طالب المشاركون في المؤتمر الذي نظمته كلية الآداب، جامعة القاهرة حول الحريات وحقوق الانسان، بضرورة اطلاق حرية الرأي والتعبير، خاصة أن كلية الآداب هي بيت الفكر والابداع، طبقا للمناهج التي تعتمدها في الدراسة. لافتين الي أن الشعب الذي يستطيع أن يعبر عن رأيه ويغير هو شعب يبني، وأن مقومات اطلاق هذه الحريات هي الشعب، والدستور، والاتفاقيات الدولية، التي هي جزء من الدستور المصري، وأكدوا علي ضرورة دعم الانتاج الأدبي الموجه للطفولة، والطفل بشكل خاص، مع توجيه الإعلام لأهمية انتاج برامج تحترم عقل الطفل، ودعم مشاركة الأطفال في تلك البرامج.ولم ينس المحاضرون المرأة المصرية وكيفية تحريرها، فطالبوا بالاطلاع علي الثقافات الأخري فيما يخص تحرير المرأة، ومحاكاتها ما يناسبها. وتطرقوا في مؤتمرهم الي مشاكل أهل النوبة، والنظر اليها وحلها والالتزام بما جاء في دستور 2014، كما لفتوا النظر الي الاهتمام بحقوق المهمشين، ودراسة وسائل دمجهم في المجتمعات المختلفة مثل مصر وأمريكا والهند. وواصل المجتمعون التعرض لحريات مختلف شرائح المجتمع المصري ضمن منظمومة وضعوها ضمن محاور مؤتمرهم، فلفتوا الي تنمية الريف، والمحافظة عليه للحد من النزوح للعاصمة. واجتمعوا علي ضرورة التركيز علي البحوث الاجتماعية لتعميق ميدان علم الاجتماع، وعلم اجتماع اللغة، والاسراف المعرفي في مجال السوسيولوجيا والنقد الأدبي. في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، والتي رأسها الدكتور أحمد مرسي، شهدت طرح العديد من الأفكار الخاصة بحرية الفكر، والنقد، واعتبرها د.مرسي فرصة ليقول للحضور إن المطالبات المطروحة الآن علي الساحة فيما يخص تصحيح الخطاب الديني، هي في الأساس رد اعتبار للناقد نصر حامد أبوزيد، الذي تم محاكمته بالتفريق بينه وبين زوجته، بسبب نقده للخطاب الديني ومطالبته بتجديده من خلال كتابه (نقد الخطاب الديني). وعن حقوق الانسان في الجزائر وضمانات حمايتها، تحدث الدكتور حميد محديد (جامعة الجلفةبالجزائر)، مشيرا الي أن الحقوق والحريات في الجزائر تعرضت لاهتزاز نتيجة للتحولات السياسية والأمنية والاقتصادية، وحتي الثقافية والاجتماعية التي شهدتها الجزائر منذ عقدين من الزمن، والتي كان لها أثر سلبي علي حقوق الانسان وحرياته الفردية، كما أن الواقع العملي كثيرا ما شهد انتهاكات لهذه الحقوق تحت دعاوي وعناوين مختلفة، لمكافحة الارهاب وحفظ النظام العام، ومن ثم كان من اللازم توفير ضمانات دستورية، وقانونية من أجل حماية ممارسة الانسان لحقوقه وحرياته دون التعدي علي دستور وقانون الجمهورية، لافتا الي أن تجارب ما يعرف بدول الربيع العربي بينت كيف تحولت مطالب الشعوب للحقوق والحريات والمساواة، الي الفوضي والدمار والتدمير، استغلتها قوي اقليمية، ودولية لتحطيم هذه الدول نفسها، ومن ثم فلا سبيل الي دفع انتهاك الحريات إلا بتوفير الضمانات الجدية، بتسجيلها في وثائق أيا كان شكلها: اعلانات، دساتير، مواثيق دولية، لأنها تغدو حبرا علي ورق ما لم تتوافر هذه الضمانات التي تكفل ممارستها علي الأرض. ثم استعرض د.محديد نصوص الحقوق والحريات في الدستور الجزائري. وعن المهمشين في قلب الثراء، جاءت مشاركة د.صالح سليمان أستاذ الاجتماع بجامعة عين شمس، حيث تناولت ورقته حالة عمال البناء والبوابين في القاهرة الجديدة، فأوضح أن أوضاع المهمشين تتغير من فترة الي أخري حسب السياق الزمني والمكاني. فالمهمشون في ستينيات القرن الماضي، غيرهم في سبعينياته غيرهم في الربع الأخير منه، وبالطبع غيرهم في الأربع عشرة سنة من الألفية الثالثة، وأرجع ذلك الي أنه يرتبط بطبيعة النظام السياسي السائد، والتوجهات الأيديولوجية المصاحبة له. وبشيء من التفصيل والتحليل تناول د.صالح المهمشين في فترة حكم مبارك أو بشكل خاص في ضوء انتاجها لأنماط الاسكان الفاخر وما ارتبط به من انتاج التجمعات السكنية المغلقة والمعروفة باسم (كومباوند) وكيف ارتبط ذلك بخلق عمالة هامشية جديدة أو متكررة لأنماط سكانية سابقة ترتبط بالعمل في هذه الأماكن الجديدة وتتكسب منها، وهي عمالة هامشية ، وغير هامشية وجدت رزقها في قلب ثراء المدينة، وعلي الأطراف المختلفة المرتبطة بها. وقد خصت د.وحيدة بوقدح بديسي (جامعة الأمير عبدالقادر (الجزائر) مشاركتها عن حق الطفل في الحصول علي المعلومات مقابل حمايته من تأثيرات الاعلام السلبية، حيث اعتبرت أن الاهتمام بالطفولة ومراعاة حقوقها، هو بالأساس اهتمام بمستقبل الأمة وضمان لاستمرار مسيرتها، فهم ثروة، كلما أحسنا استثمارها حققنا أعظم الانجازت الحضارية. وأكدت أن حقوق الطفل جزء لا يتجزأ من الحديث عن حقوق الانسان لأن الطفل كما يقول "يانوش كور تشاك" لا يصبح بمرور الوقت انسانا، بل هو انسان منذ البداية، ولهذا نصت المواثيق الدولية - لحقوق الانسان - في البداية - علي بعض النصوص التي تضمن حقوق الطفل، ثم جاءت - لاحقا - مواثيق واتفاقيات تخص حقوق الطفل مستقلة عن المواثيق الخاصة بحقوق الانسان عموما مما لفت المجتمع الدولي الي أهميتها وضرورتها. وعن وعي الأدباء الشبان بالحق في الأمن الانساني، قدمت د.أريج البدراوي زهران، تحليل سوسيو لساني لرواية (تراب الماس)، وأوضحت أنها حاولت من خلال دراستها التعرف علي مدي وعي الشباب بالشئون السياسية الخاصة بمجتمعاتهم، ووعيهم بقضية الأمن الانساني، التي تعد من أبرز القضايا المطروحة المرتبطة بقضايا سياسية أخري كقضية، حقوق الانسان والمواطنة والتنمية البشرية. وتوصلت د.أريج في تحليلها لرواية أحمد مراد الي أن وعي الأديب الشاب جاء متأثرا بالتغيرات التي اجتاحت البلاد والعالم أجمع، ففي ضوء السياق الثقافي الذي ظهرت فيه هذه الرواية تبين كيف أنه نظرا لظهور المدرسة الجديدة في الدراسات الأمنية في تسعينيات القرن العشرين "مدرسة التنمية البشرية"تؤكد علي ضرورة عدم الاكتفاء بالبعدين العسكري والسياسي للأمن وانما لابد من الحديث عن مفهوم شامل له، مما انعكس علي تناول الأديب لابعاد الأمن المختلفة، كما كان "مراد" واعيا بتداخل الأبعاد المختلفة للأمن "الأبعاد السبعة: الأمن الاقتصادي، الغذائي، الصحي، البيئي، الشخصي، الأمن الاجتماعي، والأمن السياسي، فجاء سرده لعناصر الأمن متشابكا موضحا كيف أن تهديد الأمن الاقتصادي، يهدد الأمن الصحي، والأمن السياسي يؤثر علي الأمن الشخصي، والأمن الغذائي يتأثر بالأمن الاقتصادي. فإذا كان المجتمع المصري يعاني من مخاطر تهدد أمنه بأبعاده السبع، فإن ادراك ووعي شبابه بمشكلاته يبشر بمستقبل ينعم فيه المصريون بالأمن الانساني بأبعاده المختلفة، وأن وعي الشباب بالمشكلات هي أولي خطوات النهوض وتحقيق التنمية والأمان. وعن البعد الديني وارتداداته السياسية والاجتماعية في الولاياتالمتحدةالأمريكية، قدمت د.شهناز سمية بن الموفق (جامعة الأمير عبدالقادر للعلوم الإسلامية، دراسة مقارنة نقدية) مشيرة إلي أن السمة الغالبة حول علاقة الديني والسياسي في أمريكا، أن أحدا لا ينكر تلك العلاقة، حيث تؤكد الدراسات أن تأثير الدين في السياسي في أمريكا من الثوابت السياسية والاجتماعية هناك، ومن ثم نجده يؤثر علي علاقتها مع العالم العربي والاسلامي، لاسيما أن أهم محاور رؤيتهم لنا يحكمها المعاداة الكبيرة التي يكنها الأصوليون الأمريكان للعرب والمسلمين، فضلا عن الدعم المستمر لإسرائيل وضرورة تحويل العالم الي اعتناق المسيحية الايفانجليكية، ومن ثم فكل ذلك يصب في سياسة الولاياتالمتحدة تجاه العالم العربي والاسلامي.