(لن تستطيع بعد اليوم إيذاء أمي أو أختي) تلك كانت الكلمات التي رددها الطفل مصطفي مرشدي سعيد البراوي والذي يبلغ من العمر14 عاما والمقيم ببرج رشيد بمحافظة البحيرة. وهو يطلق الرصاص من السلاح الآلي علي والده فيقتله ويقف أمام الجثة مرددا وهو في حالة من الهيستريا( عشانك يا أمي قتلت أبي). حيث لم يكن هذا الأب إلا قاتلا مأجورا أتهم في عدة قضايا قتل وسرقة ومخدرات, فهو مسجل خطر, كما قضي عدة سنوات بالسجن واشتهر في المنطقة بقيامه بأعمال البلطجة, والقتل والنهب لحساب الغير, ولم يكتف الأب القتيل بممارسة العنف مع أهالي القرية, بل كان دائم الاعتداء بالضرب المبرح علي زوجته وابنته الطفلة التي لم تتجاوز11 عاما متهما إياهما بأنهما يدسان السم له في الطعام كما صور له خياله المريض. وكان هذا العنف والاعتداء المستمران من الأب هو سبب حقد الابن وكرهه الشديد لأبيه, والذي ظل يزداد بمرور الوقت, ومع كل واقعة اعتداء من الأب علي أسرته, يزداد تصميم الابن علي الانتقام وتخليص أمه وأخته من هذا العذاب اليومي, لكن كيف؟ حتي شاء القدر حينما كان الابن يجلس بجوار المنزل دون أن يراه أحد, فشاهد والده في جنح الظلام يدفن قطعة سلاح آلي في حفرة أسفل شجرة بجوار المنزل فاختمرت الفكرة في ذهنه وقال لنفسه إن هذا السلاح الذي طالما استخدمه أبوه في قتل الأبرياء وترويع المواطنين, لماذا لايكون وسيلة الخلاص من الأب, ووضع حد لشروره وتخليص أمه وأخته من العذاب الذي يتجر عانه ليلا ونهارا. وفي إحدي الليالي حسم الابن أمره حيث انتظر حتي حل الظلام واستخرج السلاح الآلي من الحفرة وتسلل إلي سطح المنزل وانتظر حتي عاد والده متسللا إلي المنزل, فبرز له من الظلام وأطلق عليه عدة دفعات من السلاح الآلي فأرداه قتيلا في الحال, وعلي صوت الطلقات خرجت أمه وأخته تبكيان وتجمع أهالي القرية حول الأب القتيل والابن القاتل, الذي أخذ يردد( الحمد الله خلصت أمي المسكينة وأختي الصغيرة والناس من شروره) وباستدعاء الشرطة ألقت القبض علي الابن الذي لم يحاول الهرب. وبعد تحرير المحضر له بقسم الشرطة, تمت إحالته إلي النيابة حيث تقرر إيداعه بمؤسسة الأحداث بدمنهور, وتحددت له جلسة للمحاكمة حيث قررت المحكمة تسليمه إلي والدته علي أن تتعهد بحسن رعايته مستقبلا ولكن النيابة العامة قامت باستئناف الحكم وفيه أيدت المحكمة الحكم السابق صدوره من محكمة أول درجة والقاضي بتسليمه لوالدته, وذلك مراعاة لسنه ولظروفه الاجتماعية وطبيعة المجني عليه والظروف المحيطة بالحدث. وبالفعل تم تسليمه إلي والدته, والغريب أن الأم وفي أثناء عملية الاستلام كانت تقول للابن( تذكر انه والدك وأطلب له الرحمة وأقرأ له الفاتحة) فيرد عليها الابن قائلا وهو يبكي: علي فكرة أنا طول14 سنة وهي كل عمري لم أشعر لحظة أنه والدي, في حين أن الأبوة كانت تعني مزيدا من الحنان والحب والرعاية والتوجيه لي, ولكن لم أتذكر يوما أنه ضمني إلي حضنه, وأضاف الابن قائلا لوالدته: تصوري أن الشهور القليلة التي قضيتها في المؤسسة شعرت أن مديرها الأستاذ علي فهمي هو أبي الحقيقي لما لمسته منه من حب ورعاية وحنان وهذا الرجل هو الذي يجب أن أدعو له. وفي صرخة يملؤها الخوف وبكلمات مرتعشة يقول الطفل كأنما يحدث نفسه انه يخاف من انتقام أسرة أبيه منه, تلك الأسرة التي مات العديد منها إما مقتولا بالرصاص أو بالسم.. إنها حقا عدالة السماء وانتقام لدماء الأبرياء التي أسالها هذا الأب المسجل الخطر( القاتل).