يوسي بيلين سياسي إسرائيلي مخضرم ذاع صيته خلال مفاوضات مدريد التي انتهت بالتوقيع في العاصمة الأمريكيةواشنطن في13 سبتمبر عام1993 علي اتفاق أوسلو بين الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ورئيس وزراء إسرائيل الراحل اسحاق رابين, بحضور الرئيس جورج بوش الأب. بيلين أشفق علي نظرائه في الوفد الفلسطيني المفاوض في حينه فأسدي لهم نصيحة قال لهم: الإسرائيليون استعدوا منذ سنوات طويلة لهذه المفاوضات أنصحكم بأن تستعينوا بأصدقاء ليساعدوكم!.اليوم وبعد مرور14 عاما علي توقيع اتفاق أوسلو ومع اقتراب انعقاد مؤتمر السلام, الذي دعا إليه الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن في الخريف المقبل, يبدو لي أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس( أبومازن) وفريقه الحاكم في رام الله بحاجة الي ما هو أكثر من نصيحة بيلين. القضايا التي ستعرض علي طاولة البحث هي قضايا الحل النهائي للصراع التي تتلخص في العناوين الثلاثة: الحدود القدس اللاجئين وتحت هذه العناوين تندرج مئات التفاصيل مثل المستعمرات والمياه ووضع المقدسات في القدس والربط بين الضفة الغربية وقطاع غزة والعلاقة بين إسرائيل والدولة الفلسطينية.وبين الأخيرة والعالم, والجداول الزمنية لتنفيذ الاتفاق وغيرها من التفاصيل الدقيقة التي هي أساس التسوية النهائية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي. لقد استعدت إسرائيل جيدا لمؤتمر السلام, وبدأ الحديث يتردد في وسائل الإعلام الإسرائيلية والفلسطينية عن محادثات سرية تجري بين الإسرائيليين وممثلين للرئيس أبومازنز علي غرار المحادثات التي جرت بين يوسي بيلين وأحمد قريع( أبوالعلاء) في بداية التسعينيات بهدف التوصل لإعلان مبادئ حول القضية الفلسطينيةز لعرضه علي المؤتمر المرجح انعقاده في نوفمبر المقبل برئاسة وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس,. وخلال الأسابيع الماضية شهدت الساحة السياسية في اسرائيل طرح العديد من الخطط والمبادرات لتسوية النزاع مع الفلسطينيين, أهمها ما يلي: خطة رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت: وفقا لما جاء في صحيفتي يديعوت أحرونوت عدد16 8 وهاآرتس عدد8 8, فإن أولمرت يسعي للتوصل الي اتفاق مبادئ حول التسوية الدائمة مع الفلسطينيين في غضون شهرين أو ثلاثة أشهر,. وأنه خلال لقاء عقده في القدس مع وفد من مجلس النواب الأمريكي برئاسة زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس النواب ستني هوير الذي تعتبره اسرائيل أكبر أصدقائها في الكونجرس, تحدث اولمرت لأول مرة صراحة أنه منذ بضعة أشهر وهو يبحث مع أبومازن في المسائل الجوهرية. من أجل الوصول لإعلان مبادئ حول القضايا الأساسية التي ستؤدي الي اقامة دولة فلسطينية الي جانب إسرائيل, وهي: الحدود والقدس واللاجئون وتبادل الأراضي والممر بين الضفة وقطاع غزة وجوهر العلاقات بين إسرائيل والدولة الفلسطينية. مبادرة الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز تتلخص في أن إسرائيل والسلطة الفلسطينية توافقان بداية علي اقامة دولة فلسطينية في حدود مؤقتة. ثم يتم إجراء مفاوضات علي التسوية الدائمة هدفها اقامة دولة فلسطينية علي100 في المائة من الأراضي التي احتلتها اسرائيل عام1967 مع احتفاظ إسرائيل بالكتل الاستعمارية وتعويض الفلسطينيين عنها. ونقل الأحياء العربية في القدسالشرقية الي السيطرة الفلسطينية وادارة الحوض المقدس في القدس, أي المقدسات في البلدة القديمة بالقدسالمحتلة من خلال ممثلي الديانات الثلاث. خطة الانطواء بالاتفاق وهي خطة طرحها حاييم رامون النائب الأول لرئيس الوزراء الإسرائيلي والمرشح لرئاسة الطاقم الإسرائيلي الذي سيتفاوض مع الفلسطينيين. وحسب خطة رامون, فإن إسرائيل ستنسحب من70 في المائة من أراضي الضفة الغربية وتخلي المستعمرات لاسيما المنعزلة, وتتضمن الخطة وضع موعد للمفاوضات علي التسوية الدائمة بالاتفاق بين أبومازن وأولمرت. والملاحظة الأساسية علي هذه الخطط أنها تتحدث عن إعلان مبادئ حول دولة فلسطينية مؤقتة, ولا تقدم حلولا للقضايا الأساسية في الصراع الحدود والقدس واللاجئين . وهي تستند الي تجربة رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق ووزير الدفاع الحالي ايهود باراك في مفاوضات كامب ديفيد2000 مع الرئيس الراحل ياسر عرفات, باراك وصل الي قناعة أنه عندما يبدأ الحديث عن القضايا الجوهرية يلجأ الفلسطينيون الي خيار المقاومة المسلحة. لأن سقف التنازلات الاسرائيلية أقل بكثير من الحقوق الفلسطينية المشروعة, ومع ذلك فإن هذه الخطط تعكس الي حد كبير الفهم الاسرائيلي لأي تسوية مقبلة مع الفلسطينيين والذي لا يخرج عن إطار كامب ديفيد. فمثلا فيما يتعلق بقضية القدسالمحتلة فإن إسرائيل تزعم أن الصراع علي المدينة المقدسة ديني وليس صراعا علي السيادة علي الأرض. ومن ثم فهي تتمسك برؤية الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون حول القدس ما لليهود لليهود وما للمسلمين للمسلمين. أي أن الحل من وجهة النظر الإسرائيلية ادارة دينية للمقدسات في البلدة القديمة بالقدس وليس كما يطالب الفلسطينيون والعرب باستعادة القدسالشرقية التي احتلتها اسرائيل عام67. أما في قضية الكتل الاستعمارية في الضفة الغربية فالمطروح منح الفلسطينيين أراضي في صحراء النقب مقابل احتفاظ اسرائيل بالكتل الاستعمارية في الضفة الغربية, وهو ما كان مطروحا في كامب ديفيد ويضاف إليه الآن جدار الفصل العنصري الذي بنته اسرائيل في الضفة والقدس بدءا من عام2002, وسيكون هذا الجدار حدود الدولة الفلسطينية مع اسرائيل. أما في موضوع اللاجئين فجميع الأطروحات الاسرائيلية تسقط حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة الي أراضيهم ومنازلهم في إسرائيل, ولكن لا تمانع إسرائيل في عودة اللاجئين الي الدولة الفلسطينية التي ستقام في المستقبل. وهذا يعني أن الإسرائيليين والفلسطينيين سيعودون مرة أخري الي الأجواء التي سبقت انتفاضة الأقصي الثانية التي اندلعت في سبتمبر2000 بعد فشل مفاوضات كامب ديفيد لأن اسرائيل ليس في نيتها تقديم شئ ملموس علي الأرض للفلسطينيين ومن ثم فإن التوقعات بانتفاضة فلسطينية ثالثة اذا فشلت المفاوضات المقبلة لها ما يبررها.