يتصور بعض الناس أن بإمكانهم إعادة عقارب الساعة إلي الوراء, وأن لديهم المقدرة علي عرقلة أي تحرك يرمي إلي النهوض بالبلاد ودفع عجلة التنمية إلي الأمام, فنجدهم يلجأون إلي نشر الأكاذيب والترويج للشائعات, لأنهم يدركون أن الشائعات سلاح فتاك, يهدم ولا يبني, لها بريق السحر في التأثير علي الناس, وفي زرع الانشقاقات وزعزعة الاستقرار في المجتمع. إن الخطر الأكبر علي بلادنا, يأتي من الشائعات خصوصا في ظل الظروف والأزمات التي نعيشها, وفي ظل غياب الشفافية والمكاشفة والمصارحة وافتقاد الناس إلي المعلومات وانعدام الرؤية وشيوع الضبابية, بالاضافة إلي افتقاد الكثيرين الحكمة والكياسة في التعاطي مع الشائعات, فنراهم يتأثرون بها ويتصرفون معها علي أنها حقائق مؤكدة لا تخضع للتدقيق, وهو ما يؤدي إلي انتشارها, محدثة ذلك الأثر السلبي علي المجتمع. لذا فإن التصدي للشائعات ووأدها في مهدها يعد من الأمور التي ينبغي أن ننشغل بها, وهذا مرهون بأمرين, الأول أن تتبع الدولة سياسة المكاشفة والمصارحة, وأن تحرص علي توفير المعلومات والحقائق المتعلقة بأحوال البلاد ووضع الاقتصاد وغيرها من القضايا التي تهم المواطنين ويريدون معرفتها بكل شفافية وصدق. الأمر الثاني هو ما يتعلق بالمواطن نفسه, إذ ينبغي عليه أن يضع ثقته فيمن يتولون زمام الأمور في البلاد, وفيمن يشغلون مناصب قيادية في جميع القطاعات, لأن تجديد القيادات أمر بالغ الأهمية, وأن يكون المعيار الحقيقي في الحكم وفي تقييم الأشخاص قائما علي الكفاءة والاخلاص وما يحققه من إنجازات ونتائج مثمرة في عمله يستفيد بها الوطن وينتفع بها المواطنون, ما نأمله أن يعي شباب الثورة وجميع القوي في المجتمع, مخاطر الشائعات, ويكونوا أكثر حرصا علي مصلحة بلادهم, وأن يضعوا نصب أعينهم الهدف الذي خططوا له وقاموا من أجله بثورتهم البيضاء النقية, ألا وهو بناء دولة ديمقراطية ينعم فيها الجميع بالحرية والعدالة والعيش الكريم.