كما ظل خلال عمله في أضواء السلطة وعلي مدي ثماني سنوات يواجه من الداخل والخارج إنتقادات حادة علي سياساته العنصرية وتصريحاته المعادية للمسلمين والمدافعة عن إسرائيل وجرائمها في الأراضي المحتلة ضد الفلسطينيين, يعود ديك تشيني نائب الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش هذا الأسبوع إلي الدفاع عن جرائمه بمناسبة صدور مذكراته يوم الثلاثاء الماضي. أهمية الكتاب الذي صدر بعنوان: خلال سنوات عملي هي أن شيني لم يكن مجرد نائبا عادي للرئيس بوش مثل نواب الرؤساء الأمريكيين السابقين, ولكنه كان ذراعه اليمني, وقائد عصابة المحافظين الجدد التي كانت تخطط تحركات وسياسات بوش, وهو مهندس غزو العراق وأفغانستان, الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن وتاريخه وضعف شخصيته وجهله بالسياسة الخارجية وبكافة شئون إدارة الدولة وقلة خبراته, وحاجته المستمرة لمن يوجه ويصحح أخطاءه الفادحة, جعل من شيني الرجل الأول والمحرك الرئيسي للسياسة الأمريكية خلال سنوات حكم جورج بوش. شغل حادث العدوان علي مركز التجارة الأمريكي في نيويورك الصفحات الأولي من الكتاب, فهو يستعيد ذكريات11 سبتمبر, حيث لعب شيني الدور الأساسي في إعداد الحكومة للرد علي العدوان, بينما كان الرئيس الأمريكي غائبا عن البيت الأبيض, فهو يعترف بأن منصبه السابق في الحكومة فرض عليه إدارة الأزمة خلال الساعات الأولي من الاعتداءات, ثم يكشف عن تفهمه لأسباب قيام المعارضين لادارة بوش بحملة عدائية ضده بسبب اختياره نائبا للرئيس قبل انتخابات4002 بما دفعه لتقديم الاستقالة عدة مرات أثناء حملة الانتخابات, لكنه اكتشف أن بوش مصر علي تواجده بجانبه وليس مستعدا للتنازل عنه. المعارك الداخلية بين أفراد إدارة بوش من زملاء شيني في الحكومة شغلت مساحة كبيرة من الكتاب, مما جر عليه انتقادات حادة من كونداليزا رايس وكولين باول وجورج تينت رئيس وكالة المخابرات المركزية, رغم أنه أبدي إعجابه الشديد ببوش القائد البارز طبقا لتقديراته الامتنان لمبارك لم ينس نائب الرئيس الأمريكي الرئيس السابق حسني مبارك- أقرب أصدقاء امريكا- علي كرمه لواشنطن ومساعداته القيمة لها فابدي في كتابه امتنانه بالموافقة علي كل طلبات أمريكا له اثناء حرب الخليج الأولي عام0991 وامتدح موافقة مبارك علي مرور حاملة الطائرات الامريكية ايزنهار في القناة والتي تحمل رؤوسا نوية كما سمح بفتح السماوات المصرية أمام الطائرات الامريكية بمجرد بدء الحرب رايس الساذجة وصف شيني كونداليزا رايس وزيرة الخارجية ب الساذجة لأنها سعت إلي التفاوض من أجل توقيع اتفاقية نووية مع قادة كوريا الشمالية, فالرسالة التي بعثت بها لإجراء التفاوض مع كوريا الشمالية كانت بمثابة أمل ساذج لدفع القادة الكوريين الي التراجع عن برنامجهم النووي وقد أخطأت الوزيرة في التوصيات التي أرسلتها إلي الديبلوماسيين في وزارة الخارجية بهذا الشأن بما يعد بمثابة إجراء مضلل. قال شيني أيضا في مذكراته إن رايس لم تكن علي مستوي الحدث عندما تصادمت مع المستشارين في البيت الأبيض حول نغمة أحاديث الرئيس الأمريكي عن العراق, وقد انتقد نائب الرئيس الأمريكي بعنف كل من عارضوا رؤيته بشأن الحرب في العراق, والتي لايزال يعلن بلا خجل أن غزو بغداد كان قرارا حكيما! هاجم شيني أيضا كولين باول وزير الخارجية في إدارة بوش الأولي لمحاولته الاساءة إلي بوش. فقد عبر باول عن شكوكه في أسباب غزو العراق لمن هم خارج الحكومة بما يراه سلوك غير لائق. إستقالة باول: قرار حكيم كتب شيني أنه بعد إنتخابات4002 سعي إلي إزاحة باول من الحكومة فقد كان يري أنه لا يصح لأحد الوزراء أن يعبر عن رأيه في إنتقاد سياسة الادارة الأمريكية علنا وقد كانت إستقالة باول قرار حكيم في صالح الجميع. وكرر شيني إلتزام باول بالصمت بشأن تسريب نائبه ريتشارد ارميتاج اسم ضابطة المخابرات المركزية في أفريقيا فاليري بالم للصحافة بما عرض حياتها للخطر, وتسبب في توريط العاملين بمكتب نائب الرئيس الأمريكي وأسفر في النهاية للحكم بالسجن علي رئيس مكتبه سكوتر ليبي. وجه شيني أيضا هجوما حادا إلي جورج تينت المدير السابق لوكالة المخابرات المركزية, وكان تينت قد استقال عام4002 عندما انكتشفت أخطاء الوكالة بما كان يعد ظلما للرئيس الأمريكي. وبينما إمتدح الرئيس الأمريكي أكثر من مرة كرجل مسئول وقوي ذي عزيمة ذكر بالتفصيل عدة مناسبات وقعت فيها صدامات بينهما, فقد كتب شيني عن واقعة محاولته في إجتماع للحكومة دفع بوش اطلاق القنابل علي مواقع في سوريا يشك أنها تستخدم لتخصيب اليورانيوم في7002, لكن لم يوافق أي وزير أو مسئول في الاجتماع علي اقتراحه. وأضاف شيني أنه كرر طلب إستخدام القوة العسكرية لضرب المفاعل النووي لكنه لم يلق إستجابة من أحد. وبعد إنتهاء حديثه سأل الرئيس الأمريكي قائلا: هل هناك أحد في هذه الغرفة يوافق علي إقتراح نائب الرئيس؟ لكن لم ترفع يد واحدة بالموافقة. أخيرا استخدمت الضغوط الديبلوماسية لمحاولة إجبار سوريا علي التراجع عن الاستمرار في برنامجها النووي السري, لكن إسرائيل أخيرا ضربت الموقع السوري بالصواريخ في سبتمبر.7002 الرقابة علي الاتصالات وحول برنامج الحماية من الارهاب الذي يراقب الاتصالات بين من يشك في انتماءاتهم لمنظمات إرهابية والذي لقي معارضة شديدة وحتي من أعضاء داخل الحكومة, يقول شيني أن المدع العام جون أشكروفت وافق علي البرنامج أكثر من عشرين مرة قبل عام4002 قبل أن يزداد مرضه ويضطر إلي إجراء الجراحة, وخلال إقامته بالمستشفي, أثار نائبه جيمس كومي الذي قام بعمل المدع العام بالانابة أزمة عندما إعترض علي البرنامح خلال مراجعته الروتينية. وذكر شيني أن زعيمة الديمقراطيين في الكونجرس نانسي بيلوزي وزملاءها في المجلس توم داشل وجين هارمان وجيني روكفيلر وافقوا علي إستمرار البرنامج وحتي يظل محاطا بالسرية, إتفقوا علي ألا يحتاج إلي موافقة من الكونجرس في المستقبل. ولكن بالرغم من الحيطة والكتمان, حصلت النيويورك تايمز علي البرنامج ونشرت تفاصيله في5002, وإتهم شيني الصحيفة بالعدوان علي القانون عندما كتبت عن إجراءات مخابراتية سرية خاصة بالاتصالات التليفونية لبعض الأمريكيين. عندما أجرت في الأسبوع الماضي شبكة تليفزيون إن بي سي حوارا مع شيتي, قبل أيام من صدور المذكرات, واصل دفاعه بشدة عن غزو العراق وإستخدام العنف في استجواب المعتقلين المتهمين بالارهاب بإيهامهم بالغرق, وقال: سوف أساند بقوة إستخدام هذه الأساليب لدفع المعتقلين ممن نتصور أن لديهم معلومات هامة إلي الاعتراف. وقد أعلن شيني أن الكتاب الذي صدر منذ ثلاثة أيام سوف يفجر عدة رؤوس في واشنطن. لكن مذكرات نائب الرئيس الأمريكي لاتدعو للفخر, فهو بالرغم من أن لديه معلومات غاية في القيمة والأهمية لقربه من الرئيس الأمريكي جورج بوش وبحكم أنه كان صانع القرار الرئيسي في إدارته, إلا أن هناك مذكرات لسياسيين في واشنطن لايمكن وصفها سوي بالغباء, ويمكن إطلاق هذا الوصف أيضا بأمانة علي مذكرات ديك شيني, ولا أعتقد أن كونداليزا رايس قد بالغت في الاساءة إلي شيني عندما وصفت هذه المذكرات بالعمل التافه.