شرف الله تعالي أرض سيناء فجعلها معبرا لأنبياء الله عز وجل إبراهيم وإسماعيل ويعقوب ويوسف وموسي وهارون وعيسي وأمه البتول مريم عليهم الصلاة والسلام, فسيناء لها مكانة عالية عند المولي عز وجل حيث أقسم بها في قرآنه قائلا: والتين والزيتون* وطور سينين( التين:1-2) ف سينينس ز س بأن كلم موسي عليه السلام من عليه تكليما, كما أن من خصائص هذا الجبل أن رفعه الله عز وجل فوق اليهود عندما خانوا العهد ولم يؤمنوا فكان تخويفا وإرهابا لهم فآمنوا ثم أعرضوا كعادتهم فقال فيهم عز وجل وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور( البقرة:63). وفيها الوادي المقدس طوي وهو البقعة الغالية التي قدسها الله تعالي فنادي فيها موسي قائلا: هل أتاك حديث موسي* إذ ناداه ربه بالواد المقدس طوي( النازعات:15-16), ذلك الوادي الكريم الطاهر الذي قال فيه المولي عز وجل لموسي فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوي فأرض سيناء جزء عزيز من مصرنا الغالية, تقاذفته الحوادث, وذلك بسبب هجرانه وإهماله عن قصد من لدن أعداء الوطن, سواء بضغوط من الخارج أو بتعمد من الداخل, فما أحوجنا إلي تعمير هذا الإقليم الغني الثري, تعميره فكرا وعلما وصناعة وزراعة وتواصلا مع أبنائه وإعادتهم إلي حضن وطنهم الأم مصر, كي نقضي علي بؤر التطرف هناك وبذور الشقاق والخلاف والأفكار المسمومة, فما بين فكر تكفيري يجتاح هذه البقعة المباركة واياد خارجية تعبث بأمنها. ويقول الدكتور جمال عبد الهادي أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة أم القري, الحوار مطلوب في سيناء, لا بد للشعب المصري أن يذهب ويشارك أهل سيناء في تعميرها وإعادة الأمن لها, لا بد إذن من فتح الحوار وليست القضية قضية دعاة عابرين يذهبون إلي سيناء في مؤتمر ويرجعون, بل لا بد من ذهاب الفلاحين والعمال والشباب وتعليمهم كيف يزرعون, من أجل تعمير سيناء, أما الدكتور جمال المراكبي عضو مجلس شوري العلماء وعضو مجلس إدارة جماعة أنصار السنة ورئيسها السابق فيري أن الوضع في سيناء مقلق ليس من أجل النشاط الجهادي, ولكن بسبب عبث أجهزة المخابرات العالمية بهذه المنطقة, فهذه المساحة للأسف إننا أسأنا لسيناء حينما هجرناها ولم نعمرها وطوال عمرنا نتكلم عن أرض الفيروز وما فيها من خيرات, مساحتها أكبر من فلسطينالمحتلة, ترك هذه المنطقة خالية هو خطأ كبير وقعنا فيه, وكل من كان يضطهد من هذا الفكر كان يهرب إلي هناك, والتيار التفكيري بالحوار والنقاش تراجع وغير فقهه وفتاويه, لا بد من وجود أمني نضمن به إحكام القبضة علي سيناء, وهناك مخططات معلنة تخطط لتقسيم مصر, ولو احتجنا أن نتحايل أو نراجع بنود كامب ديفيد فلنفعل, والإمكانية واسعة أمام الدولة. المسألة الثانية: هي المسألة الدعوية, للأسف إنني دعيت في1985 م لمؤتمر دعوي في العريش نظمته الهيئة العالمية للشباب المسلم بالسعودية في مدينة العريش وكان برنامج المؤتمر به معسكر لمدة ثلاثة أيام فرحب بنا الشباب هناك وكانوا سعداء جدا بوجودنا وسطهم, وأعطي مردودا طيبا, ومجموعة من شباب سيناء جاءوا هنا وطلبوا مني- إذ كنت رئيس جمعية أنصار السنة ساعتها- إنشاء مسجد هناك في العريش لأنصار السنة, ولكن للأسف عجزت عن إنشاء المسجد حيث جاء الرفض الأمني حائلا بالرغم من منهجنا الوسطي المعتدل, وهكذا تركت هذه المنطقة للفكر المنحرف, إن الفكر المستقيم المعتدل هو الذي يرد الناس للعدل, فعندما أري راقصة مكرمة وعالما غير مكرم فهنا يحدث الخلل في الفهم, وأعجبني القافلة الدعوية التي قام بها الأستاذ عمرو خالد لسيناء, فقد جاءت بمردود طيب, واشترك فيها ابناي عبد الرحمن وأحمد وذهبوا إلي هناك, البلد بحاجة إلي توعية. ويري الدكتور أحمد عرفات القاضي أستاذ ورئيس قسم الفلسفة الإسلامية بكلية دار العلوم جامعة الفيوم, ان ما يحدث في سيناء أصبح لغزا مخيفا, فقد انفجر فجأة هذا الوحش الخارج من القمقم في وجه الجميع, وأسفر عن وجه ممتلئ حقدا وغيظا ضد المجتمع والإنسانية بحسب التقارير الواردة من هناك, فإنه يجتمع في سيناء أكثر من عشرين ألف جهادي ممن يكفرون المجتمع ويستحلون الدماء, وهؤلاء هم خوارج العصر الجدد كالخوارج الذين استحلوا دم المسلمين وقتلوا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه بدم بارد سواء بسواء, وهؤلاء الخوارج الجدد خليط من متطرفين مصريين وبعض الهاربين من أحكام قضائية وبعض المجرمين من العصابات الخارجة علي القانون وبعض أعضاء جماعة فجر الإسلام في غزة الذين قتل قائدهم في غزة علي يد حماس قبل أكثر من عامين تقريبا وبعض أعضاء التكفير والهجرة من الأفغان العرب الذين عادوا لمصر بعد الثورة, والحقيقة أن كثيرا من هؤلاء الأفراد مخترقون من قبل الموساد الإسرائيلي, وبعض الأطراف الفلسطينية التي تستغلهم لتحقيق مصالح ضيقة علي حساب الأمن القومي المصري, ولكن لا يؤمن مكر هؤلاء, فالغدر في طبيعتهم, لأن عقولهم مريضة وقلوبهم غليظة, ولا يرتدعون إلا بالقوة, ولهذا لا حل لهذه المشكلة إلا بمواجهتها بالقوة, و لا بد من تمكين الجيش المصري من بسط نفوذه كاملا علي شبه جزيرة سيناء بالصورة التي تمكنه من ملاحقة تلك العناصر, وتعديل أي اتفاق يعوق ذلك الانتشار للجيش سوف يفاقم من المشكلة ويزيد من تعقيداتها.