عاجل - سعر الريال السعودي مقابل الجنيه المصري اليوم الاثنين 18-8-2025 في البنوك    «الإحصاء»: 6 حالات إشهار الإفلاس خلال عام 2024 مقابل حالة واحدة 2023    إزالة 39 حالة تعدي على أراضي زراعية فى أسيوط    قافلة المساعدات الإنسانية ال17 من مصر إلى غزة تدخل القطاع عبر معبر رفح    "نؤمن بالانتصار بوجودكم".. رسالة من شيكابالا لجماهير الزمالك بعد التعادل أمام المقاولون    خبر في الجول - معروف لم يرسل تقرير إضافي بإدانة هاني.. والعقوبة المتوقعة    الجهاز الفني للزمالك يستقر على مهاجم الفريق في لقاء مودرن سبورت    ضبط مدير مكتبة بحوزته 18 ألف كتاب خارجي بالمخالفة للقانون    "صيف بلدنا" ببورسعيد يواصل لياليه باستعراضات متنوعة لفرقة المنيا للفنون الشعبية|صور    وزير الخارجية: مصر بقيادة الرئيس السيسي لن تدخر جهدا في دعم صمود الشعب الفلسطيني    "ذا ناشيونال": مصر وقطر يعدان مسودة اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة    المكتب الإعلامي الحكومي بغزة: دخول 266 شاحنة مساعدات منذ الجمعة والاحتلال سهل سرقة معظمها    الوادي الجديد تعتمد النزول بسن القبول في المدرسة الدولية "IPS"    بالفيديو.. الغرف التجارية: متابعة دائمة من الأجهزة الرقابية لتطبيق التخفيضات خلال الأوكازيون    بروتوكول بين "البحوث الزراعية" والكلية الفنية العسكرية لإنتاج الأسمدة البوتاسية محليا    اليوم.. الأهلي يتسلم الدفعة الأولى من قيمة صفقة وسام أبو علي    الديهي يكشف تفاصيل اختراقه ل"جروب الإخوان السري" فيديو    ضبط أطراف مشاجرة بالسلاح الأبيض في المقطم بسبب خلافات الجيرة    في يومها الثالث.. انتظام امتحانات الدور الثانى للثانوية العامة بالغربية    غرق شاب بأحد شواطئ مدينة القصير جنوب البحر الأحمر    استشهاد 4 فلسطينيين بينهم طفلة بعد قصف إسرائيلي لمدينة غزة ومخيم النصيرات    الجمعة.. ويجز يحيي حفلًا بمهرجان العلمين    حظك اليوم.. تعرف على توقعات الأبراج اليوم الاثنين    إيرادات أفلام موسم الصيف.. "درويش" يتصدر شباك التذاكر و"روكي الغلابة" يواصل المنافسة    "ماتقلقش من البديل".. حملة لرفع وعي المرضى تجاه الأدوية في بورسعيد    من 5 فجرا إلى 12 ظهرا.. مقترح برلماني لتعديل مواعيد العمل الرسمية    وفاة شاب صدمته سيارة مسرعة بطريق القاهرة – الفيوم    إصابة عامل في حريق شقة سكنية بسوهاج    «وقف كارثة بيع قطاع الناشئين».. نجم الزمالك السابق يثير الجدل بتصريحات قوية    وزير الرياضة ورئيس الأولمبية يستعرضان خطط الاستعدادات لأولمبياد لوس أنجلوس    أسعار اللحوم اليوم الاثنين 18 أغسطس 2025 في أسواق الأقصر    «التعليم» ترسل خطابًا بشأن مناظرة السن في المرحلة الابتدائية لقبول تحويل الطلاب من الأزهر    ريهام عبدالغفور عن وفاة تيمور تيمور: «كنت فاكرة أن عمري ما هتوجع تاني»    نشأت الديهي يكشف مخططات «إخوان الخارج» لاستهداف مصر    وزيرة التضامن الاجتماعي: دعم مصر لقطاع غزة لم يكن وليد أحداث السابع من أكتوبر    «الديهي»: حملة «افتحوا المعبر» مشبوهة واتحدي أي إخواني يتظاهر أمام سفارات إسرائيل    "الأغذية العالمى": نصف مليون فلسطينى فى غزة على شفا المجاعة    «متحدث الصحة» ينفي سرقة الأعضاء: «مجرد أساطير بلا أساس علمي»    استشاري مناعة: مبادرة الفحص قبل الزواج خطوة أساسية للحد من انتشار الأمراض    مدرب نانت: مصطفى محمد يستحق اللعب بجدارة    جامعة مصر للمعلوماتية تستضيف جلسة تعريفية حول مبادرة Asia to Japan للتوظيف    حلوى باردة ومغذية فى الصيف، طريقة عمل الأرز باللبن    دار الإفتاء توضح حكم شراء حلوى المولد النبوي والتهادي بها    محافظة بورسعيد.. مواقيت الصلوات الخمس اليوم الإثنين 18 أغسطس 2025    التعليم تحسم الجدل : الالتحاق بالبكالوريا اختياريا ولا يجوز التحويل منها أو إليها    جدول مواعيد قطارات «الإسكندرية - القاهرة» اليوم الاثنين 18 أغسطس 2025    انطلاق امتحانات الدور الثاني للشهادة الثانوية الأزهرية بشمال سيناء (صور)    إسرائيل تقر خطة احتلال مدينة غزة وتعرضها على وزير الدفاع غدا    ارتفاع سعر اليورو اليوم الإثنين 18 أغسطس 2025 أمام الجنيه بالبنوك المصرية    وفاة عميد كلية اللغة العربية الأسبق ب أزهر الشرقية    كم سجل عيار 21 الآن؟ أسعار الذهب اليوم في بداية تعاملات الاثنين 18 أغسطس 2025    حكيم يشعل أجواء الساحل الشمالي الجمعة المقبلة بأجمل أغانيه    "2 إخوات أحدهما لاعب كرة".. 15 صورة وأبرز المعلومات عن عائلة إمام عاشور نجم الأهلي    دعه ينفذ دعه يمر فالمنصب لحظة سوف تمر    أسفار الحج 13.. من أضاء المسجد النبوى "مصرى"    سامح حسين يعلن وفاة نجل شقيقه عن عمر 4 سنوات    ماكرون: لا أستبعد أن تعترف أوكرانيا بفقدان أراضيها ضمن معاهدة سلام    مرصد الأزهر: تعليم المرأة فريضة شرعية.. والجماعات المتطرفة تحرمه بتأويلات باطلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تجديد الأخلاق‏:‏ الجيش وخطر الاناركيه الفوضوية‏!‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 31 - 10 - 2011

لم تكن الاضطرابات الأخيرة التي اجتاحت مدن العالم مفاجئة لي لعدة أسباب‏,‏ فهي ناتجة عن أزمة مالية طاحنة من التطرف الرأسمالي الذي أوقع العالم في قبضة مجموعة من الشركات‏,‏ سيطرت علي العالم‏, منتهكة طموحات البشر وحقوقهم الإنسانية في تطوير وتأمين قدراتهم الأخلاقية والفنية والمعرفية, وأيضا بسبب التطور التكنولوجي الذي جعل الصيحات تطلق في الشرق فيكون صداها في الغرب والعكس, فانتشرت الأفكار دون سيطرة أو تعديل أو ترتيب, وكذلك آليات الاحتجاج المبتكرة, واستنساخ الشعارات والتجارب, فتولدت علاقات إنسانية افتراضية لها آثار واقعية شديدة السخونة, ذلك بالإضافة إلي معلومات سابقة ذكرها لي الأستاذ (أحمد عيسي) المدرس المساعد بجامعة عين شمس, وطالب الدكتوراه في الاقتصاد بكندا, الذي أفادني بأن هناك في عدة مدن كندية اندلعت منذ شهور مظاهرات عنيفة تعترض علي الدولة وسياستها, ورغم أن هذه المظاهرات كانت مخربة راح ضحيتها الكثير من الأفراد والممتلكات, فإن التغطية الإعلامية لها كانت ضعيفة, ولأنه يقبل علي العلم إقبال المدقق الشغوف, فقد علم أن هؤلاء المحتجين ينتمي أغلبهم إلي مذهب (الاناركيه) أو الفوضوية (Anarchism) التي ترفض الدولة والسلطة المركزية, وتقوم علي مبادئ لا سلطوية للإدارة الذاتية (selfgovernance), باعتبار الدولة تحمي النظام الاحتكاري الطبقي, والملكية الخاصة لوسائل الإنتاج, ولأن هؤلاء المحتجين اتخذوا من العنف وسيلة للتعبير عن أفكارهم, فكان هذا الأستاذ النابه قلقا بعدما علم من شبكة( الإنترنت) أن هناك قسما منهم في مصر, ويعتبر نفسه من رواد الثورة المصرية الأخيرة, فيخشي أن تقع مصر في فخ الثورة الدائمة التي تشكل أكبر خطر علي الاقتصاد المصري الذي يحتاج إلي الاستقرار ليتعافي, ويكون قادرا علي تلبية الاحتياجات الفئوية التي تطالب بالعدالة الاجتماعية, وتلك لا تتحقق بالنوايا الحسنة, ولا بالمظاهرة, ولكن بالبرامج الاقتصادية البديلة, أعتقد أن تقديره كان مصيبا في خطورة (الاناركيه) ومظاهراتها التي تمكنت الهيمنة الإعلامية العالمية للشركات الكبري, التي تقدر علي التعمية الإعلامية مثلما تقدر علي الفضح والإثارة, أن تغطي عليها وتقلل من خطورتها منذ شهور طويلة ولكن طبيعة العصر الانفتاحية أقوي من أي هيمنة, فاندلعت المظاهرات في العالم كله من أمريكا الشمالية والوسطي إلي أوروبا وآسيا وفي الدول الرأسمالية الكبري, احتجاجا علي خطط التقشف وتضاؤل فرص العمل التي يدفع فاتورتها الأغلبية, فانطلقت الشعارات التي تقول نحن 99% أي الأغلبية التي تعمل ويذهب الربح للكبار فقط, فكانت الدعوة الرمزية التي بدأت ب إحتلوا وول ستريت لتجتاح باقي البورصات والبنوك العالمية! وضمت هذه المظاهرات تيارات مختلفة, ولا شك أن (الاناركية) إحداها.
بدأت (الأناركيه) بفكر فلسفي بعد الثورة الصناعية, ويري أصحابها أن العدالة لا تتحقق بوجود الدولة, ولذا يجب أن تحل ويحل محلها منظمات تعاونية, لتعود الطبيعة إلي سيرتها الأولي, ويري الفوضويون أن الطبيعة البشرية قادرة علي التغلب علي الفساد في النهاية, بدون سلطة آمرة, وتضمنت أفكار (جان جاك روسو) هذا المفهوم بمركزية الحرية الفردية, التي قادت إلي الثورة الفرنسية!
عرض (ويليام جودوين) النظرية في شكلها الحديث في كتاب تساؤلات في العدالة السياسية, اعتبر الحكومة بطبيعتها معاكسة لأي تطور للعقل البشري, بينما كان (بيير برودون) أول من أطلق عن نفسه (anarkist), أي لاسلطوي, واعتبر أن الرأسمالية والاشتراكية كلاهما يحطم حرية الانسان, لقمع الدولة التي تحمي الملكية الخاصة, أو تمنع حرية امتلاك الفرد لوسائل إنتاجه الخاصة.
تبدو النظرية طوباوية فتفترض أن الحكومات إذا أوقفت تدخلها لحماية الاحتكارات فكل عامل سينال قيمة عمله, فتتنافس عليه الشركات, كما يتنافس العمال علي الشركات, فكلاهما في حاجة للآخر, دون حاجة إلي الدولة ومؤسساتها القمعية, وكما ترفض الاناركيه الاحتكارات الرأسمالية فهي كذلك ترفض احتكار الدولة لوسائل الإنتاج وتجميع الملكية, مما حدا بأحد أبرز دعاتها المتشددين (ميخائيل باكونين) بوصف (ماركس) بالسلطوية, وأن الماركسية لو وصلت للحكم ستحل محل الطبقة الحاكمة, التي ثاروا ضدها. وهو ما حدث بالفعل.
وكما تسببت الفوضوية (الاناركيه) في قيام الثورتين الفرنسية والروسية تسببت أيضا في الحرب الأهلية بإسبانيا, لعدائها للقوميات الفاشية, واستمرت الحرب الأهلية 3 سنوات من عام 1936, انتهت لصالح القوميين بعد أن دفعت ثمنا باهظا لدينامية الكفاح المسلح!
بعد أن ظن الناس أن النظرية الفوضوية انتهت باندماجها في الفردية المتطرفة, حيث حرية الفرد لا تحدها الدولة بل تحميها, كما يروج لها قي أمريكا قلعة الرأسمالية, أو في الماركسية المتطرفة باعتبار أن الماركسية تتطلع في أعلي مراحلها إلي مجتمع بدون دولة, مجتمع من الجماعات مختلفة الأحجام لكل غرض وعمل, وتوزع الثروة طبقا للحاجات فتتحقق الحرية!
لكن يبدو أنها تطل بتطرفها من جديد بعد سقوط الشيوعية, وبداية انهيار الرأسمالية المتطرفة, فهذا الوضع يوجد مجالا للتخيلات التي تطالب بالمستحيل, الذي يقوم علي أنقاض الدولة, فتقوم تيارات فكرية قد تثير الوهم في النفوس البائسة, فتجذب الشباب الثائر, الذي أغلقت أمامه أبواب الطموح والأمل في المستقبل, فينصاع لمثل هذه النوعية من الأفكار الهدامة, في ظروف دقيقة يمر بها الوطن في الداخل, وفي عالم يعاني التوتر ويتربص بعضه ببعض, وهناك قوي دولية لديها القدرة علي الترويج لأفكار تنتمي للخيال لهدم الواقع, وتجييش الشباب والعملاء والإعلام لإضعاف الدول من الداخل لتمرير أهداف ليست في صالح الشعوب, فالدولة القوية هي الضامن لحرية الفرد مهما كان موقعه, بينما الدولة الضعيفة لا حرية فيها إلا للأقلية القوية!
مصر عرفت الدولة من آلاف السنين وكانت عزتها عندما يشتد بنيان الدولة, غرائز وقوي ومصالح الفرد لا تنمو الا في إطار مجتمع متشكل في بنيان منتظم من المؤسسات الشفافة, وهو ما توفره الدولة القوية, فالدولة ليست منفصلة عن الفرد, بل هي تقوم عليه, ويرتبط نجاح الدولة ومعيار قوتها عندما ترتبط مصلحة الفرد بالمصلحة العامة, وقيامة المصريين الأخيرة, لا أعتبرها إلا قيامة من أجل الدولة, التي رأوا أنها تتفكك بفعل قلة مجرمة, اختزلت مصلحة الدولة في مصالحها الانتهازية, فأضعفت مؤسسات الدولة التعليمية والثقافية والسياسية والاقتصادية المعيقة لطموحاتها الفوضوية, ولكنها والحمد لله لم تتمكن من المؤسسة العسكرية, المؤسسة المنظمة, التي يعتمد عليها المصريون الآن في إعادة الاعتبار لباقي المؤسسات في الدولة, لنهضة تقوم علي المواهب العلمية المهدرة من جراء إضعاف الدولة.
الجيش هو المؤسسة التي حافظت علي كوادرها العلمية المدربة الجادة, فتصدت للاناركيه الفوضوية التي اختزلت الدولة في مصالحها الاحتكارية, وعليها الآن التصدي للأناركيه الفوضوية التي تغذي الانتماءات المذهبية والدينية والعرقية بافتعال الأزمات وتضخيمها, لتقضي الهويات الصغري علي هوية الدولة الجامعة!
يقع علي الجيش المصري عبء التصدي لأشكال الاناركيه الفوضوية الجديدة التي يمولها الخارج بالمال والاعلام والشعارات الركيكة, بإعادة بناء مؤسسات الدولة اعتمادا علي شباب مصر المقبل علي العلم لا الإعلام من أمثال الأستاذ (أحمد عيسي) الذي نبهنا لخطر (الاناركيه) فزاد العلم قلبه هدي وسيرته عدلا وأخلاقه حسنا!
المزيد من مقالات وفاء محمود


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.