شبه جزيرة سيناء هي الجانب الآسيوي من مصر الأفروآسيوية وجزء عزيز لا يتجزأ منها وذات أهمية استراتيجية خاصة. وهي بوابة مصر الشرقية وقد عبرت منها غزوات وحملات وفتوحات كثيرة وكانت مسرحاً لمعارك كبري عبر التاريخ. ودافعت عنها مصر باستبسال في حرب أكتوبر 1973 وانتصرت وتم استردادها كاملة تحكيماً. وتنقسم شبه جزيرة سيناء عموماً إلي ثلاثة أقسام. القسم الشمالي ويعرف بالسهول الشمالية والقسم الأوسط ويبلغ مساحته ثلث مساحة سيناء وتوجد به هضبة التيه الجيرية وفي جنوبها هضبة العجمة أما القسم الثالث فهو المثلث الناري جنوبي سيناء ويتميز بتعدد القمم الجبلية المدببة وأهم القمم الجبلية التي تقترب من بعضها قمة جبل سانت كاترين ويظن أنها أعلي قمة جبلية في مصر 2600 متر. وشهدت سيناء حضارات مزدهرة خلال فترات التاريخ القديم، وكانت بمثابة منجم المعادن الذي مد حضارة مصر القديمة بما تحتاجه. وظهر وجود صلات وثيقة بين سيناء ووادي النيل في تلك الفترة، ولم يكن هناك انفصال تاريخي بينهما، ويدل علي ذلك الآثار المصرية الموجودة علي أرض سيناء. وكلم الله موسي في سيناء وسلكت العائلة المقدسة سيناء في رحلتها لمصر فضلاً عن أن سيناء أحد أهم المعابر الهجرات البشرية خلال القرون الأولي من الفتح الإسلامي. فسيناء أرض الفيروز والانتصارات والأنبياء. وبالرغم من محاولات الربط الحثيثة مع داخل الوطن إلا أن سيناء مازالت من الأماكن النائية وقد كان السفر إلي وعبر سيناء يحتاج لترخيص خاص. ويظن أن عمليات التنمية والإصلاح أو التجديد في منشآت شبه جزيرة سيناء طوال فترات سابقة لم تكن إلا لأغراض استراتيجية وعسكرية بحتة وإن كان هذا في حد ذاته سبباً مهماً كمحافظة حدودية إلا أنه غير كاف وحده. فالحدود الشرقية ما بين مصر وفلسطين وقطاع غزة تبدأ من رأس طابا علي خليج العقبة حتي الساحل المتوسطي وذلك لمسافة 210 كم وهذا الحد يتماشي عموماً مع خط طول 34 شرقاً. وبالرغم من تزايد وجود بعض منتجعات سياحية محدودة في مناطق شاطئية محددة ومزارات دينية وبعض أنشطة إلا أنه يلزم زيادة الترابط مع الداخل وهناك ضرورة ملحة لزيادة تنمية سيناء وما بعد الحوادث الإرهابية السابقة التي حدثت من قلة من البدو وما يحدث علي الحدود والمعابر حالياً إلا داعياً أكثر لضرورة تلك التنمية الشاملة المستدامة وحل مشكلاتها ومشكلات بدوها وسوء أوضاعهم المعيشية. فمن مشكلات سيناء أنها مجتمعات بدوية صحراوية نائية تتسم بعدم كفاية الغذاء وانخفاض إنتاجه مع ندرة موارد المياه وصعوبة الحصول علي مياه الشرب وارتفاع تكاليف النقل ومشاكل من بعض قيود تحول دون حرية البدو في التنقل مما يزيد من معاناتهم وفقرهم فضلاً عن قلة الخدمات المتوافرة مع وجود سوء تغذية وظروف صحية غير مناسبة. وتحتاج مجتمعات بدو سيناءلمساكن وصهاريج وآبار وسدود وخزانات لحجز المياه فضلاً عن مدارس وفصول وعيادات ورعاية صحية وتعليم ومحو أمية وتدريب مهني ودورات تدريبية. ناهيك عن عدم كفاية الخدمات الأساسية والافتقار إلي العمالة الماهرة والمعدات والتجهيزات الأساسية ومرافق الصحة والتعليم المناسبة ويزيد من وطأة الأمر أن بيئة وسط سيناء شديدة القسوة. ويمارس بدو سيناء بعض زراعات محدودة وموسمية ورعي الأغنام إلا أن أحوالهم المعيشية هشة وفقيرة. ويتطلب الأمر تحسينها بتوسيع القاعدة الاقتصادية والخدمات الاجتماعية والإمداد بالمرافق والخدمات الرئيسية من كهرباء ومرافق ومدارس طرق وعيادات وتنمية مجتمع والتدريب علي المهارات الحياتية وطرق استجلاب وإدرار الدخل خاصة للفقراء والمرأة والذين لا يملكون أراضي وإتاحة فرص عمل والقضاء علي البطالة مع زيادة المهارات. ويشمل ذلك تحسين وبناء الأصول العينية مثل مصادر مياه الشرب وإنشاء المساكن وكذا تجهيز أراض جديدة وأصول صحية من عمل مراحيض وزيادة الأصول الزراعية والبيئية من زراعة الأشجار ومصدات الرياح بما يكفل الحصول علي المياه وأنشطة مستدامة مدرة للدخل ومساكن آمنة وغذاء أفضل. كما يتضمن ذلك تقديم برامج مساعدات غذائية ومنها الطعام مقابل التدريب والطعام مقابل العمل ومدارس الفصل الواحد وتنويع مصادر الدخل وإعادة تكوين قطعان الماشية وإنشاء مساكن آمنة ومحو الأمية وتعليم السيدات والفتيات حرفًا يدوية وخياطة كما ورد باتفاق الحكومة المصرية وبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة بهدف تحسين مستوي المعيشة وبناء الأصول للبدو الفقراء في شبه جزيرة سيناء. والخلاصة أنه يلزم خلق مجتمعات عمرانية متكاملة مع دمج سيناء في الكيانين الاقتصادي والاجتماعي لبقية الأقاليم المصرية وزيادة التنمية الصناعية بالإضافة إلي دعم البعدين الأمني والسياسي بتدعيم المجتمعات البدوية، وإيجاد محاور تنموية وزيادة الاستثمارات خاصة في شمال ووسط سيناء وليس الجنوب وحده مع تسهيل فرص الاستثمار وبحيث لا تصبح مجرد بناء بعض قري ومنتجعات سياحية وحتي يستفيد أبناء سيناء منها مع ضرورة سرعة تفعيل واستكمال المشروع القومي لتنمية سيناء علي أرض الواقع والذي أقر في عام 1994 وتاريخه المستهدف 2017 لزيادة الكتلة السكانية عبر توفير ما يصل إلي مليون فرصة عمل.، واستصلاح أراض علي امتداد ترعة السلام وخط لمياه الشرب وجذب المستثمرين. فدفع عجلة التنمية في منطقة حدودية كسيناء يخفف من وطأة الحياة الصعبة التي يعاني منها بدوها وتشغيل للعاطلين منهم وتعميق لانتمائهم لمصر وحماية لحدودنا الاستراتيجية الشرقية بزيادة الكتلة السكنية وبإيجاد علاقة متوازنة ما بين البشر والمكان.