الغيطاني » الذي« هو اليوم أكبر كاتب في مصر، وواحد من أكبر مفكري العالم العربي، بدأ النشر في فرنسا عام 5891 برواية تاريخية »الزيني بركات« احدثت وقتها ضجة هائلة، لانه من خلال مصر المملوكية، انتقد الغيطاني مصر التي صارت ارضا للتجسس والقهر، دراما انسانية كونية، تخصنا جميعا. عامان بعدها، عام 7891، نال الغيطاني الوسام الفرنسي للفنون والاداب « فارس». في عام 3991، صدر للغيطاني عن دار « سوي»، « البصائر في المصائر، ثم عام 2007 صدرت وقائع حارة الزعفران عن دار « اكت سودً، وفي 0002 عودة مرة اخري الي دار سوي حيث اعمل « محررة»، ومازلت،. لتصدر له رواية « اكتشافا صاعقا لمعرفة الاخر في إطار الغيرية. بتقليب صفحات الكتاب، كان لدي حدس إن هذه الرواية هي بمثابة إحدي « ركائز الجسر» الذي يقيمه الغيطاني، كتابا بعد كتاب، جسر ما بين تقاليد الادب العربي وحداثة الادب الغربي، وأنه يدعوني لاستدعائه ولقائه. كنت اجهل ان هذا اللقاء سوف يتم بعدها بوقت قليل، وانني سوف اصير »محررته« وان تفاهما عميقا سيولد بيننا، وصداقة قوية ممتدة حتي اليوم. كتاب « التجليات»، اول عمل للغيطاني يصدر تحت مسئوليتي التحريرية، سرعان ما ما زاع في فرنسا، ك مة»، ( ذروة)، قلما ما توجد في قرن. نال الكتاب جائزة ادبيه كبري، جائزة « لورا الكتاب داخلي هزة رهيبة. كان آتيا كنص مؤسس من حضارتنا، حضارتك وحضارتي، من الادب العربي كله، ومن افضل مافي الادب الغربي (كيف لم يهز ولعي ببروست الذي كنته) . جاء مفعما بخيال وتقليد روحي، بفلسفة، مما مكن كاتبه من أن يجوب بحرية، الفضاء والزمن، مازجا حقب الزمن، مستدعيا الاحياء والموتي « معا». انطلق الغيطاني من نص يموج بالعاطفة لابيه الذي رحل، ليخلق بموهبته الشعرية، عالما يسمح لكل انسان بالرحيل في غير المنظور. جاء «الغيطاني» الي فرنسا بمناسبة صدور كتابه، وكان قلقي عارما لمقابلته، مختلطا بإعجاب، وقليل من الحذر. لكن المفاجأة كانت كاملة. احتفظ من لقائنا الاول بذكري ابتسامة عكست في البداية الرقة والثقة، ذكري ايماءات سرعان ما صارت مالوفة : الاشارة الحادة وبزاوية منفرجة من قبضة، للتأكيد علي معني، اليدان المرفوعتان بمستوي الوجه، كفان مفتوحتان باتجاه اعلي، كما اتيح لي الرؤيه بعد ذلك في مقابر وادي الملوك،عينان باسمتان، ماكرتان. لا اتكلم العربية وهو لا يتكلم الفرنسية، واعتدنا التواصل بإنجليزية عرجاء، لم تشكل، علي غير المتوقع، اي عائق في تفاهمنا، وتواصلنا. يملك جمال الغيطاني تواضع الكبار، تواضع الواثقين من طريقهم، الذين لديهم التزام في مواجهة انفسهم، وكرم ازاء الاخرين. تعارفت وهمومه الكبري التي تكسو عمله والتي كنا نتكلم عنها في مطعمه الباريسي المفضل، نتقاسم طبقا بسيطا، معه يصير وليمة ملوك: « الزمن»، هذا الذي يمحو كل شيء، النسيان الذي ينتظرنا لا محالة، والتحدي المطروح من تجل لاخر، محييا ، هؤلاء الذين احبهم، او حتي الذين تقاطعوا معه ببساطة ، بنظرة في طريق سفر، في قطار او زاوية شارع، في بحثه» بمصره» اليوم عن ملامح مؤسسي الفراعنة . دعاني جمال الغيطاني لاعبر الجسر المؤدي اليه، والذي يقوده حتي اليوم، للعيش في « الجرنة» مع زوجته ماجدة، شقيقتي في القلب والروح. سوف ابقي للابد ممتنة له للفيض الغامر الذي غمرني لما عرفني بلوحات الجص « الفريسكا»، الموجودة بوادي الملوك، والتي منحتني اليقين، انني جئت من هنا. نشر « دفاتر التدوين» منح القراء الفرنسيين نثرا اكثر حميمية، شذرات من الذات بقدرة ملحوظة علي المجاز القادر علي ابراز منظور واسع للنظر الي العالم، والانفتاح علي اللانهائي الحقيقي والمتخيل. قوبلت الدفاتر دوما باهتمام صحفي متلهف وبدعوات عديدة للمهرجانات الادبية: بريس، تولوز، ليون، مارسيليا ونال اول الدفاتر نثار المحو عام 9002 ، جائزة معهد العالم العربي في باريس (جائزة الرواية العربية). الصحفيون الذين يسعون دوما للقاء الغيطاني عند مروره علي باريس، لا يفوتهم ان يسألوه عن بلده، لانهم يعرفون ان جمال « رجل ملتزم » بالمعني النبيل للكلمة، بمعني ان مواقفه التي يتخذها في مواجهة احداث العالم، لا تعكس مجرد وعي سياسي،انما تساؤلات اكثر عمقا : عن موقع او مكانة الانسان في التاريخ، وهذا وجه اساسي اخر لتفاهمنا. العزيز جدا علي جمال، . الطافي مابين ثقافتينا، في الموضع نفسه حيث نلحق به، يحتفل هذه الايام بعيد ميلاده، اريد ان اقول له ببساطة : شكرا.. شكرا لكل ما منحتنا اياه، بلدي.. وأنا. الأستاذة اني مورفان المسئولة عن النشر الاجنبي في دار »سوي« وهي المحررة المسئولة عن الغيطاني كما أنها التي قدمت جارسيا ماركيز للنشر الفرنسي وصارت مترجمته وواحدة من أقرب أصدقائه وهي الان مسئولة عن عدد من اكبر الكتاب من بينهم ساراماجو و الغيطاني. باتايون» التي تذهب للكاتب والمترجم. احدث هاتف المغيب». هاتف المغيب كانت بالنسبة لي