11 يونيو 2025.. الدولار يواصل تراجعه أمام الجنيه لليوم الثاني على التوالي    وزيرة البيئة: تدابير وطنية طموحة لحماية البحر الأبيض المتوسط    وزير الإسكان يتابع موقف مشروعات المرافق التي تقوم الوزارة بتنفيذها على مستوى الجمهورية    ارتفاع أسعار الدواجن اليوم الأربعاء بالأسواق (موقع رسمي)    أبو الغيط يرحب بقرار 5 دول فرض عقوبات على وزيرين إسرائيليين متطرفين    عشرات الإصابات برصاص الاحتلال قرب مركز توزيع المساعدات الأمريكية غرب رفح    السعودية تعلن إطلاق موسم العمرة وبدء إصدار تأشيرات معتمري الخارج    جيش الاحتلال يقوم بعملية تجريف في بئر شعيب جنوبي لبنان    إعلام عبري: أحزاب المعارضة تتوافق على تقديم مشروع قانون لحل الكنيست اليوم    «كنا نقاتل من أجل الأطفال».. رسالة وسام أبو علي لجماهير فلسطين    "فازوا علينا من قبل".. لاعب بالميراس يوضح سبب صعوبة مباراة الأهلي في كأس العالم للأندية    محافظ الغربية: جاهزون لتأمين وسلامة 46 ألف طالب خلال مارثون الثانوية العامة    إصابة 12 شخصا في انقلاب سيارة ميكروباص بقليوب    سحب 900 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    "ولاد العم وقعوا في بعض".. 3 مصابين في معركة بالأسلحة بسوهاج    تحرك برلماني بشأن انتداب معلمات من أسوان إلى دمياط لمراقبة امتحانات الدبلومات الفنية    يحيى الفخراني: كلية الطب لم تكن شغفي بل كان بسبب مجموع الثانوية العامة    محمد ثروت يدعو لابن تامر حسني بالشفاء: "يارب اشفه وفرّح قلبه"    5 أطعمة تقوي قلبك وتحارب الكوليسترول    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الأربعاء    الهيئة الإنجيلية توقع بروتوكول رباعي جديد لمبادرة "ازرع" لتحقيق الأمن الغذائي المصري    منتخب كوستاريكا يفوز على ترينداد وتوباجو في تصفيات أمريكا الشمالية المؤهلة للمونديال    الأرصاد تحذر من استمرار ارتفاع درجات الحرارة حتى الإثنين المقبل    تفاصيل مقتل عنصرين جنائيين شديدي الخطورة بأسيوط والمنيا    الداخلية تضبط عاملًا خرب قطارًا اعتراضًا على غرامة.. والسكة الحديد تحذر    مانشستر سيتي يعلن صفقته الرابعة هذا الصيف    القصة الكاملة لزواج قاصر من مصاب بمتلازمة داون في الشرقية    فيلم سيكو سيكو الأكثر مشاهدة على إحدى المنصات والثالث في شباك التذاكر    بين احتلال البلدان وقمع السكان الأصليين.. تاريخ الحرس الوطني الأمريكي المستخدم لقمع مظاهرات لوس أنجلوس    تعرف على آخر تطورات مبادرة عودة الكتاتيب تنفيذًا لتوجيهات الرئيس السيسي    روسيا تهدد أوكرانيا بالسيطرة على مزيد من الأراضي إذا لم توافق على شروطها    متحدث الحكومة: معدلات الإصابة بالجذام في مصر الأدنى عالميًا    كأس العالم للأندية| تشيلسي يتصدر القيمة التسويقية للمجموعة الرابعة    عالم خالٍ من الأسلحة النووية    وزير المالية: حجم الدين الخارجي لأجهزة الموازنة انخفض بقيمة 2 مليار دولار خلال 10 أشهر    حسم فى مواجهة التعديات    ماجد الكدواني ضيف معتز التوني في "فضفضت أوي" الليلة    زاهي حواس يروج للسياحة على «FOX TV» ويدعو الشعب الأمريكي لزيارة مصر    «فتح» تدعو الإتحاد الأوروبي إلى اتخاذ خطوات حاسمة ضد المخططات الإسرائيلية    تنسيق الجامعات 2025، كل ما تريد معرفته عن كلية علوم التغذية بحلوان    «التضامن» تقر توفيق أوضاع جمعيتين في الشرقية وأسوان    الأوراق المطلوبة للحصول على مساعدات مالية من بيت الزكاة والصدقات    أبو مسلم: أنا قلق من المدرسة الأمريكية الجنوبية.. وإنتر ميامي فريق عادي    25 شهيدا برصاص قوات الاحتلال قرب مركز توزيع المساعدات وسط قطاع غزة    دعاء الفجر.. أدعية تفتح أبواب الأمل والرزق فى وقت البركة    رئيس جامعة دمنهور: «صيدلة البحيرة» أول كلية تحصل على اعتماد مؤسسي وبرامجي في مصر    هل شريكك من بينهم؟ 3 أبراج الأكثر خيانة    السودان على حافة الانهيار الاقتصادي والفقر يهدد غالبية السكان (تقرير)    لكسر الحصار.. التفاصيل الكاملة حول قافلة صمود    تقارير: فيرتز على أعتاب ليفربول مقابل 150 مليون يورو    محمود وفا حكما لمباراة نهائى كأس عاصمة مصر بين سيراميكا والبنك الأهلى    بعض الأشخاص سيحاولون استفزازك.. حظ برج القوس اليوم 11 يونيو    عن "اللحظة الدستورية" المقيدة بمطالب الشعب الثائر    بطريقة آمنة وطبيعية.. خطوات فعالة للتخلص من الناموس    مُخترق درع «الإيدز»: نجحت في كشف حيلة الفيروس الخبيثة    "الأوقاف" تعلن أسماء الفائزين في مسابقة الصوت الندي 2025    أستاذ اقتصاديات الصحة: نسبة تحور "كورونا" ارتفعت عالميًا إلى 10%    زواج عريس متلازمة داون بفتاة يُثير غضب رواد التواصل الاجتماعي.. و"الإفتاء": عقد القران صحيح (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عذاب مسلح
نشر في أخبار الأدب يوم 16 - 05 - 2015


1
جثة هادئة ولطيفة
لن ترهق ذويها باللهاث خلف طبيب الصحة ووكيل النيابة
للحصول علي تصريح بالدفن ,
في العتمة ,
علي بعد أمتار من ظهر البيت
شرقَ شجرة المشمش التي اعتاد صاحبها أن يمضي تحتها قيلولته ,
في الحفرة التي لن يسموها قبراً
ستنام طيّعة دون أن تنتظر دمعة من أحد ,
من يدري
ربما بعد شهرين أو ثلاثة
وفي المكان نفسه
تنبت أقحوانة
ومن تلقاء نفسها
تتكفل هي بالمهمة .
2
لو أمهلتهُ الطلقةُ
لعرف أن الحروب الأربعة التي عاصرها ,
زوجاتهُ الثلاث ,
ولدهُ الأصغر علي وجه الخصوص وهو يحبّ علي يديهِ ويستعطفهُ أن يسافر معه إلي البلاد البعيدة ,
كرم العنب السمّاري الذي كان يباهي به جيرانه قبل أن يرحلوا ،
الحرباء التي تظل تلصفُ بالأخضر الزاهي فوق غصن العوسج ، تظن أنه لن يراها ، لن يتطلع لعينيها الحجريتين وهما تدوران حول نقطة ثابتة ,
عصا اللوز التي لم تعترض علي دأبهِ ومشاويرهِ الطويلة رغم تآكل كعبها الجلدي ، لم يصمد لشهرٍ واحدٍ بعد أن أمضي الإسكافي ساعة أو أكثر في تثبيته باللاصق والمسامير المدببة الصغيرة ,
حتي رمل الدرب وحصاه ، جمهوره المخلص
كل هذا لم يكن كافياً ليقنع السلاح الذي أعطاهُ ظهره هو وصاحبه
أن الشنار لا يبول ,
وأن شجرة الزيتون التي تتوسط البيت
زرعها أبوه ذات شتاء قديم
ولم يوصه بأن يقصّ لحيتها .
3
هتف في قلبه :ليست الجاذبية ، لو كان نيوتن حياً لنتفت شعر ذقنه ,لم يتوقف كثيراً أمام : هل كان نيوتن حليق الذقن أم كان يطلق لحيته ؟ ، قال لنفسه : لو لم تخرب التفاحة لما سقطت من الشجرة ! ، لولا خرب كرم الزيتون لما شردت أسراب الدويري والحجل ، لولا خربت البيوت لما رحل الناس ,
.. أما الكلاب الضالة ملعونة الوالدين فقد اختفت هي الأخري بعد أن فشل بكل الطرق في إبعادها عن حلال البيت من نعاج وماعز ودجاج ، باستطاعته الآن أن يربي ما يشاء في البيت ! ، أي بيت ؟
ملعونة الوالدين لو استطاع أن يعرف إلي أين رحلت لما كان في حاجة لبراهين يثبت بها نظريته .
4
سقطت الدانة فوق سقف البيت ، طبيعي ألا ينجو شئ ، أحدٌ ما كان يسعل وهو يجاهد أن يسحب ما يشبه جسداً . محكومة بالأنقاض تتكور البقايا ، قاعدة أريكة هنا ، قاعدة مرحاض مقلوبة علي قفاها هناك ، صنبور ميت ، حائط يميل علي وشك ، فوضي بلا رئة توزع الغبار ، نصف ليمونة ين حجرين ، أبخرة الشاي دون أن يسأل أحد : كيف لم ينقلب الكوب علي قفاه ؟ ، كان واقفاً ما يزال كأن شيئاً لم يتغير ، أو كأنه ينتظر فماً هو وحده من يدلهُ علي سر علاقة الشاي بالليمون .
5
فاجأهُ المسلحون وهو يجلسُ فوق حجرٍ من بقايا بيتهِ ، يدخن سيجارته ويجادل جاره الذي اختار حجراً أقل ارتفاعاً ليجلس فوقه حول حال البلاد البعيدة التي سيرحلان إليها ، فرّ ذكران من الدويري كانا يتعاركان في الجوار ، أشار كبيرهم من بعيد فهب جاره واقفاً ، حرك سبابته : لا لا أنت ، إلي الداخل جداً دخل نصل السبابة فحدث ما كان يخشاه ، قدمُ أحدٍ غيره كانت تخطو ، " ألا تعرف أن التدخين حرام ؟ " قال الملثم الذي لم يغادر السيارة فتحركت غيمة سيشكرها في وقت لاحق ، دعس السيجارة تحت القدم التي عادت لتكون قدمه ، مدّ علبة التبغ وهو يستعطف : " بالله عليك افرمها بيديك " ، أشار إليه الملثم أن يفعل هو ففعل وهو يمدّ القداحة :" حتي تتأكد أنني لن أفعل ثانية " ، بودٍ هذه المرة قال كبيرهم : " احتفظ بها ربما تحتاجها " ، تتابع الود فكاد أن يتورط ويقول أنه لن يمضي الليلة هنا لكن غيمة أخري وقفت فوق رأسه ليبلع لسانه فيسأله الملثم : " مع من تقف في هذه الحرب ؟ " ، بروحه التي دخلت إلي مخبئها قال متلعثماً : " أي حرب ؟! ، أشار الملثم إلي الأنقاض فتجمدت أطرافه ، بإلهام من حمامة وحيدة لم تشرد مع سرب الحمام الذي كانت زوجته تربيه تمالك ما بقي من حواسه ليقول : " اسمع يا رجل لو قلت لك أنني مع الطرف الأول ربما تكون أنت من الطرف الثاني ، ولو قلت لك أنني مع الطرف الثاني ربما تكون أنت من الطرف الثاني ، أنا مع حلالي وأهل بيتي " ، ضحك الملثم وأشار للسائق فاستدارت اللاندكروز وتحركت تجر خلفها خطاً طويلاً من الغبار .
6
كل ليلةٍ تتدللُ عليه ، لا جيران هناك ، ولا أطفال يختبئون تحت أغطيتهم ، يفتحون آذانهم علي غنجها وتوسلاتها التي بالكاد يسمعها ذكر الحمام فيرتعش ريش ظهره ، ويتحرك في قفصه نشوان ؛ الليلة - بعد هذا الدويّ الذي بدأ من بعيد - لم ينادها ، هي التي رمت بكامل بشرتها الخلاسية بين يديه ، لا أحد يعلم من أي عتمة جاء هذا الكروان الذي أطلق صيحة أولي وأخيرة ، بعد نهارين وبجهد شاق رفع العابر بقايا السقف ليجدهما ملتحمين ، علي وجهها بقايا ابتسامة ، أما هو فكأنه كان يبكي .
مقاطع من نص طويل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.