هناك ملايين من الأطفال الأبرياء يدفعون ثمن أخطاء الآخرين, ويتعرضون للتعذيب والضرب والإهانة لأتفه الأسباب, بل ودون سبب في أغلب الأحيان, وقد يكون العذر أقبح من الذنب حينما يعذب أحد الوالدين طفله انتقاما من الاخر, أو إرضاء لزوج الأم أو زوجة الأب الحالات كثيرة والغريب أنه عندما يتحرك أحد من خط نجدة الطفل بناء علي بلاغات من الذين يعذبون أبناءهم يعاودون التعذيب بعد انصراف مندوب الخط وكأن هناك مهمة يجب عليه انجازها! بماذا يفسر علماء الاجتماع والطب النفسي هذه الظاهرة؟ وهل تحتاج الي تشديد العقوبات التي ينص عليها قانون الطفل؟ تحقيقات الأهرام بحثت عن إجابات شافية ترحم آلام الزهور البريئة التي يتم اغتيال براءتها. معاقبة الأسرة في البداية تقول الدكتورة عزة كريم المستشارة بالمجلس القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية ليس بالقانون نستطيع أن نعالج القضايا الاجتماعية كما أنه من الصعب القبض علي أولياء الأمور وحبسهم لمجرد قيامهم بضرب أبنائهم والمطلوب معالجة المشكلات الاجتماعية بمعالجة أسبابها بأساليب ودية حتي لا ينتج عنها المزيد من المشكلات وبصراحة المجتمع المصري مليء بالأسر الفقيرة التي تسكن العشوائيات والتي ليس لها دخل يلبي احتياجات أفرادها, وبالتالي لا نطالب بمعاقبة الأسرة إذا فشلت في تربية أطفالها وأصبحت أسرة طاردة لأطفالها غير قادرة علي تربيتهم نتيجة الفقر.. فيصبح الشارع مكانا يلبي احتياجاتهم أكثر من أسرهم. الأسر الفقيرة كما تقول عزة كريم مجني عليها وبالتالي لابد أن يقوم المجتمع ومؤسساته الأهلية والرسمية بتبني هؤلاء الأطفال وتعديل النظام التربوي في المؤسسات ووضع برامج تدريب لأساليب الإدارة والتعامل, أما الأسرة فيجب أن نرعاها بشكل مختلف بتشكيل قوافل من وزارة الصحة والتربية والتعليم والشئون الاجتماعية للدخول الي العشوائيات والتعامل مع الأسر للتعرف علي مشكلاتهم وتوفير فرص عمل لهم ورعايتهم اجتماعيا وصحيا وتعليميا, لأن الفقر يولد العنف والعنف يأتي من الحرمان, وفي حالات تعرض أطفال للخطر من قبل والديهم فلابد من إبلاغ الشرطة والنيابة العامة واصطحاب الطفل إلي إحدي المؤسسات الأهلية للتخفيف عنه وعلاجه وحرمان والديه منه لفترة محدودة حتي يشعرا بخطئهم ويحسنا معاملته. الحوار هو الحل ومن جانب آخر يفسر الدكتور هاشم بحري أستاذ الطب النفسي ظاهرة العنف ضد الأطفال بأنه قائم علي فكرة تعليم الطفل في البيت والمدرسة كيف يتعامل مع الاخر المختلف معه في الرأي فنجد الطفل في سن عامين نبدأ في معاقبته حين يرفض الابتعاد عن أحضان أبويه أنه في حين نجد أن الأب والأم ليس لديهما الرغبة في استقلال الطفل عنهما ويبدآن في عقابه ويتزايد العنف كلما أصبح للطفل رأي مخالف, فالعنف والقهر موجود بين جميع أفراد المجتمع وليس فقط بين الأباء والأبناء. الكل في المجتمع يمارس العنف اللفظي أو البدني ضد الاخر, ومن هنا المبدأ الذي يتعلمه المواطنون هو القهر والعنف وليس التفاوض والحوار والتواصل الي تعديل في السلوك عن طريق المدارس ووسائل الإعلام للتأكيد علي مقولة إن الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية. الاستهانة بالقانون وتؤكد الدكتورة عزة العشماوي مدير عام المكتب الفني بالمجلس القومي للطفولة والأمومة أن القانون يكفل حقوق الطفل كاملة في الحياة, فالمادة96 من قانون الطفل تنص علي معاقبة كل من يعرض صحة وأمن وأخلاق وحياة الطفل للخطر وإذا كان الجاني شخصا مسئولا ومتوليا لرعاية الطفل سواء الأم أو الأب أو المدرس فتشدد العقوبة وتتضاعف وهناك مواد كثيرة في القانون تجرم انتهاك حقوق الطفل وتمنع استغلاله وعمله واغتصاب براءته وتعطيه الحق في اللعب والترفيه والحرية والتعليم والحياة الكريمة, ولكن للأسف الشديد هذا القانون غير مفعل ويستهان به ليس فقط بعد الثورة وإنما قبل الثورة أيضا وقد سبق أن طالبنا المشرع بمجلس الشعب الأسبق بتشريع قانون لمعاقبة وتجريم الاباء أو الأمهات المعتدين علي اطفالهما إلا أن بعض الأعضاء رفضوا مبررين ان90% من الأبوين سيدخلون السجن لقيامهم بتربية وتعنيف اطفالهم وهذا غير منطقي ولا يجوز فكل طفل يمكن بذلك التشريع ان يسجن اباه أو أمه لمجرد اختلافه معهما أو رفضهما لتحقيق رغباته, وهكذا تنتهك حقوق الطفل ليس فقط في المنزل ولكن في دور الإيواء ومؤسسات الرعاية التابعة للشئون الاجتماعية.