منذ اللحظة الأولي التي أتيحت لي فيها فرصة الكتابة كان رأس رمح انتقاداتي موجها إلي الإعلام المصري, لكن هذه المرة قررت أن آتيكم بما لا يحمل إلا التحليل الذي قد يصل إلي حدود التبرير لبعض من ملامح المشهد الإعلامي.. لعل ما أستند إليه هو بالأساس مشهدان. أحدهما للأب هيدرا أسقف أسوان, والثاني لأسامة هيكل وزير الإعلام. أما في المشهد الأول فقد وقفت مندهشا أمام ما كان يقوله الأب هيدرا علي شاشة واحدة من القنوات التي يقوم عليها مصريون مسيحيون وتبث علي القمر الصناعي المصري لكن من عاصمة غربية. الحقيقة أن الرجل قال كلاما متناقضا مع رواية كل من سمعت أو تابعت عن كنيسة ماريناب ومتي قال هذا المصري المحترم هذا الكلام؟.. قاله يوم العاشر من أكتوبر أي بدا وكأنما يسير عكس التيار في حينه. فقد أشار إلي مخالفة هندسية قال إن الأب تصور أنها بسيطة وستمر دون تكبير في ضوء روح المحبة الموجودة بين الأخوة. المشهد الثاني هو لوزير الإعلام في لغة خطابه التي استخدمها وفي لغة النقد التي تم استخدامها ضده.. فالرجل بدا منذ اللحظة الأولي أنه صاحب تصور متكامل في شأن الأمن وطبيعة العلاقة بين أبناء هذا الوطن. فأنا شخصيا كنت حاضرا لحوار كامل معه مساء يوم9 أكتوبر وتابعت ما قال كلمة كلمة. وكانت المصيبة الحقيقية فيمن وجهوا أسهمهم إليه لاحقا. الحق أقول إن هذه لحظة يجب أن تتساقط فيها الأقنعة وأن يدرك كل من يقرأ مصلحة من يكتب فيما يكتب. فالصوت صار عاليا والبعض تصور أن هذا هو وقت الحصول علي أثمان المواقف النبيلة التي اتخذها أثناء أو قبل25 يناير. ولا شك أن البحث عن ثمن لموقف نبيل هو شيء غير نبيل إنه يجعل لأشياء لا تقدر بثمن قيمة مادية. رغم تسليمي بأن عمر الحكومة الحالية يعد بالأيام لا أكثر إلا أنني أراني أمام شهادة علي أن أبوح بها. وهي ترتبط بإعلامنا الوطني الرسمي, وهي تلك الخاصة بالفجوة الكبيرة بين من يؤدون العمل بعقولهم, ومن يجلسون باتخاذ قرار سليم يراعي المتابعة للجديد وأمن الوطن والصياغة اللغوية السليمة والكلمة التي لا تحتمل تأويلا, وكل هذا في ثانية أو جزء منها أو ثوان معدودات. الأمر الذي أدعو الجميع إلي الوقوف أمامه هو درس الأب هيدرا. فالرجل سار ضد التيار في أوج عنفوانه, واعتبر ما يجري تهويلا لأمر بسيط. كل الاحترام لأبينا هيدرا ولكل مصري يعرف متي يقول كلمة الحق, ويدرك أن وحدة أبناء هذا البلد هي سر عظمته. أما لوزير الإعلام اسامة هيكل فإننا نعترف بما حدث من تغيير ونقدر أن يدك مغلولة بكوادر موروثة وقواعد قانونية وإدارية عتيقة لم يأت برلمان الثورة ليغيرها بعد.