعم المنظومة الطبية بالدقهلية بأجهزة حديثة لمستشفيات 4 مراكز    مواقيت الصلاه اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى المنيا.....اعرف مواعيد صلاتك بدقه    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : ولازالت مصطبة عم السيد شاهدة ?!    اسعار الذهب اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى محال الصاغه بالمنيا    مقررة أممية: تكلفة إعادة إعمار غزة يجب أن تسددها إسرائيل وداعموها    هشام أصلان في معرض جدة للكتاب: الهوية كائن حي يتطور ولا يذوب    معرض جدة للكتاب ينظم ندوة عن تحويل الأحداث اليومية البسيطة إلى قصص ملهمة    " سلبيات الأميّة الرقمية وتحديات الواقع ومتطلبات سوق العمل ".. بقلم / أ.د.أحلام الحسن ..رئيس القسم الثقافي.. إستشاري إدارة أعمال وإدارة موارد بشرية    "يا ولاد صلّوا على النبي".. عم صلاح يوزّع البلّيلة مجانًا كل جمعة أمام الشجرة الباكية بمقام الشيخ نصر الدين بقنا    حبس عاطل بتهمة التحرش بسيدة قعيدة أثناء معاينتها شقة للايجار بمدينة نصر    اليوم.. نظر دعوى للإفراج عن هدير عبدالرازق بعد شهرين ونصف من الحبس    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 13-12-2025 في محافظة قنا    إفتتاح مؤسسة إيناس الجندي الخيرية بالإسماعيلية    تدريب واقتراب وعطش.. هكذا استعدت منى زكي ل«الست»    هشام نصر: سنرسل خطابا لرئيس الجمهورية لشرح أبعاد أرض أكتوبر    أحمد حسن: بيراميدز لم يترك حمدي دعما للمنتخبات الوطنية.. وهذا ردي على "الجهابذة"    محافظ الدقهلية يهنئ الفائزين في المسابقة العالمية للقرآن الكريم من أبناء المحافظة    ننشر نتيجة إنتخابات نادي محافظة الفيوم.. صور    إشادة شعبية بافتتاح غرفة عمليات الرمد بمجمع الأقصر الطبي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحرب.. والسلام

في ظني أن الرئيس السادات- رحمة الله- أخطأ خطأ فادحا عندما قال- وكرر القول إن حرب أكتوبر هي آخر حروبنا مع إسرائيل وهو قول لم يقله أحد قط- ولا يجرؤ أن يقوله واحد من بني إسرائيل. بل جرؤت سيدة كانت عضوا في الكنيست الإسرائيلي أن تمزق معاهدة كامب ديفيد وتقذف بها في وجه مناحيم بيجن! وهي المعاهدة التي ربما كان السادات يقول ما يقول استنادا إلي حمايتها لنا!!. وعندما أري ذراع إسرائيل الطويلة تعبث الآن في إفريقيا أشعر بأنها تحاربنا حتي في أوقات السلم.!
فيخطئ كثيرا من يظن أن المعاهدات قادرة علي منع الحرب ووقف القتال بين الدول.! فقد جاء في أقدم معاهدة تحالف أبرمها فرعون مصر رمسيس الثاني مع حتيثار ملك الحيثيين ويرجع تاريخها إلي القرن الثالث عشر قبل الميلاد: أن المبدأ الأول الذي يتفق عليه الطرفان هو إقامة سلام دائم بين الدولتين, غير أن هذا المبدأ لم يمنع الحروب المتصلة التي كانت تشتعل بين الحين والحين فتغير المنطقة بأسرها- فلم تحظ شعوب المنطقة بالاستقرار حتي بعد توقيع المعاهدة!.
بل لقد شهدت مدن اليونان حروبا مستمرة رغم الاتفاقيات والمعاهدات بين هذه المدن حتي أن الأغريق آمنوا بأن الحرب حالة طبيعية فقبلوها بوصفها جانبا مهما من نظام الطبيعة سواء أكانت الحرب بين المدن اليونانية بعضها بعضا أو بين المدن اليونانية والأمم الأخري التي كان اليونانيون يسمونها بالبرابرة!
ورغم سيادة الحرب نظريا وعمليا عند اليونان, فإننا لا نعدم الفلاسفة الذين كانوا يدعون إلي السلام الدائم في هذا العصر المبكر من التاريخ, فقد أهاب الفلاسفة الرواقيون منذ القرن الثالث قبل الميلاد بالإنسانية أن تحرر نفسها مما يفرق بين الإنسان وأخيه من فروق اللغات والأديان والأوطان ونظروا إلي الناس جميعا, وكأنهم أسرة واحدة, قانونها العقل ودستورها الأخلاق.
وإذا انتقلنا إلي العصور الحديثة وجدنا محاولات كثيرة تدعو إلي السلام علي رأسها محاولة شيخ الفلاسفة الألمان- كانطKant(18042724) في كتيب صغير عنوانه مشروع للسلام الدائم ظهر عام1795 ولم تكد تمضي علي ظهور هذا المشروع بضع سنوات حتي ظهر مشروع آخر للفيلسوف الإنجليزي جيرمي بنتام(1748 ذ1832). والمصلحين والفلاسفة في السعي نحو تحقيق أمل البشرية في السلام. لكنها كلها للأسف باءت بالفشل. واشتعلت الحرب العالمية الأولي عام1914, وبينما كان العالم يصطلي بنارها. رددت ألسنة المصلحين الدعوة من جديد في عبارات تنم عن الإلحاح: يجب ألا تتكرر المأساة وكان لصيحتهم صدي تردد في أرجاء العالم, فظهر علي أثره في أول منظمة عالمية عصبة الأمم عام1919- وبذلت العصبة جهدها لتطبيق المبادئ والقواعد التي تضمنتها مشروعات أهل الفكر ودعاة السلام- غير أنها لم تتمكن من تحقيق الآمال التي كانت معقودة عليها, فوقعت الحرب العالمية الثانية عام1939 وكانت أشد عنفا.. ونشط المفكرون ودعاة الإصلاح ورجال القانون إلي الدعوة مرة أخري لإقامة منظمة تكون أداة لتحقيق الأمن والسلام فقامت الأمم المتحدة عام1945 وحاولت علاج الثغرات التي وقعت فيها عصبة الأمم لكنها فشلت في تحقيق حلم السلام أيضا, إذ لم تنقطع الحروب بين الدول منذ إنشائها حتي يومنا الراهن!
تري أيكون السلام مستحيلا بحكم طبيعة الإنسان النزاعة إلي الصراع والقتال؟! أم علي البشرية ألا تيأس, وأن تواصل بذل المزيد من الجهد في تفاؤل وصبر وجلد دون أن تفقد الأمل في تحقيق ذلك الحلم السحري.. بالغا ما بلغ عناء السفر ووعورة الطريق؟!. وهل قطعت البشرية من ذلك الطريق إلا النزر اليسير: من القرن الثالث عشر قبل الميلاد حتي يومنا الراهن؟!
ثم جاء عملاق المثالية الألمانية هيجل(18311770) الذي كان هدفه تفسير ظواهر العالم الذي نعيش فيه تفسيرا عقليا بحيث تبدو ضرورة هذه الظواهر واضحة, وبحيث يبدو كل شيء في مكانه المناسب. كل شئ له معناه الذي يستمده من وضعه داخل هذا الكم الهائل الذي نسميه الوجود.
هكذا راح هيجل يبحث عن تفسير لظاهرة الحرب التي اتسم بها تاريخ البشر تفسيرا يجاوز مجرد الإدانة الأخلاقية. فلا يكفي أن نصرخ بأعلي صوت لنا عن الحرب والداعين إليها أو أن نحلم بأن هذه الحرب هي آخر الحروب! أو نصفها بأنها تجلب الخراب والدمار أو أنها شر من صنع الشيطان أو أنها هلاك لجميع الأطراف.. إلخ فذلك كله لا يعني شيئا علي الإطلاق, فلا هو يجعلنا نفهم ظاهرة الحرب, ولا هو يعمل علي منعها, انها صرخات متألم يكتفي بأن يلعن المرض دون أن يحاول فهمه أو تفسيره أو الوقوف علي كنهه, فما دامت الحرب ظاهرة عامة, وسمة دائمة من سمات النشاط البشري طوال التاريخ فإنها تحتاج من المفكر إلي أن يقدم لها تفسيرا عقليا يحلل فيه طبيعتها, ويشرح وضعها, ويبرر ضرورتها, ويبين دورها, لا سيما أننا نجد من الباحثين من يرفض إدانة الحرب ويذهب إلي القول بأنه: لا يمكن إنكار دور الحرب في تطور الإنسان: لأن مجموعة كبيرة مما تم إنجازه طوال التاريخ إنما جاءت نتيجة للحرب والنزاع أكثر مما جاءت عن طريق الانسجام والتعاون بين البشر.
ويعتقد هيجل أن الدولة لا تتجسد في مواطنيها علي نحو أكثر قوة مما تكون عليه عندما تشتبك في حرب مع غيرها من الدول. فها هنا يكون إحساس الأفراد بالمجتمع أقوي, وعلي هذا النحو تكون الحرب مفيدة لصحة الشعب الأخلاقية, فهيجل لا يدعو إلي سلام دائم ولا يتوقعه, ومع ذلك فإن اتهامه بأنه يمجد الحرب يدل علي سوء فهم لرأيه, كما أن فيه مبالغة شديدة في تصوير موقفه. فإذا كان هيجل يعتقد أن الحرب مفيدة لصحة الشعوب الأخلاقية, فإنه لا يدافع عن الحروب المستمرة أو المتواصلة, كما أنه لا يعتقد أن الحرب هي أنبل نشاط بشري. لكنه يقارن بين الحرب في أهميتها وبين الصحة الأخلاقية للشعوب وبين الريح التي تهب فتحفظ ماء البحر من التلوث والفساد لو مرت عليها فترة طويلة من السكون والركود...
ومن أجمل ملاحظات هيجل هنا قوله ليس الجيش هو الذي يحارب بل النظام السياسي, فإذا هزم دل ذلك علي فساد هذا النظام وفشله والدليل علي ذلك واقعة هزيمته نفسها, وكأنه في الواقع يتحدث عن هزيمتنا البشعة عام1967 فهي لم تكن هزيمة للجيش بقدر ما كانت إنهيارا للنظام السياسي الفاشل; فقد سبق أن حارب الجيش المصري في المورة( اليونان) وأخمد ثورة اليونان(1824 ذ1826) الذي دخل عكا التي لم يستطع نابليون اقتحامها.. لأنه وجد النظام الجيد والقيادة الرشيدة, بل أنه في حرب1948 كان علي أبواب تل أبيب لولا المؤامرة, كما أنه حوصر في الفالوجة ستة أشهر ولم يستسلم.. ذلك كله يبرهن علي صحة رأي هيجل في فشل الأنظمة الدكتاتورية برغم أنهم كانوا من العسكريين والسبب النظام السياسي الفاشي الذي وضعوه بطريقة عشوائية فكان لابد أن ينهار وبطريقة مأساوية!
لكن إذا كانت الحروب مستمرة( لدرجة أننا حاربنا ليبيا الشقيقة في يوم من الأيام!) فما الذي جعل الرئيس السادات يدلي بهذا التصريح الغريب الذي هو بالقطع في مصلحة إسرائيل.؟!.
أولا:- لأن الحاكم عندنا ليس حاكما فقط وإنما هو مالك أيضا. لذلك فهو ذ ذ الله لا يسأل عما يفعل وهم يسألون(23- الأنبياء)
ثانيا:- أن الحاكم منذ أن جاء عبد الناصر يبحث له عن تكئة يستند إليها في بقائه. قيامه بالثورة مرة وحرب أكتوبر مرة أخري أو الضربة الجوية مرة ثالثة.
ثالثا:- أن السادات لم ينتصر في حرب أكتوبر فقط بل جاءنا بمعاهدة السلام الدائم التي لم يناقشها أحد, وان كانت تكشف لنا يوما بعد يوم عن أكاذيب لا حد لها!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.