ارتوت سيناء على مدار تاريخها بدماء أبناء مصر الذين ضحوا بأرواحهم للحفاظ على بقعة غالية من أرضهم.. وقبل أيام عشنا جميعًا صدمة جريمة الغدر التى استشهد فيها 16 من خيرة شبابنا وهم يدافعون عن تراب وطنهم, فتحية لكل أبناء مصر الشرفاء الذين يقدمون حياتهم ثمنًا من أجل أن يعيش إخوانهم فى الوطن بأمن واطمئنان, ومهما تحدثنا عن المرارة التى أصابت الشعب المصرى كافة فسنحتاج لمجلدات لكى نوصف فيها مشاعر الحزن والألم المختلطة بالرغبة فى القصاص لشهدائنا وهى مطلب عاجل حتى نشفى غليل صدورنا. وشرفت سيناء بكونها معبرًا لأنبياء الله عز وجل إبراهيم وإسماعيل ويعقوب ويوسف وموسى وهارون وعيسى وأمه البتول فلها مكانة عالية عند المولى عز وجل حيث أقسم بها فى كتابه بقوله تعالى (والتين والزيتون وطور سينين) (التين:1-2) ف «سينين» هى أرض سيناء وبها "جبل الطور" الذى أكرمه الله بأن ناجاه موسى عليه، كما أن من خصائص هذا الجبل أن رفعه الله عز وجل فوق اليهود عندما خانوا العهد ولم يؤمنوا فكان تخويفًا وإرهابًا لهم فآمنوا ثم أعرضوا كعادتهم فقال فيهم عز وجل (وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور) (البقرة:63). وفيها الوادى المقدس "طوى" وهو البقعة الغالية التى قدسها الله تعالى فنادى فيها موسى قائلاً: (هل أتاك حديث موسى. إذ ناداه ربه بالواد المقدس طوى) (النازعات: 15-16)، ذلك الوادى الكريم الطاهر الذى قال فيه الله عز وجل لموسى (عليه السلام) (فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى) (طه: 12). كما أمر الله موسى أن يرحل ببنى إسرائيل لقتال قوم ظالمين جبارين فلما وصلوا إلى "وادى التيه" بسيناء مكثوا فيه أربعين سنة تائهين فكان الله يظلهم بسحاب كالغمام ليقيهم حرارة الشمس وأنزل عليهم المن (طعام حلو) والسلوى (نوع من الطير) ليأكلوا، وقال تعالى (وظللنا عليكم الغمام وأنزلنا عليكم المن والسلوى) (البقرة:57)، فلما أصابهم الظمأ ولم يجدوا ماءً طلبوا من موسى أن يدعو ربه ليرزقهم الماء ليرتووا فقال فى ذلك عز وجل (وإذ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا) (البقرة:60)، فهذه هى سيناء المباركة التى أنعم الله بها علينا ولكن الكثيرين يتجاهلون تاريخها ولا يقدرون قيمتها. كما أن تاريخ سيناء حافل بالأمجاد والبطولات فعلى رمالها دارت أشهر المعارك وعبر دروبها 15 جيشًا من كل أمم الأرض. واسمها كناية عن القمر حين أطلق عليها القدماء اسم الإله "سين" ومن الفيروز أخذت صفتها, وهى البوابة الشرقية لمصر وبها طريق حورس الذى يمتد من قناة السويس غربًا حتى رفح على الحدود مع فلسطين شرقًا ومنه دخل الهكسوس إلى مصر ومنه خرج أحمس ليطاردهم, وعبره خرج ملوك مصر القديمة للسيطرة على أرض كنعان وسوريا حتى بلاد ما بين النهرين وجاء منه إلى مصر الأشوريون والفرس، والإغريق، والرومان، والفتح الإسلامى، والتتار والصليبيون وغيرهم. [email protected]