تكرر في الآونة الأخيرة سعي بعض الأفراد لتطبيق حد الحرابة كرد فعل علي أحداث البلطجة والسرقة والخطف التي انتشرت بعد الثورة, والتي كان آخرها حادثة الغربية التي أقام فيها الأهالي الحد علي شابين دونما الرجوع إلي القضاء والجهات الرسمية.. فما حكم ذلك, وهل المجتمع بحاجة الآن إلي تطبيق هذا الحد؟ الدكتور عبد الفتاح إدريس أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر يقول: حد الحرابة عبر عنه القرآن الكريم, في قوله تعالي إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم. ولتشخيص الجريمة علي أنها جريمة حرابة, يشترط أن يكون للجاني منعة, أي نفوذ وقوة أو سلطة, سواء تمثلت هذه القوة في عدد الجناة أو القوة البدنية أو الميكانيكية أو السلاح مثلا, وألا يتمكن المجني عليه من الاستغاثة, أو يستغيث ولا يستطيع أحد أن يغيثه ويرد عنه العدوان الواقع عليه. وقديما قال الفقهاء إن الحرابة لا تتحقق إلا خارج العمران, حيث لا يوجد أمن أو شرطة..ولكن في زماننا هذا تتحقق هذه الجريمة حتي في التحرير والعتبة أشهر ميادين القاهرة, وذلك لأن الذي يرتكب الجريمة بهذه الأماكن وغيرها الآن قد يكون له من القوة ما يفوق قوة جهاز الأمن والشرطة مجتمعة. لذا فإن جريمة الحرابة تتحقق في زماننا هذا داخل العمران وخارجه. والمجتمع المصري في أمس الحاجة الآن لتطبيق عقوبة الحرابة أكثر من أي وقت مضي وذلك لحالة الانفلات الأمني المستشرية في المجتمع, والتطبيق الرسمي لحد الحرابة, بالإضافة إلي أنه سيحد من البلطجة, فإنه أيضا سيقضي علي حالات التطبيق العشوائي بين المواطنين, وما ينتج عنها من أحقاد وضغائن وثأريات بين الناس. أما عن إقامة هذا الحد, وتكييف الجريمة عما إذا كانت حرابة من عدمه, فذلك مسئولية من ينوب عن الحاكم في هذا الخصوص وهو القاضي الذي يكيف الجريمة ويقضي بالعقوبة المناسبة لها, ولا يتولي تنفيذها إلا من ينيبه الحاكم من السلطة التنفيذية الممثلة في وزارة الداخلية التي يعهد إليها تنفيذ الأحكام بشكل عام. ومن ثم فلا يجوز لأحد من عوام الناس أن يفتئت علي الحاكم في ذلك وإلا كانت معتديا مرتكبا لجريمة يعاقب عليها شرعا, لهذا فإن الذين يتولون بأنفسهم توقيع العقوبات الحدية علي من يرونه من وجهة نظرهم مرتكبا لهذه الجرائم جناة حقيقيون, ينبغي علي الحاكم مؤاخذتهم علي ما اقترفوه من جرائم, حتي لوكان المتهمون مذنبين بالفعل, لأن الجريمة لابد أن تكيف ويحكم فيها من قبل أجهزة القضاء الرسمية وليس مخولا لآحاد الناس فعل ذلك, حتي لا يصير الأمر فوضي ويختلط الحابل بالنابل.