عام لم يشهد له العالم مثيلا منذ عشرات السنين.. فانتازيا لم تخطر علي بال الحالمين أو الفوضويين..هو عام الثورات..الثائر فيها هو قطعا شخصية العام,كما لقبته مجلة تايم الأمريكية علي غلافها.. هو البطل الذي انشغل به العالم من بداية العام حتي آخره, وربما الي أجل غير مسمي..خلع رداء السلبية..كسر حاجز الخوف..خرج بالملايين ليحقق حلم الديمقراطية والحرية..أشعل ثورات الربيع العربي..أطاح بأنظمة ديكتاتورية..غير مجري التاريخ..رسم صورة جديدة لمنطقتنا..ومنها امتدت الشرارة الي أوروبا, الي أثينا ومدريد ولندن وعبرت الاف الأميال الي أمريكا وروسيا والمكسيك وشيلي وغيرها..ولا يعلم أحد متي وأين وكيف تكون النهاية, ولا كيف ستصبح صورة العالم بعد أن يهدأ الإعصار.. فقد أصبحت هذه هي سمة العصر. وهب الثائر حياته ونور عينه ثمنا لأهداف وطنية نبيلة..من أجل الكرامة وحقوق الانسان, رافضا الظلم و الفساد والاستبداد, السلب والنهب,الفقر والبطالة وارتفاع الأسعار.. يدعو للتغيير والاصلاح.. لا مصالح ولا أطماع خاصة..هو شخص عادي, من طبقة متوسطة, متعلم, متحمس وشجاع, معارض ومحتج وليس عدوانيا.. وما كان يجب اخفاء وجهه علي طريقة الارهابيين كما صورته مجلة التايم علي غلافها. ولكن ماذا لو انجرف تيار ثورته نحو طريق غير الطريق, الي المجهول؟ وانحرفت بتآمر المغرضين والمخربين الي ما يؤرق المجتمع ويفزعه ويغضبه؟ الي تجاوزات تبعدها كثيراعن أهدافها السلمية المثالية؟ الي سلوك تدميري وأفعال صادمة؟ ماذا لو تسببت ثورته في انهيارات سياسية واقتصادية واجتماعية,وعادت بالخراب علي البلاد, لتعود عجلة الزمان الي الوراء, وتتراجع النجاحات والانجازات والحريات لعشرات السنين؟ ألا يشعر المرء الآن بالحزن والأسي وخيبة الأمل لما أصابه وأصاب بلده بعد ثورة رفعت الرؤوس وأحيت الآمال؟ ألا يفقد الثائر النبيل الآن التعاطف والمساندة من مجتمعه؟ ألا يجب أن يعيد النظر في الأسلوب والأداء, ويعيد التفكير في الأيديولوجيات, ويتيح الفرصة لالتقاط الأنفاس وتحقيق المطالب؟ ألا تحتاج الدولة الي فترة نقاهة بعد مرض طويل انهكها ؟ حذار ياثوار..الشعوب أعيتها ثوراتكم بعد أن تجاوزت المدي, واختلط الحابل بالنابل ولم يعد أحد يميزكم عن الفلول والبلطجية وأطفال الشوارع.. فاهدأوا قليلا في بداية عام جديد حتي يمكن الفرز فيما بينكم والآخرين ويتم تطهير صفوفكم من الخارجين علي القانون. اهدأوا قليلا لتنقذوا ثورتكم التاريخية. المزيد من أعمدة سلوي حبيب