جاءت موافقة وفد لجنة متابعة مبادرة السلام العربية برئاسة الشيخ حمد بن جاسم آل ثان رئيس الوزراء القطرى، ونبيل العربى الأمين العام للجامعة العربية، على إجراء تبادل للأراضى بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلى على حدود 1967، لتثير ردود فعل غاضبة بين الفصائل الفلسطينية التى رفضت ما أسمته "دبلوماسية التسول العربى" وبين ترحيب واسع من قبل "إسرائيل" والولاياتالمتحدة. وكانت مبادرة السلام العربية -التى طرحت فى القمة العربية فى بيروت عام 2002- قد اقترحت على الاحتلال الإسرائيلى تطبيعا كاملا فى العلاقات مع الدول العربية مقابل الانسحاب من الأراضى المحتلة فى يونيو 1967 وإقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدسالشرقية؛ بالإضافة إلى حل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين على أساس القرار 194 للجمعية العامة للأمم المتحدة، إلا أنها لم تتضمن أى ذكر حول تبادل الأراضى. فيما أبدت وزيرة "العدل" فى دولة الاحتلال الإسرائيلى تسيبى ليفنى والتى تتولى ملف المفاوضات مع الفلسطينيين سعادتها بالموافقة العربية على مبادلة الأراضى، واصفة إياه بالتطور الإيجابى والمهم الذى سيسمح ل"إسرائيل" بالحفاظ على سيطرتها على التجمعات الاستيطانية بالضفة الغربية. استهداف المقاومة ويرى مراقبون أن إخراج العرب لمبادرة السلام العربية من "غرفة الإنعاش" بعد أن أهالت إسرائيل التراب عليها ورفضتها، محاولة أمريكية لتصفية القضية الفلسطينية وثوابتها خاصة حق عودة اللاجئين، حيث تشير خطورة موافقة السلطة بغطاء عربى لتبادل الأراضى واستئناف المفاوضات التى وصفوها بالعبثية سينتج عنها شطب حق العودة للاجئين نهائيا، كما أنه مؤشر خطير حول إضفاء لشرعية على غول المستوطنات ومصادرة الأراضى الذى تقوم به "إسرائيل" بالضفة والقدس وإقرار بسياسة تهويد المقدسات العربية والإسلامية فى المدينة المقدسة. ويشير المراقبون إلى أن إدخال تلك التعديلات على المبادرة العربية يعطى إشارة إلى مشاريع خطيرة على القضية الفلسطينية أبرزها استهداف المقاومة وزيادة حصارها، لافتين إلى أن تلك المشاريع التى تهدد ثوابت الشعب الفلسطينى تتوافق مع الخطة الأمريكية للتسوية حيث تتبنى الإدارة الأمريكية فكرة السلام الاقتصادى التى طرحها وزير الخارجية جون كيرى وتتلخص فى طرح مشاريع اقتصادية ضخمة لدعم الاقتصاد الفلسطينى. من جانبها، قابلت الفصائل الفلسطينية التحركات العربية برفض واسع، حيث أبدت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" قلقها العميق إزاء ما أسمته "الإمعان فى سياسة التنازلات من خلال قبول مبدأ تبادل الأراضى مع الاحتلال." وقال رئيس المكتب السياسى للحركة خالد مشعل إن الحركة ترفض أى اتفاق لتبادل الأراضى مع "إسرائيل"، وأنها ضد أى تنازل من شأنه تضييع القضية الفلسطينية، مؤكدا أن الحركة "ستسعى بكل جدية لتحقيق المصالحة الوطنية على أساس تطبيق اتفاقيات القاهرة والدوحة وعلى قاعدتى الانتخابات والشراكة"، مشيرا إلى أن مشروع وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى يهدف إلى إيجاد "سلام اقتصادى" لدمج إسرائيل فى دول المنطقة. وانتقد عضو المكتب السياسى للحركة "موسى أبو مرزوق" بشدة ما أسماه ب"التنازلات" التى تضمنتها مبادرة الوفد الوزارى العربى إلى الولاياتالمتحدة بشأن مبادلة الأراضى، وأكد أنها استجلاب لضغوط جديدة وتنازلات ليس لها سقف، موضحا فى تصريحات على صفحته على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك"، أن قضية فلسطين عربية كما هى إسلامية ولكن لا يحق لأى من هؤلاء التنازل عن أى شبر منها. بدورها، اتهمت "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" الجامعة العربية بالتوغل فى "دبلوماسية التسول والتوسل"، مؤكدة أنها ترفض الموقف الذى تناقلته وسائل الإعلام عن استعداد وفد الجامعة العربية إثر لقائه فى واشنطن مع نائب الرئيس الأمريكى جو بايدن ووزير الخارجية جون كيرى، بأن تكون هناك عملية "تبادل طفيف" للأراضى بشكل متواز ومتشابه مع "إسرائيل" ضمن عملية السلام.