تراجع معدل الائتمان المصرفي خلال الاشهر الخمس الماضية مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي, وفسر مصرفيون اسباب ذلك باستمرار معوقات الاستثمار وعزوف القطاع الخاص عن ضخ استثمارات جديدة بسبب استمرار المعوقات التي تواجه مناخ الاعمال والاستثمار بالسوق المصرية, وفي مقدمتها تأخر عودة الامن بشكل كامل, الي جانب غياب الرؤية الاقتصادية الواضحة وانتهاج سياسات وتنفيذ حزمة متكاملة للاصلاح الاقتصادي, ودلل المصرفيون علي ذلك باقرار بعض التشريعات الاقتصادية غير المدروسة بشكل كافي مما يزيد بدوره من الفجوة في مؤشر الثقة الذي يمثل حجر الزاوية في مناخ الاستثمار. وارجع المصرفيون احد الاسباب المهمة لتراجع معدل الائتمان المصرفي للقطاع الخاص الي مسلسل التخفيض الائتماني لمصر من جانب مؤسسات التصنيف الدولية, مما يزيد من المخاطر بالسوق, اضافة إلي الفجوة في سوق الصرف بسبب عدم تحرك مصادر النقد الاجنبي بالاقتصاد. وفي هذا الاطار يشير محمود منتصر عضو مجلس ادارة البنك الاهلي المصري والمدير العام ورئيس قطاع الائتمان للشركات الكبيرة الي تراجع معدل الائتمان والاقراض للقطاع الخاص خلال الاشهر الماضية مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي والعام الاسبق, لا فتا الي ان نشاط الائتمان للمشروعات الكبيرة يكاد يقتصر حاليا علي المشروعات الحكومية في قطاعات النقل والكهرباء والمطارات والطرق والكباري والبترول, فيما عدا بعض المشروعات التي يجري دراستها حاليا لشركات الفطيم للاستثمار العقاري, والمراكبي في مجال صناعة حديد التسليح, وهايد بارك للاستثمار العقاري, الي جانب مشروع ايرو سيتي والذي تصل حجم القروض له نحو8 مليارات جنيه, معللا ذلك بعزوف القطاع الخاص عن ضخ استثمارات جديدة انتظارا لاستكمال عودة الامن وتنفيذ الحكومة لحزمة الاجراءات الاصلاحية التي من شأنها مواجهة معوقات الاستثمار ومعالجة تفاقم عجز الموازنة العامة, وتحريك الاقتصاد القومي. وكشف منتصر عن ان اجمالي محفظة القروض بالبنك تصل110 مليارا جنيه نصيب المشروعات الكبيرة منها76 مليار جنيه, والباقي للمشروعات الصغيرة والمتوسطة, والتجزئة المصرفية, وحول احتمالات تأثير فرض الضريبة علي المخصصات في العزوف عن اقراض المجالات والقطاعات التي ترتفع فيها المخاطر, رفض منتصر هذا الامر, مشيرا الي ان البنك الاهلي يركز علي التوسع في اقراض المشروعات التنموية والاستثمارية في كافة المجالات ضمن اولوياته لتحريك الاقتصاد القومي وتوليد فرص العمل لامتصاص البطالة وذلك وفقا للمعايير المصرفية. في هذا السياق يكشف محمد عباس فايد نائب رئيس بنك مصر تراجع الائتمان في الاشهر الخمسة الاولي من العام الحالي مقارنة بالعام2012, لافتا الي ارتباط هذا الامر بمعدل النمو الذي تراجع ليصل إلي نحو2% فقط, ويرجع الاسباب الاخري لتراجع الائتمان الي تاثر المشروعات الجديدة بالفجوة والنقص في العملات الاجنبية بسبب عدم تحرك مصادر النقد الاجنبي طوال الفترة الماضية, موضحا ان المكون الاجنبي في المشروعات الجديدة يتجاوز في اغلب الاحيان المكون المحلي, مما يؤثر سلبا علي طلب الائتمان, الي جانب تخفيض التصنيف الائتماني المتتالي للمرة السادسة مما يزيد من المخاطر, ويؤثر علي قرارات الاستثمار, ويشير ايضا الي غياب المحفزات الجيدة لاستعادة محركات النشاط الاقتصادي الي معدلات ادائها المطلوبة, والذي يعكس غياب الرؤية الواضحة للاصلاح الاقتصادي تستند علي محاور متكاملة, لا فتا الي ان اقرار الضريبة علي المخصصات بالبنوك دون مشاركة البنك المركزي تعكس هذا الامر جليا بعدم وجود تنسيق بين السياسة المالية مع السياسة النقدية رغم ان السياسة النقدية في حقيقة الامر ترتكز علي رؤية واضحة ومتوازنة لاستمرار استقرار وملاءة القطاع المصرفي والقيام بدوره في مساندة الاقتصاد القومي في ظل الازمة التي يعاني منها والتي ساهم القطاع المصرفي بشكل كبير في امتصاصها والتقليل منها بفضل السياسة المالية, كما ان هذه السياسة النقدية تستهدف كبح جماح معدلات التضخم والاستقرار المالي. وينتقد فايد التركيز علي التوسع في فرض الضرائب لمعالجة الازمة دون وجود محفزات حقيقية لتحريك الاقتصاد لانها تمثل الاولوية القصوي في هذه المرحلة لعبور وتجاوز الازمة الاقتصادية وتشجيع الاستثمارات وتوليد فرص عمل لامتصاص البطالة وبالتالي توسيع القاعدة الضريبية وزيادة الحصيلة والايرادات السيادية. وينوه محمد الاتربي رئيس البنك المصري الخليجي الي ان غياب الواضحة للاصلاح الاقتصادي تمثل سببا اساسيا لتفاقم الازمة الاقتصادية وعدم اتخاذ اجراءات حقيقية وفاعلة لمعالجة عجز الموازنة العامة, مدللا علي ذلك باصدار قانون فرض الضريبة علي كل المخصصات التي تجنبها البنوك لمواجهة مخاطر الديون غير المنتظمة وهو امر فريد من نوعه مقارنة بدول العالم الاخري, موضحا ان هذا الامر يعكس عدم وجود رؤية ودراسة كافية للتشريعات الاقتصادية التي تمثل احد المحاور الاساسية المحفزة للاقتصاد ومواجهة الازمة ومعالجتها, فمثل هذا التشريع يترتب عليه تداعيات سلبية تزيد من الازمة بدلا من معالجتها خاصة انه يتعلق بقطاع حيوي هو القطاع الاكثر استقرارا والذي يحافظ علي الاستقرار الاقتصادي علي مدي العامين ونصف الماضيين, في حين ان الحصيلة التي ستترتب علي هذه الضريبة ضئيلة جدا وربما لن تتجاوز400 مليون جنيه حيث تقدر المخصصات الجديدة بالبنوك بنحو2 مليار جنيه منها20% تسري عليها الضريبة من قبل وبالتالي فإن الضريبة الجديدة ستحسب علي1.6 مليار جنيه وهو مايقدر بنحو400 مليون جنيه فقط لا تساوي ما تسببه من اثار سلبية.