بحلول عام2018 أو ربما قبل ذلك سيحكم كوبا شخصا لا ينتهي اسمه ب كاسترو, فبعد انتهاء أسطورة تشافيز في فنزويلا, ستنتهي أيضا خلال الخمس سنوات المقبلة حقبة الأخوين كاسترو اللذين حكما كوبا لنحو54 عاما منذ الثورة الكوبية عام1959، وذلك وفقا لما أعلنه الرئيس الكوبي راؤول كاسترو الشهر الماضي عندما أكد انه سيقدم استقالته عقب انتهاء فترة ولايته الثانية عام2018 أو ربما قبل ذلك للسماح لأجيال جديدة أن تأخذ فرصتها في إدارة شئون البلاد. ورغم أن انتقال السلطة هو أحد أهم مظاهر الديمقراطية, إلا أنه في الدول ذات النظم الاستبدادية ما هو إلا مسألة تغيير أشخاص وليس سياسات, أشخاص يدينون بالولاء للنظام السابق ويتعهدون بالحفاظ علي مصالح قياداته والتمسك بثوابت سياساته العامة سواء داخليا أو خارجيا وهذا ما يحدث تماما في كوبا كما يحدث أيضا في فنزويلا والصين وغيرها من الدول الشمولية. فقبل خروج راؤول كاسترو الذي يبلغ من العمر81 عاما من المشهد السياسي في كوبا تم تجهيز البديل عنه وخليفته للمرحلة المقبلة,فقد اختارت الجمعية الوطنية الكوبية ميجيل دياز كانيل52 عاما- نائب أول لرئيس مجلس الدولة الذي يمثل أكبر سلطة تنفيذية في كوبا, الأمر الذي يجعله الأقرب لخلافة كاسترو في حالة استقالته أو وفاته. ويري غالبية المحللين أن مستقبل كوبا بعد انتهاء حقبة كاسترو لن يتغير كثيرا سواء في تمسك هافانا بالنظام الشيوعي أو استمرار حسن علاقاتها بفنزويلا وعلي سياستها العدائية المعلنة ضد الولاياتالمتحدة.ويقول المحللون أن الدليل علي ذلك هو أن الجيش الكوبي الذي يسيطر علي الحزب الشيوعي الحاكم وعلي العديد من مفاصل الدولة لن يرضي مطلقا بأي أشخاص يخالفون توجهاته السياسية و مصالحه الاقتصادية في البلاد لذلك فإن اختيار قيادات كوبا الجدد لن يتم إلا بموافقة الجيش. الأمر الثاني أنه من الناحية الاقتصادية فإن الخليفة المنتظر دياز كانيل من أكبر القيادات الشابة للحزب الشيوعي ومعروف بتمسكه بالمبادئ الماركسية منذ انضمامه للحزب, وهو ما يضمن استمرار توجه الاقتصاد الكوبي ناحية الاشتراكية علي الرغم من بعض الإصلاحات الانفتاحية التي أقرها الرئيس راؤول خلال السبع سنوات الماضية والتي سمحت بدخول اقتصاد السوق إلي نظام الدولة, دون أن يمس بسلطة الحزب الشيوعي الكوبي. ومن ناحية أخري, فإن كانيل من أكبر المؤيدين لتعزيز العلاقات مع فنزويلا خاصة مع اعتماد الاقتصاد الكوبي بشكل رئيسي علي مساعدات كاراكاس التي تقدر ب10 مليارات دولار سنويا وتتمثل معظمها في إمدادات نفطية بأسعار زهيدة, وهي المساعدات التي من دونها قد ينزلق الاقتصاد الكوبي في ركود كبير.أما العلاقات مع الولاياتالمتحدة,فإن حكام كوبا الجدد لن يستطيعوا التخلي بشكل مفاجيء عن ميراث قومي طويل من العداوة للولايات المتحدة وهي العداوة التي طالما دعمت كاريزما و نفوذ الأخوين كاسترو لدي الشعب الكوبي طوال السنوات الماضية, كما أن هافانا ليست علي استعداد بان تخاطر بعلاقاتها مع أهم حلفائها الدوليين مثل إيران و فنزويلا في مقابل إقامة علاقات أفضل مع واشنطن خاصة في ظل مناخ عدم الثقة السائد منذ عقود بين البلدين.ولكن البعض يري أن الولاياتالمتحدة هي التي ستقوم بمبادرات لتحسين علاقتها تدريجيا مع كوبا بعد خروج الأخوين كاسترو من الحكم خاصة أنه وفقا لقانون الحظر التجاري الأمريكي علي كوبا والذي أقره الكونجرس عام1996, فإن الولاياتالمتحدة لن تعترف بأي حكومة كوبية تحت قيادة أحد الأخوين فيدل أو راؤول كاسترو, أي أن الطريق أمام استدراج كوبا للأحضان الأمريكية ربما يكون مفتوحا بعد انتهاء' عهد كاسترو'.