في بداية عام2011 ظهرت حركات شعبية قوية تهدف إلي تغيير جذري في أوضاع عدد من الأقطار العربية. وقد بدأت الشرارة الأولي في تونس ثم في مصر ثم ليبيا واليمن وسوريا. وتصاعدت الاحتجاجات إلي أن وصلت للحد الذي مكنها من الإطاحة برأس النظام ونخبته في أيام قليلة داخل كل من مصر وتونس وبعد عدة شهور في ليبيا. لقد بدأ كثيرون يتحدثون عن تحول شامل في النظام العربي. وباستعراضنا للموقف في سوريا نجد أن هناك حالة من الانقسام بين الدول العربية تجاه الثورة في تلك الدولة. فسوريا تعيش ذروة الخطر في ظل عجز الثوار عن حسم الموقف لصالحهم واستخدام النظام القائم قواته المسلحة في مواجهة الثوار ولعل موقف دولة النمسا خاصة مما يجري حاليا علي الساحة العربية عامة وفي سوريا خاصة يبرز التوازن الذي تلعبة النمسا في علاقاتها مع الدول العربية فالنمسا عندما شعرت بأن الإرادة الشعبية تريد التغيير, وأن النظام القائم ليس بمقدوره وأدها من ناحية, ولا يمكن أن يقوم بعملية إصلاح حقيقي من ناحية أخري ايدت ودعمت بحسم الارادة الشعبية لتغيير أنظمة الحكم في سوريا. وبعد صدورقرار جامعة الدول العربية بتعليق عضوية سوريا في هذه المنظمة أعلنت الخارجية النمساوية عن ترحيبها بذلك القرار نظرا لما يحدث علي الأرض من مجازر تجاه المدنيين في سوريا من قبل النظام السوري. وتري النمسا ان هذا القرار فرض مزيدا من العزلة علي النظام السوري الذي يصر علي انتهاك حقوق الانسان وقمع الاحتجاجات السلمية. وتعتقد الحكومة النمساوية بأن تواصل العمل مع أصدقائها وحلفائها من أهم الخطوات التي من شأنها الضغط علي نظام بشار الاسد ودعم الشعب السوري. ولعل ذلك يتجسد في السماح لأبناء الجالية السورية بالعاصمة فيينا بتنظيم عدة مظاهرات حاشدة شارك فيها كافة الفئات المختلفة من شباب وفتيات وكبار السن وبمشاركة عدد من أبناء الجالية العربية المقيمة بمدينة فيينا منددين فيها بقمع النظام السوري للمتظاهرين السلميين وسقوط الضحايا المدنيين في العديد من المدن السورية طوال الفترة الماضية. والأمر لا يتوقف عند هذه المظاهرات فحسب, بل ان الجالية السورية بالنمسا تقيم كل أحد مظاهرة بميدان شتيفان بلاتس وهو أحد أكبر وأعرق الميادين النمساوية لمدة ساعتين حيث يتم أضاءة الشموع ويتم تقديم عرض وافي عن مسيرة الثورة السورية بدمشق بالأضافة إلي عرض جرائم ووحشية النظام السوري علي شعبه بالأضافة إلي الدعم المالي لمتضرري الثورة السورية. ولعل ادانة الخارجية النمساوية في بيان لها القوات الحكومية السورية لأرتكابها جرائم ضد الانسانية في اطار محاولتها قمع المعارضة المناهضة لحكم الرئيس السوري بشار الاسد في مدينة حمص المضطربة والاشادة بتعليق عضوية سوريا في الجامعة ومطالبة الاممالمتحدة بفرض عقوبات علي الافراد المسئولين عن تلك الجرائم واحالة ملف سوريا الي المحكمة الجنائية الدولية لهو خير شاهد علي الموقف الشجاع لدولة النمسا في دعمها للتغيير في سوريا وأخيرا أعلنت الخارجية النمساوية أن دول الأتحاد الأوروبي وفي مقدمتهم النمسا أعادت احياء مشروع قرار في اللجنة الاجتماعية بالجمعية العمومية يدعو سوريا الي وضع حد فوري لانتهاكات حقوق الانسان والعنف وحماية المدنيين. كما قامت النمسا ودول الأتحاد بتوزيع مشروع القرار في اللجنة الاجتماعية المعروفة باللجنة الثالثة في شهر اكتوبر الماضي الا ان المشروع وضع علي الرف بعد شعور هذه الدول بعدم وجود الدعم الكافي له. ولكن وبعد تجميد الجامعة العربية نشاطات سوريا وفرضها عقوبات اقتصادية ودبلوماسية علي دمشق وقيام قطر ودول عربية اخري باعلان رغبتها في رعاية مشروع القرار في اللجنة فإن الدول الأوروبية تأمل تبنيه.