لم يكن الرئيس الراحل أنور السادات مبالغا عندما أيقن أهمية سيناء الدينية واقترح بناء مجمع للأديان السماوية الثلاثة علي أرضها. فسيناء هي البوابة الشرقية لمصر وإفريقيا.. والأرض التي شهدت أكثر مواجهات الصراع العربي/ الإسرائيلي أهمية.. وهي الأرض التي تتفجر ذهبا وخيرا من عائدات البترول والسياحة فضلا عن قناة السويس علي حدوها الغربية.. وهي عاصمة عالمية بحكم ما تستضيفه مدينة شرم الشيخ من مؤتمرات دولية مهمة.. ولكن كل هذا في كفة, وأهمية أرض سيناء من الناحية الدينية والتاريخية في كفة أخري فقد شهدت سيناء البدايات الأولي لظهور الديانات السماوية الثلاث, وقبل ذلك كانت شاهدا علي مسيرة أبي الأنبياء سيدنا إبراهيم عليه السلام الذي حل إلي مصر عبر سيناء قادما من أرض كنعان فلسطين حاليا بسبب حدوث قحط شديد في فلسطين, قبل أن يعود من جديد إلي موطنه عبر سيناء أيضاوكانت سيناء جزءا رئيسيا في قصة سيدنا موسي عليه السلام, فمنها هرب إلي أرض مدين ليتوب إلي الله عما ارتكبه من ذنب عندما قتل رجلا في مصر بإيعاز من شخص آخر, وعندما عاد إلي مصر سلك طريق سيناء أيضا مع أهله لتحدث واقعة' النار' الشهيرة قرب جبل الطور, قبل أن يأتيه نداء الله الذي أمره بأن يخلع نعليه لأنه' في الوادي المقدس طوي', وذلك في قوله تعالي' إني أنا ربك فاخلع نعليك إنك بالوادي المقدس طوي'. واصطفاه الله لرسالته, ليعود بعدها إلي مصر مع أخيه هارون لإنقاذ بني إسرائيل من بطش فرعون, وخرج بقومه بالفعل من أرض مصر وطاردهم فرعون, لتحدث واقعة شق البحر الأحمر الشهيرة, ووهب الله كل الخيرات إلي بني إسرائيل أثناء وجودهم في أرض سيناء, قبل أن يغضب عليهم بعد أن عبدوا العجل وعصوا أمر ربهم, فبدأت رحلتها مع التيه في أرض سيناء والتي استمرت أربعين سنة وبالنسبة للمسيحية فقد كانت أرض سيناء إحدي النقاط التي شملتها رحلة العائلة المقدسة من بيت لحم إلي مصر, وأيضا في قلب سيناء يقع دير سانت كاترين علي نقطة جبلية عالية فوق جبل الطور, وسمي بهذا الاسم نسبة إلي القديسة' كاترينا' ليكون معقلا للرهبان الروم الأورثوذوكس في سيناء, وليصبح الآن واحدا من أهم المعالم التاريخية والدينية في سيناء ويفد إليه السائحون من مختلف أنحاء العالم لمشاهدته أما في الإسلام, فيكفي القول إن لفظ سيناء ورد في القرآن الكريم مرتين: الأولي بإسم سيناء في سورة المؤمنون في الآية التي تقول:' وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للآكلين', والمقصود بها شجرة الزيتون التي تنمو في أرض سيناء, والثانية باسم' سينين' في سورة التين, في قوله تعالي' والتين والزيتون, وطور سينين...' في إشارة إلي جبل الطور في سيناء, والذي جاء ذكره في القرآن عشر مرات, أغلبها في روايات قصص خروج بني إسرائيل من مصر أو ما يطلق عليهExodus. وعبر أرض سيناء كان الفتح الإسلامي لمصر علي يد عمرو بن العاص وفي عهد الخليفة عمر بن الخطاب, رغم أن ابن الخطاب كان مترددا بعض الشيء في إبلاغ ابن العاص بقرار دخول مصر, ولكن عمرو بن العاص دخل مصر بعد أن قال مقولته الشهيرة لأفراد جيشه وهم عند رفح:' لم يلحقني كتاب أمير المؤمنين حتي دخلنا أرض مصر, فسيروا وامضوا علي بركة الله', ووصل الجيش الإسلامي إلي العريش في عام18 للهجرة, وإلي الفرما بعد ذلك بعام واحد, ثم دارت معركة بلبيس مع الروم. وحتي اسم' سيناء' كان له صلة ما علي الأرجح بالتفسير الديني القديم, إذ تشير إحدي الروايات إلي أن اسم سيناء الذي كان يطلق في البداية علي الجزء الجنوبي من سيناء مشتق من اسم الإله' سين' إله القمر في بابل القديمة, ومن المرجح أيضا ان اسم جبل الطور اشتق من كلمة أرامية تعني' الجبل'.