حالة من الاستغراب عمت الأوساط الشعبية الفلسطينية، بعد التطور الجديد في مبادرة السلام العربية، عبر الاتفاق الذي تم التوصل عليه في العاصمة الأمريكيةواشنطن، من خلال مبدأ تبادل الأراضي بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وفقا لما أعلنه وفد اللجنة الوزارية للمبادرة برئاسة رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني والأمين العام للجامعة العربية الدكتور نبيل العربيبعد لقاء مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري في واشنطن. اللافت للانتباه، أن هذه التطور لا يحظى بقبول لدى أطراف عربية عديدة خاصة الفلسطينية، لأن مبادرة السلام العربية التي طرحت في قمة بيروت 2002، اقترحت على الاحتلال الإسرائيلي، تطبيعا كاملا مع الدول العربية، مقابل الانسحاب من الأراضي المحتلة في يونيو 67، وإقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدسالشرقية، وحل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين. ففي الوقت الذي رحبت فيه الأوساط السياسية الأمريكية والإسرائيلية بهذه التطور، أثار ردود أفعال غاضبة بين الفلسطينيين، حيث وصفت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، الجامعة العربية بالتوغل فيما أسمته "دبلوماسية التسول والتوسل"، بينما دعا إسماعيل هنيه رئيس حكومة حماس بغزة، إلى خطة بديلة للمبادرة العربية للسلام، تقوم على التمسك بالثوابت الفلسطينية، وترسيخ الشراكة الاستراتيجية في صناعة القرار، ودعم المقاومة ضد الاحتلال. ووفقا لمراقبين سياسيين، فإن هناك خطورة في موافقة السلطة الفلسطينية، على تبادل الأراضي، واستئناف المفاوضات، التي سينتج عنها شطب حق العودة للاجئين نهائيا، واضفاء شرعية على المستوطنات، ومصادرة الأراضي التي تقوم بها بالضفة والقدس، وإقرار سياسية تهويد المقدسات العربية الإسلامية في المدينة المقدسة، بينما رأي محللين سياسيين أن التطورات التي أدخلت على مبادرة السلام من شأنها تهديد ثوابت الشعب الفلسطيني ومحاصرة المقاومة. هذا التغير يستدعى أسئلة عديدة منها .. ما هو سر هذا التطور الجديد والغريب في مبادرة السلام العربية؟ .. وهل سيتمخض عن ذلك نتائج أم لا؟ .. وهل هذا التطور يعبر عن طموحات الشعب الفلسطيني؟.. وهل سيكون هناك تغيرات في حدود 67 أم لا وفق لعملية التبادل؟ . وهل سيكون حل الدولتين بالحدود التي كانت قائمة في يونيو 67 قبل احتلال الضفة الغربية بما فيها القدسالشرقية أم الأمر سيتغير؟ ..وهل ستصر مبادرة السلام العربية على موقفها بأنها ستعترف بإسرائيل إذا تخلت عن الأراضي التي استولت عليها في67 وقبلت حلا عادلا لمشكلة اللاجئين؟ الفلسطينيون يتحملون مسئولية الأحداث الراهنة، التي تطفو على السطح في مسار مفاوضات السلام مع إسرائيل، نتيجة لاختلافهم، وتخوين بعضهم البعض، وعدم الرغبة في تحقيق مصالحة وطنية حقيقية، من أجل استرداد الحقوق الفلسطينية، فلابد أن يعي الفلسطينيين، أن التفكك يضعف موقفهم أمام المجتمع الدولي، ويجعل عدوهم الإسرائيلي، هو الذي يبحث دائما عن المفاوضات، بشكل دائما دون أصحاب القضية. [email protected] لمزيد من مقالات عماد الدين صابر