بات من الواضح أن الأمور كلها في البلاد تتجه صوب إجراء انتخابات مجلس النواب في نهاية شهر ابريل المقبل بعد أن اتخذت الدولة ممثلة في جهاز الرئاسة قرارها بإقامة الانتخابات في موعدها بشكل سيادي وانفرادي من جديد دون العودة إلي الاحزاب مجتمعة أو التيارات الشعبية أو شباب الثورة حتي الاحزاب والتيارات القريبة من تيارات الحزب الحاكم منهجا وطريقة وطبيعة كحزب النور علي سبيل المثال ودون الجلوس إلي مائدة التوافق الوطني التي نادت بها معظم التيارات السياسية في البلاد, وتطلع إليها أبناء الشعب كله بعد مرحلة الاختلافات الطويلة والانقسامات التي عايشناها ومازلنا نعايشها والتي هددت أمن الوطن واستقراره وأريقت من أجلها الدماء ويكفي ما حدث أخيرا في التحرير والاتحادية وبورسعيد وفي مدن القناة وغيرها. وإذا كانت الدولة تظن أن فكرة اللعب علي الصندوق هي فكرة رائجة لاستكمال مؤسسات الدولة التشريعية والتنفيذية وفرض سيادتها بعد أن ظلت احكام التشريع تائهة بين أكثر من جهة حتي استقرت في أروقة مجلس الشوري فمن الواجب الانتباه إلي أن اللعب علي الصندوق لا يعكس حقيقة المنحي الشعبي الواعي لأسباب عدة أهمها: أولا: ارتفاع نسبة الأمية في البلاد أكثر من40% من نسبة السكان وهم الذين يسهل التأثير عليهم بكل الطرق الشرعية وغير الشرعية, وذلك ليس وليد اليوم لكنه من سوءات النظام السابق. ثانيا: احجام الملايين من أبناء الشعب عن النزول إلي الصناديق وظني أن تجربة الاستفتاء الأخيرة وقبلها انتخابات مجلس الشوري التي لم ينزل إليها سوي7% من المقيدين بكشوف الانتخابات خير دليل علي ذلك. ثالثا: فقدان روح التوافق الوطني وضياع مواقفه وإذا لم يجلس الجميع إلي مائدة الحوار الحقيقي بكامل ضماناته وبروح الحرص والخوف علي مستقبل هذا الوطن الكبير مع تزايد الدعوة للمقاطعة الانتخابية فظني أن التجربة لن تؤتي ثمارها وسنكون كمن يدور في دائرة مفرغة نخرج فيها من مجلس يسيطر عليه فصيل واحد إلي مجلس شبيه وقرين بنسخة مجددة من الوجوه عقيمة في الأداء انحيازية في المواقف تفتقد الخبرة الحقيقية وفكر التجارب في مواجهة المسئوليات. والتغلب علي فكرة الصندوق في ظني يسير للغاية لكنه في حاجة لتنازلات حقيقية إذا أردنا مجلسا يعكس أطياف الشعب بصورة عادلة ومتوازنة ويحقق العدالة في مقدمتها التخلي عن فكرة الاستعلاء والإستكبار لدي بعض الأحزاب ذات الخبرات الانتخابية خاصة في مسألة توزيع الدوائر واللجان وذلك بالاتفاق مع كل التيارات الشعبية والحزبية إذا حدث توافق وطني قبل الانتخابات وهذا معناه أنه ليس من حق فصيل معين له خبراته في الشارع الانتخابي بتجاربه القديمة ووجوده في العملية الانتخابية منذ عشرات السنين أن يحتكر دوائر بعينها أو يوزعها بمنطق المغالبة لا المشاركة لنفسه أمام الاحزاب الجديدة الوليدة التي يرأسها رموز وطنية ومشكلاتها الحقيقية أن عمرها في الشارع الانتخابي عدة شهور كما أن بعضها لايمتلك ميزانيات مالية تخدمها في مسألة الدعاية الانتخابية ومن هنا وجب الاتفاق علي توزيع الدوائر توزيعا عادلا يخدم كل الأطراف والأحزاب ويحقق التوازن المطلوب للمجتمع المصري بكل أطيافه وفئاته وعقائده وأديانه.كما أن من موجبات الحل السريع لأزمة الانتخابات المقبلة أن تتحرك الرئاسة بمنطق ودي بعيدا عن الشكليات الرسمية والدعوات الحوارية عن بعد فكم تعجبنا بعض تصرفات بعض القادة في الغرب مثل الرئيس الأمريكي باراك أوباما ورئيس الوزراء البريطاني كاميرون والفرنسي أولاند وغيرهم الذين إن اختلفوا مع بعض المعارضين والمنتقدين لسياساتهم دعوهم إلي جلسات ودية في أحد المطاعم الشعبية أو المقاهي الشهيرة لنبذ الخلاف ودفق دماء الاتفاق من جديد بعيدا عن الجلسات الرسمية التي لا تخرج منها أي نتائج سوي الصور الباسمة والتصريحات المتناقضة. د.بهاء حسب الله - كلية الآداب جامعة حلوان