المجلس وحده هو الذي يعلم الحقيقة، ما هي وأين هي!!! تداعيات الأحداث الأخيرة هي التي فرضت طرح هذه الأسئلة. كنت قد كتبت في عمود الأسبوع الماضي (حساب مبارك نهاية مشاكل مصر) وكنت قد تناولت الفكرة وقد أشرت إلى أن عدم الإسراع في المحاكمة هو السبب وراء الأحداث التي وقعت في مصر مؤخرا، واليوم أؤكد أن غياب المعلومات والشفافية هو وراء الكثير من الأحداث التي وقعت في مصر. من أين أتى هذا الشعور؟ في الحقيقة، طرق تناول الأحداث مؤخرا في مصر يربكني كثيرا، وعدم توفر المعلومات هي السبب الرئيسي وراء هذا الشعور المختلط، وأيضا عدم تفاعل المجلس مع الأحداث التي جرت هو سبب كبير وراء تفاقم الأحداث.. فلا تكفي جمل التعاطف والأسى والأسف وتقديم التعازي، ولا تكفي أيضا مقاطع الفيديو التي يبثها المجلس على صفحته الخاصة على شبكة الموقع الإجتماعي الفيس بوك، في حين تقوم فضائيات ومجموعات أخرى قد تكون مغرضة ببث فيديوهات مناقضة لها، إذن أين الحقيقة، هذا ما نريده.. نريد المزيد من المعلومات لوضوح الأمور ولإمكانية الرد والتصدي لهؤلاء الذين يريدون التفكك لوحدة الشعب المصري! ما يربكني مع الأسف عدم الحرية في وجود وتداول المعلومات، فكيف لنا أن نكون صادقين، أو (بلاش) كلمة صادقين، لكن لابد أن تكون المصداقية والشفافية في عرض الأحداث هي عنوان مهنتنا مهنة الإعلام ومن يعمل به، ولابد أن تكون مصدر هؤلاء المواطنين.. ومن داخلي أعذر كل مشاهد ومتابع للأحداث وأعتذر أيضا لكل قارئ للصحف عندما يبحث عن معلومة أو سبب أو من وراء الأحداث ولا يجد الإجابة عن تساؤلة. هذه هي المعضلة في عدم وضوح الرؤية وهي غياب المعلومة وعدم إتاحتها لي وللزملاء في مجال المهنة، وبالتالي لا يشعر المشاهد أو القارئ بطعم ما نقدمه ونكتبه، والمطلوب من الجهات المسئولة أن تطلعنا بشفافية على المعلومات المتعلقة بالأحداث حتى نعرضها بكل وضوح على جمهورنا في محاولة للتصدي لأي أعمال تخريب مستقبلا.. ولا يصح مثلا أن تقوم أحد الجهات الأمنية بتصريح بوجود مخطط لحرق مصر دون أن تطلعنا على هذا المخطط وتقول لنا من هي أطرافه، ومن غير المقبول أيضا أن تقول أن هناك طرف ثالث وهو(اللهو الخفي) لإثارة الأحداث وإحتقان الأطراف الأخرى.. كل هذا مرفوض لأن به إستخفاف بعقولنا، فما معنى وجود لهو خفي في ظل وجود جهاز أمن وطني وألا يستطيع القبض على عناصره.. أعتقد أن مبارك ضحك على هذا الشعب طيلة 30 عاما، لكنه استفاق، وأعتقد أنه لن يرضى للحقيقة بديلا. من السهل جدا أن يقوم المشاهد بالإمساك بمشغل القنوات الفضائية ليستمع لمعلومة ما أو يشاهد فيديو يختلف عما تقدمه قنواتنا وقد تكون مضللة من وجهة نظري، لكنني لا أملك إثبات ذلك في ظل غياب المعلومات.. لكن هذه القنوات قادرة على إقناع المواطن ما دام لا يجد ما يصبو إليه في قنواتنا ولا أستطيع أن ألومه، وفي النهاية، يتيه بين بحر من الشائعات وعدم معرفة الحقيقة.. ومن جهة أخرى، لا أستطيع أن ألقي بكل اللوم على أداءنا في القنوات وفي الصحف، فنحن لا نملك الكثير من المعلومات والأهم أننا لا نملك الحقيقة حتى نواجه بها الآخرين. من هذا المنبر، أتوجه لكل من هو قائم على شأن هذا الوطن بمنحنا المعلومات اللازمة لحرية تداولها بما يفيد الوطن ويخدم المواطن قبل أن تقلب الشائعات بلادنا رأسا على عقب، فأصبحت الشكوك تساورنا في ظل غياب الحقيقة وحلت الضبابية محل الوضوح في معظم الأمور.. أعلم أن في معظم المراحل الانتقالية في العالم، كما في أوروبا ودول أوروبا الشرقية، يحدث فيها الكثير من الأمور المختلطة.. لكن تبقى شعوبها على نور ودراية بما يحدث... لقد قمنا بثورة من أجل الحرية ولن نرضى بغيرها بديلا! المزيد من مقالات ريهام مازن