في مجتمع متأخر ذي تقاليد بالية أصبح فيه المرض النفسي عارا من الجائز والطبيعي أن يتحول المريض لمتهم يرتكب جريمة قتل وربما يكون الضحية أقرب الناس اليه فالقاتل ليس مجرما بطبعه ولا جاحدا رافضا لبر والديه وعطائهم وحبهم. وانما كل ذنبه أنه مجرد مريض لايدرك تماما ماذا يفعل أو يقدر كلية ما هو مقبل عليه لانه ترك فريسة لمرضه الذي أصبح وبالا عليه ومع الأيام كان سببا في أن تمتد يداه بالشر لأعز الناس. استيقظت مدينة أبو حماد منذ أيام علي جريمة بشعة راحت ضحيتها ربة أسرة عثر عليها مضرجة في دمائها عقب محاولتها فض خلاف بين ابنها ووالده ليكون نصيبها14 طعنة نافذة بمختلف أنحاء الجسم وتغادر روحها الي بارئها ضحية مرض نجلها. المدهش أن الابن المتهم وحتي مثوله للتحقيق أمام نيابة أبو حماد بإشراف حاتم نصار مدير النيابة لم يكن يدري أن الضحية هي والدته فقد كان يعتقد أنه ربما قتل والده لينخرط في بكاء وعويل حسرة والما علي ما جنت يداه فور علمه بالحقيقة ولسان حاله يقول هذا جناه أبي علي وما جنيت علي أحد. البداية كانت بلاغا تلقاه العميد محمود أبو زيد مأمور مركز أبو حماد بعثور أهالي المدينة علي جثة ن. ع ربة منزل53 سنة داخل منزلها بها عدة طعنات يجلس بجانبها نجلها وبيده سكين بينما يرقد والده مصابا بجرح نافذ وذلك عقب سماعهم أصوات استغاثة وصراخ من داخل منزل الأسرة حيث هرع عدد من رجال الشرطة والبحث الجنائي لكشف غموض الحادث وتوصلت التحريات التي قادها العميد رفعت خضر مدير المباحث الجنائية بالشرقية والعقيد أمجد فتحي رئيس المباحث وقام بها الرائد محمد لاشين رئيس مباحث أبو حماد إلي أن مشاجرة نشبت بين ابن السيدة م. ف. ز الطالب بكلية الحقوق30 سنة وزوجها ف. ز صاحب محل لصناعة المفاتيح60 سة تعالت خلالها أصواتهما وقام خلالها الإبن بالتوجه للمطبخ لاستلال سكين المنزل محاولا الإعتداء علي والده وعندما تدخلت والدته لفض الإشتباك لم يدر بنفسه وطعنها أكثر من14 طعنة ظنا أنها والده كما توصلت التحريات إلي أن الصدمة كانت قاسية فقد كانت بالنسبة له حصن الأمان والملاذ الآمن الذي يهرع اليه مع كل مشكلة يتعرض لها. فمن أين له يمثل حنانها ورجاحة عقلها ومن سيعينه علي تحمل فراقها وكيف طاوعته يداه علي ارتكاب الجريمة البشعة وبدأ رواية حكايته فقال منه لله والدي هو من دفعني لايذائه لم يكن يمنحني ما أحتاجه كان دائما يتعامل معي وكأنني طفل حتي أمام الناس لم يكن يدرك أنني أكبر وأشعر بالخجل من كل من حولي كانت نظراتهم تقتلني كنت أراه يتحدث عني بطريقة سيئه لم يكن يلجأ فقط لاهانتي أمامهم ولكن باخبارهم بأنني مريض حتي الجامعة لم يتركني فيها ذهب وأخبر زملائي كان يحرمني المال ولا يمنحني اياه بدعوي أنني لا أجيد التصرف وأني سأضيعه أفقدني الثقة بنفسي فأصبحت أخشي الناس وفكرت في اعتزالهم وتجنبتهم كثيرا, كانت نظراتهم تقتلني وكلامه يدمرني أما أمي فكانت شيئا آخر كانت حينما تحتضنني أنسي كل شئ واشعر بالثقة هي من كانت تواسيني وتطلب منه التوقف عن معاملتي هكذا. جيران الأسرة أكدوا أن الإبن ينتمي لعائلة كبيرة وله3 أشقاء في مراكز مرموقة وسمعتهم طيبة وانه هو نفسه شخص هادئ بشكل عام واحيانا كان يقف مع والده بمحله لكنه يعاني حالة نفسية منذ سنوات وانه يميل للإنطوائية والإنعزال وقال أحدهم انه طالب بالحقوق منذ12 عاما وأنه رسب عدة مرات واضطرت اسرته للاعتذار عن الامتحان وتأجيله مرات أخري لظروف مرضه. أما زوج شقيقته فيؤكد ان محمد شاب ملتزم أخلاقيا ودينيا ولكنه دائما ما كان يشعرر بالإضطهاد وبأن من حوله يريد ايذاءه ومنهم والده الذي كان يعتقد أنه يريد قتله بسبب ما كان يسيطر عليه من وسواس وأننا ووالده فكرنا عدة مرات ايداعه مؤسسة علاجية للأمراض النفسية والعصبية لكن والدته اعترضت بشدة خوفا عليه من تدهور حالته اذا ما ابتعد عنهم وكذلك خشية الفضيحة اذا ما انتشر خبر ذهابه للعلاج بالمستشفي فقد كانت تحبه بشدة وتخاف عليه أن يفارقها أو أن يقال عنه إنه أصيب بالجنون. ويروي أحد أقاربه أنه علي رغم حالته النفسية وظروفه كان مصرا علي الإلتحاق بالخدمة العسكرية وذهب إلي الجيش لكنه تعرض للعديد من المشكلات بسبب شعوره بأن هناك من يدبر لقتله وتم انهاء خدمته وتفجر شقيقته مفاجأة بأن أخاها لم يقتل والدته وانما هي من لم تستطع تحمل الصدمة فاصيبت بأزمة قلبية لفظت معها أنفاسها حينما رأته يحاول الإعتداء علي والده وفشلها في ايقافه عن ذلك لكن شقيقها لم يتحمل الصدمة حينما رآها ملقاة فأصيب بحالة هيستيرية وسارع للمطبخ وبعد ان حمل الماء لافاقتها جلب سكينا وظل يضرب جسدها دون أن يدري أنها والدته. وحتي عرض التقرير النهائي لحالة محمد النفسية والعصبية تم تجديد حبسه علي ذمة التحقيق بإشراف المستشار أحمد دعبس المحامي العام لنيابات جنوبالشرقية.