صديقى العابر الشهيد مينا، هل تذكرنى؟ إلتقينا يوم جمعة من جمعات الثورة كنت ماراً وتوقفت لألتقط أنفاسي، إلتقت إبتساماتنا فحييتنى وحييتك، وقتها لم أعرف إسمك، خشيت أن سألك فتظن أننى من رجال الأمن، كنت أرغب فى أن أنصت لأفكارك، كنت أرى حماسك وأحسدك على ثورتك وهدوءك فى الوقت نفسه.. هل تذكر يوم سألتنى بصوتك الخفيض، يومها قلت لى، لماذا فعل بنا الجيش ذلك؟ قلت لك، فعل بنا ماذا؟ • قلت، ترك البلطجية يذبحوننا يوم الجمل... قلت لك، ظنوا أنهم متظاهرين مثلك أتوا للتعبير عن رأيهم... وهل من المعقول أن الناس تتظاهروتعبر عن رأيها بالجمال والحمير والسنج؟ وماذا كنت تتوقع من الجيش؟ أن يمنعونهم من الدخول للميدان أو يضربوهم... ولكنهم مصريين أيضاً والجيش جيش مصر لن يضرب مصريا مهما حدثً... ولكنهم مجرمين قتلوا منا وأصابوا الكثير من شباب الثورة... هذه مهمة الشرطة أن تقبض عليهم... ولكن رجال الشرطة لم يفعلوا ذلك ولم يحمونا بل وقتلونا هم أيضاً... ولكن الجيش لايمكن أن يقتل مصرياً... كان يجب ان يتدخلوا... تدخلهم يمكن أن يودى بحياة الكثيرين... إذاً أنت تثق بهم؟... قلت لك نعم أثق بهم، فأنا أديت الخدمة العسكرية واعرف تماماً ماهو الجيش وما هو شرف الجندية... كنت صادقاً فصدقتنى... لكنك مُت، مُت شهيداً أمام ماسبيرو... حين رأيت صورتك على صفحات الجرائد كدت أبكى، الآن عرفت من أنت، كم كنت أتمنى أن ألقاك حياً لنحتفل سوياً ببلدنا الحر.. طوبى لك أيها الشهيد، لقد اختارك الرب إلى جواره، سأحاول أن أحذو حذوك ولكن على طريقتى، سأعلم الناس الصبر بهدوء ربما أقدرعليه، سأعلم الناس البسمة الصافية ربما تبقى على قسمات وجهى، سأناضل من أجل إعلام حر نزيه، ليتنى أستطيع ذلك، سأحاول أن ألقاك يا مينا فى الجنة، لاأضمن أن أموت شهيداً مثلك ولكننى سأحاول أن أعمل صالحاً ربما رزقنى الله الجنة لأراك يا أخى... المزيد من مقالات أحمد محمود