كان من أبرز ملامح مرحلة إعادة البناء الصحيح للقوات المسلحة المصرية حتي تتعافي مما لحق بها في5 يونيو1967 في زمن قياسي استنادا إلي الدروس المستفادة التي كشف عنها القادة والضباط والجنود خلال شهاداتهم في المؤتمرات العسكرية أن أفضل مناخ لإعادة البناء العسكري هو أن يتم البناء تحت نيران المدافع وزئيرها من خلال حسابات دقيقة وتوثيقات أشد دقة. ولعل جوهر التغيير الذي لحق بالقوات المسلحة المصرية يبدو واضحا في سلوك جديد يختلف عما كان عليه الحال قبل يونيو1967, فقد أصبح للقوات المسلحة مهمة واحدة فقط هي التدريب والاستعداد للقتال من أجل هدف وحيد هو استعادة الكرامة واستعادة التراب الوطني... كانت هذه بالحرف الواحد كلمات الفريق عبد المنعم رياض فور تسلمه مسئوليته كرئيس لأركان حرب القوات المسلحة ضمن قرارات11 يونيو.1967 لم يكن هناك خلاف جوهري في داخل هذه المؤتمرات- رغم عمق الرغبة في تحديث السلاح- علي أن العبرة ليست بالسلاح وإنما العبرة بالرجال الذين يحملون هذا السلاح.. كما أن العبرة ليست في معادلة العدة والعتاد وإنما في معادلة الجدية والروح العالية. ولأن استحقاقات مرحلة ما بعد النكسة لا تحتمل أي حلول وسط في ساحة الميدان كان هناك إجماع علي أنه من الضروري ومن المحتم أن يوضع الرجل المناسب في المكان المناسب وأن يتم تقوية جدار الوحدة الوطنية من خلال حشد كافة القوي الفاعلة في المجتمع سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وإعلاميا لبناء ظهير وطني قوي يدعم القوات المسلحة ويؤمن ظهرها من الخلف. ولأن وقائع هذه المؤتمرات العسكرية كشفت من خلال شهادات المشاركين فيها عن ندرة المعلومات الدقيقة حول قوة العدو تسليحا وتدريبا, فقد كان من المحتم أن تشمل خطة البناء توفير كافة الإمكانيات اللازمة لإمكان بناء قوة معلوماتية ذات اتجاهين.. الاتجاه الأول لمعرفة كل ما يتعلق بالعدو وإجراء دراسة موضوعية علي هذه المعلومات خصوصا ما يتعلق بتكتيكاته وأساليبه القتالية والنفسية وطبيعة حركته علي أرض المعركة... والاتجاه الثاني يتمثل في فرض أقصي ستار من الكتمان بشأن أي معلومات عسكرية أو اقتصادية تتعلق بمصر. وهكذا ولدت فكرة التوسع في تجنيد حملة المؤهلات العليا لاستيعاب الأسلحة الحديثة والفكر العسكري الجديد في مرحلة ما بعد يونيو1967 علي الطريق نحو6 أكتوبر1973 وهي مرحلة شهدت بناء علاقات متكافئة بين الضباط والجنود. وغدا نواصل الحديث.. خير الكلام: النجاح لا يقاس بما تحقق وإنما بحجم العقبات التي تمت إزاحتها! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله