سوف أنسى.. أو أتناسى.. أن الأنبا هيدرا أسقف أسوان قد تراجع عن شهادته الموثقة بالفيديو (صوتا وصورة) وقال فيها كلمة الحق.. ثم أصدر (إعلانا) مدفوعا ليكذّب كلامه هو. رغم هذا.. فسوف اعتمد على شهادة الفيديو للأنبا هيدرا..فلا أحد يستطيع نفيها.. بما فيها هو نفسه.. وقد عرض فيها الحقائق مجردة.. ودون تزييف أو رتوش.. أو ضغوط. ومقابل صوت الحكمة والعقل تعالت أصوات ناشزة تؤجج نيران الفتنة بصورة غريبة ومريبة.. ومحمومة أيضاً، ولا نقول إن هؤلاء لا يدركون ما يقولون.. ولا يقدرون ما يفعلون وآثاره على مصر كلها.. مسيحييها ومسلميها معاً، فالنار عندما تشتعل سوف تطال الجميع.. دون استثناء.. لا قدر الله. ولنبدأ بشهادة الأنبا هيدرا الذى أقر بأن المكان فى أصله لم يكن كنيسة.. بل كان منزلاً فى الماريناب.. هذا المنزل لم يكن يحمل أى مظهر يدل على أنه كنيسة.. رغم أنه تحول بعد ذلك إلى مكان لأداء الصلوات للأخوة الأقباط. يضيف «هيدرا» أن القس (مكاريوس) نجح من خلال اتصالاته «بأجهزة الأمن» و«الأجهزة المحلية» فى استخراج تراخيص لإحلال وتجديد المبنى، ولكن (مكاريوس) زوَّد فى الارتفاعات حسب نص كلام هيدرا الذى أضاف: أن مكاريوس «تشدد وتشجع» لأن الأمور كانت مستقرة.. حتى عيد الفطر الماضى عندما زار القرية أناس من خارجها وشاهدوا ارتفاع المبنى وقالوا إن هذا المكان لم يكن به كنيسة من قبل.. وأثاروا الناس واستضعفوا المسلمين وتدخلت أجهزة الأمن. النقطة الثانية الحيوية.. حسب شهادة أسقف أسوان.. أن الكنيسة أو المبنى الذى تحول إلى كنيسة لم يمس.. ولم يتم إيذاء أى مسيحى فى القرية.. بل لم يتعرض أى منزل مسيحى لأى اعتداء «على الإطلاق»، ونفى الشائعات التى ادعت بأن المسلمين أجبروهم على إنزال الجرس والصليب والمنارة، وقال: هذا لم يحدث نهائياً.. بل إنه لم يتم شراء الجرس أصلاً، كما أن الشائعات ادعت بأن المسلمين منعونا من تركيب ميكروفونات، وهذا لم يحدث أيضاً.. فنحن لا نضع ميكروفونات على كنائسنا. ووجه أسقف أسوان كلامه إلى الأخوة الأقباط الذين هاجموه دون أساس ودون السؤال عما حدث بالضبط، وأضاف: أن الإدارة الهندسية تدخلت وطالبت بإزالة الارتفاعات غير القانونية بالمبنى والالتزام بالرخصة ولم تطالب بإزالة الكنيسة.. ولم يتعرض أى مسيحى بالماريناب للإيذاء.. بل إن البلد هادئ جداً.. ويعيش المسيحيون فى سلام. انتهت شهادة الأنبا هيدرا.. ومن خلالها نستطيع استخلاص الحقائق التالية: إن المبنى محل النزاع لم يكن كنيسة مرخصة أصلاً.. بل كان منزلاً يمتلكه المواطن المسيحى معوض يوسف الذى حصل على موافقات لتركيب وإدخال المرافق (المياه والكهرباء) باعتباره منزلاً.. وليس كنيسة.. كما أكد المستشار حسين خليل نائب رئيس هيئة قضايا الدولة.. بالوثائق.. وأضاف: إن قرار الإدارة الهندسية صدر بإحلال وتجديد كنيسة (خور الزق) على بُعد 35 كيلومتراً من إدفو.. وتم استغلال هذا القرار لتجديد كنيسة (الماريناب) البعيدة عنها تماماً. إذاً فنحن أمام جريمتين: تزييف الحقائق.. وتزوير الوثائق، الجريمة الأولى هى الادعاء بأن المبنى كنيسة.. وهو كذلك، والكذبة الثانية: الزعم بأنه تم هدم الكنيسة.. وهذا لم يحدث أيضاً، بل إن الأخوة الأقباط لم يتعرضوا لأى إيذاء.. لا فى أشخاصهم.. ولا ممتلكاتهم.. ويعيشون فى سلام مع إخوانهم المسلمين. إذاً فجوهر الأزمة وأساسها غير صحيح، فقد ثار المتعصبون وهاجوا وماجوا بناءً على ادعاءات كاذبة.. بل إنهم رتبوا استنتاجات فوق هذه الأكاذيب، والأخطر من ذلك.. أنهم حرضوا إخواننا الأقباط على التظاهر والثورة واقتحام مبنى التليفزيون الذى يعتبر موقعاً استراتيجياً بكل معنى الكلمة. الجريمة الثانية هى التزوير.. فالوثائق والموافقات والتراخيص الصادرة تخص كنيسة «خور الزق» على بُعد 35 كيلومتراً من الماريناب، وتم استغلال هذه الوثائق لتجديد وبناء مبنى آخر.. وليس كنيسة.. كما زعم المتشددون، وهذه جريمة تزوير غير عادية لأنها أضرت بالأمن القومى المصرى وألحقت به أضراراً جسيمة تفوق النزاع على الأرض والمبنى أو الكنيسة وتحولت إلى شرارة كادت تعصف بكيان مصر، من هنا تتضاعف خطورة جريمة التزوير.. وجرائم الكذب التى رافقتها.. من البداية إلى النهاية. الأخطر من ذلك استغلال هذه الأزمة «المفتعلة» لتضليل الرأى العام، وللأسف الشديد فإن أغلب الجماهير لا تدرك الحقيقة.. ويستمعون إلى أصوات طائشة ومتهورة لا تدرك خطورة ما تقول.. أو تدرك.. ولكنها مشاركة فى مؤامرة قذرة ضد مصر.. وتخدم أعداء الوطن.. وتضر بمصالحها هى.. مباشرة. وهنا نعود إلى الإعلام، فإذا كان البعض يلوم التليفزيون الرسمى بالتعصب والتغطية المنحازة.. فإن كثيراً من القنوات الخاصة والعربية والأجنبية شاركت فى مؤامرة أخرى – أشد خطراً – ضد مصر، وتعالت أصوات كثيرة من الإعلاميين تنافق وتداهن وتلوى الحقائق وتلعب على وتر استرضاء فئة وتغيير الحقيقة، بل إن بعض هذه القنوات كانت – وما زالت- تستضيف رؤوس الفتنة وصناعها.. يومياً فى برامج «التوك شو» وحولتهم إلى نجوم وأبطال.. دون أن تحاسبهم على دورهم فى صناعة الفتنة وتأجيج نيرانها. ولست أدرى أى ضمير لدى هؤلاء الإعلاميين.. ولمن يعملون.. ولو افترضنا جدلاً – وهذا لم ولن يحدث – أن ما حدث فى ماسبيرو قامت به فئة أو جماعة أخرى.. ماذا سيكون رد فعلهم.. وكيف سيتصرفون، فقط أريد أن أرى وجوههم التى لا تحمر من الخجل.. ولا تتوارى بعد اشتراكها فى هذه الفتنة.. جهلاً.. أو تزلفاً.. أو حتى عمداً! من الواضح أن كل هؤلاء (صناع الفتنة وتجار الإعلام) لا يراعون مصالح الوطن ولا مصلحة الأمة.. بل لا يراعون ربهم وضميرهم الذى مات.. أو بيع فى سوق النخاسة الإعلامية والسياسية. *** وإذا كنا قد تحدثنا عن نموذج راشد وحكيم (الأنبا هيدرا).. فإن الساحة – للأسف الشديد – حافلة بنماذج أخرى لدعاة الشر والفتنة، هؤلاء الذين برزوا فجأة أمام ماسبيرو وحوّلهم الإعلام المأجور إلى أبطال.. رغم أنهم مجرمون.. يدمرون مصر.. بل يضرون مصالح الأخوة الأقباط أنفسهم، أحد هؤلاء هدد محافظ أسوان بالقتل خلال 48 ساعة، وهذا مسجل عليه بالصوت والصورة، ولم يحاسبه أحد، ونحن لا نصدق ولا ننخدع بالقول إنه قس «مشلوح» لأنه كان يضع يديه مع زملائه القساوسة «غير المشلوحين».. كانوا يسيرون معاً.. يحرضون الشباب البرىء.. ويدفعونه إلى أتون المواجهة.. بقصد أو غير قصد، وآخرون هددوا المشير والمجلس العسكرى، ولست فى محل الدفاع عنه.. فهم أولى بالدفاع عن أنفسهم، ولكننى أتحدث من منطلق احترام هيبة الجيش ومكانة مصر، فهل يقبل هؤلاء إهانة أى من رموزهم؟ هل يقبلون التجاوز فى حقهم؟ ولماذا لم يقدم هؤلاء إلى المحاكمة.. رغم أن كل الأدلة الموثقة (بالفيديو) تدينهم؟! *** وإجمالاً.. فإن مؤامرة ماسبيرو تم افتعالها وإشعالها عمداً فى هذا التوقيت.. وهى ليست مصادفة.. ولنتوقع المزيد من المؤامرات.. كلما اقتربت مصر من حكم نفسها بنفسها ومن السير فى طريق الديمقراطية، فكل هؤلاء يعشقون الاستبداد والدكتاتورية، فهى أقرب إليهم.. وتحقق مصالحهم.. لأنها تفرض إرادة الأقلية.. على حق الأغلبية، وهو حق لن يضيع.. مهما حاولوا وتطاولوا.. وتآمروا!