رئيس جامعة قناة السويس يهنئ السيسي بالعام الميلادي الجديد    أسعار الذهب تتعافى بعد تراجع كبير.. ماذا حدث اليوم؟    السيطرة على انفجار خط المياه بطريق النصر بمدينة الشهداء فى المنوفية    الإمارات تصدر بيانًا حول الأحداث الجارية في اليمن    أبو الغيط يدعو لوقف التصعيد وتغليب لغة الحوار في اليمن    يلا كووورة.. شاهد بالبث المباشر الأهلي في اختبار الثأر أمام المقاولون العرب بكأس الرابطة 2025    حبس رمضان صبحي سنة مع الشغل    رئيس جامعة العريش يتابع سير امتحانات الفصل الدراسي الأول بمختلف الكليات    الرئيس الإيراني يتوعد برد "قاس ومؤسف" على تهديدات ترامب    30 ديسمبر 2025.. أسعار الذهب ترتفع 25 جنيها إضافية وعيار 21 يسجل 5945 جنيها    الأمانة العامة لمجلس النواب تبدأ في استقبال النواب الجدد اعتبارا من 4 يناير    رئيس الزمالك يسافر إلى فرنسا للخضوع لفحوصات طبية    بيراميدز يخطف حامد حمدان من الأهلي    بدء تسليم كارنيهات العضوية للنواب المعلن فوزهم من الهيئة الوطنية للانتخابات    قادة أوروبيون يبحثون ملف حرب أوكرانيا    دينامو زغرب يضم عبد الرحمن فيصل بعد فسخ عقده مع باريس سان جيرمان    موعد مباراة الزمالك والاتحاد السكندري بكأس عاصمة مصر    النيابة العامة تُجري تفتيشًا لمركز إصلاح وتأهيل 15 مايو    ضبط 12 طنا من الدقيق الأبيض والبلدي المدعم في حملات تموينية    إصابة 8 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص على طريق القاهرة- أسيوط الصحراوي الغربي بالفيوم    خلاف على أملاك الدولة.. الداخلية تضبط طرفي مشاجرة بالأسلحة النارية في أسوان    بمناسبة احتفالات رأس السنة.. مد ساعات عمل مترو الخط الثالث وقطار العاصمة    مهرجان المنصورة الدولي لسينما الأطفال يكشف عن بوستر دورته الأولى    وفاة الروائي محمد يوسف الغرباوي    الزراعة: تحصين 1.35 مليون طائر خلال نوفمبر.. ورفع جاهزية القطعان مع بداية الشتاء    رئيس الوزراء يتفقد عددا من أقسام مستشفى جامعة الجيزة الجديدة    وزير الداخلية يعقد اجتماعا مع القيادات الأمنية عبر تقنية (الفيديو كونفرانس)    وزير الثقافة يُطلق «بيت السرد» بالعريش ويدعو لتوثيق بطولات حرب أكتوبر| صور    جامعة قنا تطلق أول منصة إلكترونية شاملة لتنظيم العمل التطوعي    وزارة العدل تقرر نقل مقرات 7 لجان لتوفيق المنازعات في 6 محافظات    معهد الأورام يستقبل وفدا من هيئة الهلال الأحمر الإماراتي لدعم المرضى    مهرجان أسوان لأفلام المرأة يعلن عن برنامج تدريبي للشباب بأسيوط    محافظ المنوفية يضع حجر الأساس لإنشاء دار المناسبات الجديدة بحي شرق شبين الكوم    مصرع تاجر مخدرات وضبط آخرين في مداهمة بؤرة إجرامية ببني سويف    معبد الكرنك يشهد أولى الجولات الميدانية لملتقى ثقافة وفنون الفتاة والمرأة    تراجع معظم مؤشرات البورصة بمستهل تعاملات الثلاثاء    فيديو.. متحدث الأوقاف يوضح أهداف برنامج «صحح قراءتك»    حازم الجندى: إصلاح الهيئات الاقتصادية يعيد توظيف أصول الدولة    فيتو فى عددها الجديد ترصد بالأرقام سفريات وزراء حكومة ابن بطوطة خلال 2025    محافظة الجيزة تعزز منظومة التعامل مع مياه الأمطار بإنشاء 302 بالوعة    الصحة تنفذ المرحلة الأولى من خطة تدريب مسؤولي الإعلام    أوكرانيا: مقتل وإصابة 1220 عسكريا روسيا خلال 24 ساعة    حكام مباريات غداً الأربعاء في كأس عاصمة مصر    رئيس جامعة الجيزة الجديدة: تكلفة مستشفى الجامعة تقدر بنحو 414 مليون دولار    بنك مصر يخفض أسعار الفائدة على عدد من شهاداته الادخارية    فطيرة موز لذيذة مع كريمة الفانيليا    «هتحبس ليه؟ فرحي باظ وبيتي اتخرب».. أول تعليق من كروان مشاكل بعد أنباء القبض عليه    «التضامن» تقر توفيق أوضاع جمعيتين في محافظة القاهرة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30-12-2025 في محافظة الأقصر    اليوم.. طقس شديد البرودة ليلا وشبورة كثيفة نهارا والعظمي بالقاهرة 20 درجة    التموين تعلن اعتزامها رفع قيمة الدعم التمويني: 50 جنيه لا تكفي    إصابة منصور هندى عضو نقابة المهن الموسيقية فى حادث تصادم    إعلام فلسطيني: طائرات الاحتلال تشن غارات شرقي مخيم المغازي وسط قطاع غزة    بيان ناري من جون إدوارد: وعود الإدارة لا تنفذ.. والزمالك سينهار في أيام قليلة إذا لم نجد الحلول    بوينج توقع عقدًا بقيمة 8.5 مليار دولار لتسليم طائرات إف-15 إلى إسرائيل    ما أهم موانع الشقاء في حياة الإنسان؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب    هل تجوز الصلاة خلف موقد النار أو المدفأة الكهربائية؟.. الأزهر للفتوى يجيب    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 29-12-2025 في محافظة الأقصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وداعا‏..‏ فؤاد زكريا..
نشر في الأهرام اليومي يوم 17 - 03 - 2010

رحل المفكر المصري الكبير فؤاد زكريا‏,‏ الذي كان قمة شامخة في ساحة الفلسفة العربية المعاصرة‏.‏ تميز فؤاد زكريا بسمة أساسية‏..‏ وهي أنك تشعر بعد أن تقرأ له بأن ثمة تغييرا إلي الأفضل قد طرأ علي عقلك ووجدانك‏,‏ وتشعر أيضا بعد قراءته أنك أصبحت إنسانا جديدا مختلفا عما كنته قبل قراءته‏.‏ وهذه هي سمة الكاتب الجيد‏ وإذا صدق هذا المعيار علي بعض المفكرين والكتاب مرة‏,‏ فإنه يصدق علي فؤاد زكريا مرات ومرات‏.‏
كان قلم فؤاد زكريا أشبه بالمحراث الذي يشق الأذهان ويحفرها ويهيئها للزرع الجديد‏,‏ كانت أفكاره أشبه بمطرقة‏..‏ تقرع الرؤوس لتنبهها وتثير اهتمامها‏,‏ وتنقلها من الخيال إلي الواقع‏,‏ ومن الوهم إلي العلم‏,‏ ومن الخرافة إلي الحقيقة‏.‏
وكان النقد هو جوهر فلسفة فؤاد زكريا‏,‏ وإذا كان العلم هو سبيل التقدم‏,‏ فإن النقد هو سبيل التحضر والرقي‏...‏ إن المجتمعات المتخلفة لاتعرف النقد‏,‏ وبالتالي لاتمارسه‏,‏ إنها لا تعرف سوي أحد أمرين‏:‏ المدح أو الذم‏.‏ النقد الذي دعا إليه فؤاد زكريا ومارسه طوال حياته هو أبعد مايكون عن هذين الأمرين‏.‏ إنه التحليل العقلي للأقوال والأفعال للكشف عن محاسنها ومثالبها‏,‏ ميزاتها ونقائصها‏.‏
النقد كما فهمه فؤاد زكريا هو الجهد العقلي لعدم تقبل الأفكار تقبلا سلبيا‏,‏ إنه البحث في أصول الظواهر وجذورها وارتباطها بحقائق الواقع من حولها‏,‏ أي معرفتها معرفة حقة‏.‏ إن النقد هو التحدي الحقيقي الذي يتحتم علي الفلسفة أن تقبله من أجل تسويغ وجودها في عالم اليوم‏,‏ العالم الذي يزداد فيه التخصص وتتراكم الإنجازات العلمية كل يوم‏,‏ بل كل لحظة‏.‏
كان فؤاد زكريا مقاتلا جسورا وفارسا نبيلا لاتلين له عريكة‏..‏ كان نموذجا للمفكر الملتزم‏,‏ فهو لم يقف موقف المتفرج السلبي الذي يؤثر السلامة الشخصية أوالمصلحة الذاتية علي حساب ما يؤمن به من مباديء‏..‏ لقد خاض العديد من المعارك الفكرية مزودا بمنهج علمي صارم‏,‏ إذ وقف من ثورة‏23‏ يوليو موقفا نقديا في السبعينيات من القرن الماضي‏.‏ وقد عرض هذا الموقف في ثلاثة مقالات متتالية بمجلة روزاليوسف الاسبوعية مما أثار حفيظة الناصريين والماركسيين ضده‏,‏ فتصدوا للرد عليه‏,‏ فرد عليهم بعدة مقالات نقدية‏,‏ وكانت معركة فكرية شهيرة ورائعة تم تسجيلها في كتاب بعنوان‏:‏ عبدالناصر واليسار المصري‏.‏
كما هاجم فؤاد زكريا الجماعات الدينية المتطرفة بضراوة في العديد من كتاباته‏(1‏ الحقيقة والوهم في الحركة الإسلامية المعاصرة‏,2‏ الصحوة الإسلامية في ميزان العقل مما لم يؤد إلي مهاجمته فكريا فحسب‏,‏ بل الدعوة لإباحة دمه من فوق منابر العديد من المساجد أيضا‏.‏
لقد أثري فؤاد زكريا حياتنا الفكرية بمؤلفاته الغزيرة الداعية إلي نبذ الخرافات وسيادة التفكير العلمي في مجتمعاتنا‏..‏ ومع ذلك فإن قدرا لايستهان به من الغبن وقع علي هذا المفكر الكبير‏..‏ وأكاد أجزم بأنه تعرض في حياته لمؤامرة هدفها تغييبه عن عقول الناس ووجدانهم‏..‏
وإلا فبماذا نفسر عدم الاحتفاء بمفكر بقامة فؤاد زكريا حتي اختطفه الموت؟ أين كانت مؤسساتنا الثقافية من هذا الرجل؟ هل كانت تنتظر حصوله علي جائزة نوبل حتي تدرك كم كان فؤاد زكريا شامخا وعظيما؟‏!‏
إن الأمم العظيمة هي التي تعرف أقدار النابغين والنابهين من أبنائها‏,‏ وإذا لم نكن قد انتبهنا إلي قيمة هذا الفيلسوف المصري الكبير أثناء حياته‏,‏ فلا أقل من أن نحتفي به بعد رحيله علي النحو الذي هو أهل له‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.