بعد ان إنتهت علي خير حلقات مسلسل الشحرورة التلفزيوني عن سيرة حياة المطربة صباح، ستبدأ شبكة اتش. بي. أو الأمريكية عرض مسلسل عن سيرة حياة نائب الرئيس الأميركي السابق "الشحرور" ديك تشيني. ويروي المسلسل سيرة حياة تشيني الشخصية والسياسية والمراكز اللامعة التي تولاها ككبير موظفي البيت الأبيض في عهد الرئيس الاسبق جيرالد فورد، ثم وزيراً للدفاع في عهد الرئيس الاسبق جورج بوش الأب، ونائباً للرئيس في عهد الرئيس السابق جورج بوش الابن. وترجع بدايته السياسية الي عام 1978 عندما انتخب عضواً في مجلس النواب الأمريكي عن ولاية "وايمنج" وإستمر في منصبه إلي سنة 1989. وشغل بين مارس 1989 ويناير 1993 منصب وزير الدفاع في عهد جورج بوش الأب. وعمل بين سنتي 1995 و2000 رئيساً لمجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة "هاليبرتون" للخدمات النفطية. وهي الشركة التي ارتبط اسمها بفضائح فساد مالي لا حدود له في العراق في عهد السفير الامريكي الاسبق بول بريمر وما بعده. لقد شن البيت الابيض الحرب علي قصر العوجة في تكريت وقبضت الثمن شركة "هاليبرتون" وايران. ثم أصبح نائباً للرئيس بوش الابن بين سنتي 2001 و 2009 ورحل مع رجال بوش بعد مجئ أوباما الي الحكم. وعادت الاضواء إلي تشيني بمناسبة صدور مذكراته الشخصية التي تحمل عنوان "في وقتي مذكرات شخصية وسياسية". والسمة البارزة للكتاب انه لا يقدم أي اعتذار عن كل الجرائم التي إرتكبها هذا الرجل بحق العراقيين والافغان والامريكيين والتي تؤهله للمثول بجدارة أمام المحكمة الجنائية الدولية. فاذا كانت هذه المحكمة المُسيسة وجدت في ما فعله الرئيس السوداني عمر البشير في بلاده ما يستدعي إحالته الي المحكمة الدولية، فان ما فعله تشيني ورئيسه بوش أكثر مدعاة لاحالتهما معاً الي المحكمة الجنائية الدولية باعتبارهما من مجرمي الحروب في العراق وأفغانستان والبوسنة والهرسك. وفي أول رد فعل علي الكتاب قال وزير الخارجية الأمريكي الأسبق كولن باول "إن تشيني اعتمد علي توجيه "ضربات رخيصة" لزملائه وقدم تفسيرات كاذبة للأحداث". يقول النقاد ان نائب الرئيس الأقوي في التاريخ الأمريكي رسخ في كتابه الصورة الكاريكاتورية الشائعة عنه بأنه شبيه بالشخصية الرئيسية في فيلم »حرب النجوم« التي تمثل الجانب المظلم وترتدي الزي والقناع الأسودين. الكتاب خليط من نميمة "توك شو" وتسجيل نقاط حلبة ملاكمة من دون معلومات خلفية تفيد المتابع، وفيه تقييم سياسي مجتزأ من دون أدلة أو إقرار بخطأ أو مراجعة ذاتية لتجربة غزو العراق، أو قرار اتباع التعذيب السادي ضد المتهمين والمعتقلين في مرحلة ما بعد هجمات 11 سبتمبر في جوانتنامو وأبي غريب. ويعكس في المحصلة حجم الانقسام السياسي داخل أركان إدارة بوش. وهو الأمر الذي دعا تشيني الي القول بأن كتابه سيؤدي إلي »رؤوس تنفجر في جميع أنحاء واشنطن«! لكن رأساً واحداً لم ينفجر من رؤوس السياسيين الامريكيين وانفجرت رؤوس قراء هذه المذكرات الملفقة. ولا يخفي تشيني إنتهازيته حين يشرح كيف كان مختبئا في قبو تحت البيت الأبيض فور حصول هجمات 11 سبتمبر حيث أدار فعليا الحكومة في هذه الساعات الحرجة بعد انقطاع الاتصالات مع بوش المتواجد في ولاية فلوريدا. وبالتالي صور بوش بأنه لعب دورا ثانويا في هذه المرحلة.. وهذا صحيح، إلا ان الصحيح أيضاً ان تشيني هو الذي "نصح" بوش بعدم العودة الي واشنطن خشية قصف البيت الأبيض وطلب منه ان يظل محلقاً في طائرة الرئاسة "إير فورس وان". وكتب في هذا السياق "تجربتي الحكومية السابقة أعدتني لإدارة الأزمة خلال تلك الساعات القليلة الأولي يوم 11 سبتمبر". كان تشيني يحلم في تلك الساعات بأن يكون نسخة من الرئيس الامريكي الاسبق جونسون بعد إغتيال كينيدي في عام 1963 في ولاية دالاس. ومع ان كل المسئولين الامريكيين إعترفوا بأن المعلومات الاستخبارية الملفقة عن إمتلاك العراق أسلحة دمار شامل كانت سبب الحرب علي العراق فإن تشيني لا يريد ان يعتذر لانه كما قال "لا أري ضرورة للاعتذار". ورجل بمثل هذه الصلافة والصفاقة قبض مليوني دولار ثمناً لمذكراته التي تنز أكاذيب ومزاعم وجنون العظمة. كل العالم اقتنع بان النظام العراقي السابق لم يكن يمتلك اسلحة دمار شامل بعد ان أشرفت لجان التفتيش الدولية علي اتلاف مخزونه من بعض أنواع الأسلحة. لكن تشيني لا يريد الاعتراف بقيام المخابرات الامريكية بتلفيق مسوغات الحرب العدوانية علي العراق إعتمادا علي بعض العملاء العراقيين الذين أقروا بتلفيق المعلومات لدفع بوش الي الحرب. تشيني لا يريد ان يعتذر، فبلاده ضربت اليابان بقنبلتين نوويتين ولم تعتذر.