الحديث عن توجيه ضربة عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية من جانب الولاياتالمتحدة وإسرائيل والذي تصاعدت وتيرته في الأيام الأخيرة ليس جديدا,فهو يتكرر كل فترة دون أن يدري أحد ان كان جادا أم مجرد تهديدات جوفاء. فمنذ عدة أيام كشفت صحيفة ديلي ميل البريطانية عن اعتزام القوات الأمريكية والإسرائيلية قصف طهران خلال الشهر المقبل. قبل أيام من بداية العام الجديد وفي اليوم التالي صرح وزير الدفاع الأمريكي بأن العمل العسكري ربما يفشل في ردع إيران, وتزامن ذلك مع تحذير المرشد الأعلي للثورة الإيرانية آية الله علي خامنئي من أن إيران سترد بقوة علي أي اعتداء عسكري عليها, وللتقليل من تداعيات أي هجوم محتمل علي المنشآت الإيرانية قال وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك ان ما يتردد عن احتمال سقوط مالا يقل عن مائة ألف قتيل جراء أي مواجهة مع إيران أو أن المقابر لن تتسع لعدد الجثث ما هي إلا محاولات لزرع الخوف في نفوس الإسرائيليين ورغم أن الحرب ليست نزهة لكن طبقا لأسوأ السيناريوهات لن يسقط50 ألفا ولا خمسة آلاف ولاحتي500 قتيل وأضاف باراك قائلا: أنا ورئيس الوزراء لانعمل بمفردنا فيجب موافقة الحكومة علي أي خطوة أو قرار نتخذه وانهي حديثه مؤكدا أنه لايوجد خطر علي إسرائيل أو علي وجودها وان اتخاذ قرار بمهاجمة إيران يأتي بعد الرجوع للقيادة العسكرية التي تقوم بالتخطيط والرجوع أيضا لاجهزة المخابرات لكن في النهاية من يتحمل مسؤلية اتخاذ القرار هو القيادة السياسية. الجنرال مارك هيرتلينج قائد القوات البرية للجيش الامريكي في اوروبا عقد اجتماعا مع المراسلين العسكريين في واشنطن منذ عدة أسابيع أغدق فيه الثناء علي الجيش الاسرائيلي, الثناء الذي أغدقه هيرتلينج عكس واقعا مركبا في العلاقات بين وزارة الدفاع الاسرائيلية ووزارة الدفاع الأمريكية الجيش الاسرائيلي ليس فقط مرتبطا بمنظومة الامن الأمريكية بل تابع لها, ولا يوجد مؤشر كما تقول صحيفة هاآرتس علي أن ادارة اوباما, بقياداتها المدنية والعسكرية, تستعد لارخاء الحبل. كل الادلة الموضوعية تشير الي الاتجاه المضاد. العم سام يعانق ابن اخيه الاسرائيلي بشده, لدرجة أن الجيش الإسرائيلي سيجد صعوبة اذا ما اراد التحرر من العناق. المكانة السياسية لاوباما لم تعد كما كانت ولاتسمح له بأن يخاطر فجأة بحرب جديدة بينما ينهي واحدة في العراق والجيش الامريكي في فترة نقاهة فهو متعب ومجروح من القتال دفع أفراده الي التآكل منهم من رابط5 و6 مرات في مناطق المعارك وفي كل مرة لاشهر طويلة بعيدا عن وطنه و الميل للانتحار في الجيش يتصاعد. عدد الذين يعانون من صدمة المعركة أعلي من أي وقت مضي هذا ليس وقتا لدفع الجنود الي اليأس في حملة اضافية نهايتها غير معروفة, كما أن تمويل العلاج الطبي للجنود وعائلاتهم وحده يقتطع من ميزانية البنتاجون نحو50 مليار دولار في السنة.. إسرائيل والجيش الاسرائيلي, كما تقول صحيفة يديعوت احرونوت هما عنصران هامان في المنظومة الامريكية ولهذا فانها تحرص علي اعالتهما. ولكن في نهاية المطاف, فانهما مثل عجلات طائرة يجب طيها بعد الاقلاع. تقول صحيفة هاآرتس أنه من المتفق عليه ان ايران النووية تعرض المنطقة كلها لتهديد كبير وقدرة إسرائيل علي وجه خاص, ومن المتفق عليه انه يجب فعل كل ما أمكن لكبح جماحها. والسؤال كم يوجد من الوقت بعد, وما الذي يمكن فعله علي حسب التقديرات التي تنشر كل صباح في العالم, يحتاج الايرانيون الي سنة ونصف أو سنتين, منذ اللحظة التي يستقر رأيهم فيها علي تخصيب اليورانيوم لحاجات عسكرية الي اللحظة التي يتوصلون فيها الي قدرة عسكرية. ولايزال القرار لم يتخذ في ايران. في مقابل ذلك, يعمل الايرانيون علي تطوير رؤوس صواريخهم. وهذا ايضا يحتاج إلي زمن لايقل عما يحتاجه تخصيب اليورانيوم. والسؤال هو ما الذي يجب علي اسرائيل ان تفعله, هل تعلق الآمال علي تشديد العقوبات, وتحسن القدرات هنا وتري العملية العسكرية آخر وسيلة, أم تبكر بالهجوم. ان نتنياهو وباراك متعجلان. ويبدو ان قادة الاجهزة الامنية وعددا من الوزراء يعارضون بشدة, كل واحد له أسبابه ونتنياهو الذي يشتكي مما ينشر الآخرون, لايفوت أية فرصة لتأجيج النار بنفسه فقد وردت علي لسانه جملة من جاء لقتلك فبكر في قتله ويتصرف وكأنه لا يعلم بأن هذه الجملة ستصبح فورا عنوانا صحفيا, ومن جانبه أطلق بنيامين بن اليعازر علي نيتانياهو وباراك هذا الاسبوع لقب مهرجين. وبن اليعازر يؤمن بأن كل شيء محض احتيال مكشوف, فالاثنان لن يقدما علي الهجوم ولاسيما حينما يعارضهما قادة الاجهزة الامنية. في اثناء ذلك.شاؤول موفاز رئيس لجنة الخارجية والامن بالكنيست وكان رئيس هيئة الاركان ووزير الدفاع يقول: لست أري ضرورة ملحة لعمل عسكري. وأري ان العمل العسكري هو الخيار الأخير ويجب الاعداد له جيدا. وتوجد سبل اخري, مع تأكيد العقوبات الدولية, وقال إن عدم العدل الاجتماعي والشلل السياسي أخطر من الذرة الايرانية. ان المخاطرة التي تصاحب الهجوم علي إيران ليست هي بمجرد الهجوم بل بما سيحدث في منطقتنا في اليوم التالي. قد تنشب حرب اقليمية تكون حرب وجود بالنسبة إلينا. قد تنجح العملية الجراحية ويموت المريض. من المهم من الناحية الاستراتيجية ان تعلن الولاياتالمتحدة أنها تقود المعركة ضد ايران فبغير قيادة امريكا وبغير تأييدها وضمانها, نخاطر مخاطرة غير مأمونة.