افتتاحية مضي ثلاثة وأربعون عاماً علي مناقشة هذه الرسالة التي تقدمت بها إلي قسم اللغة العربية، بكلية الآداب جامعة القاهرة، للحصول علي درجة الماجستير في صيف 1971م.. أشرف عليها أستاذي د. عبدالعزيز الأهواني أستاذ علم الأندلسيات الذي كان له فضل توجيهي لدراسة هذا العمل الفريد. في سنة 2011م تلقيت رسالة من باحث سوداني فاضل هو د. أحمد محمد البدوي، يستفسر عن هذه الرسالة، وما إذا كانت قد نُشرت أم لا؟ وعندما أبلغته أنها لم تنشر، أسف لذلك، وحضني علي نشرها، ولم أتحرك حتي قرأتها الصديقة د. أمينة رشيد في إطار بحثها في السيرة الذاتية، فشجعتني علي الإقدام إلي نشرها، وكذلك فعل د. طارق النعمان. وعندما نظرت فيها مرة ثانية اليوم، سنة 2014م، شعرت أنها لم تكتمل في 1971م حيث لم تتم المقارنة، إذ أنني وضعت رسالة الطوق في إطار التراث العربي شعراً ونثراً، ولم أضعها في إطار التراث الغربي، خاصة أن موطنها أندلس القرن الحادي عشر. إتماماً للمقارنة، ولكي نعطي هذا العمل حقه في إطار التراث الغربي، كما فعلنا بالنسبة إلي التراث العربي، أضفت فصلاً خامساً، حيث قارنتها فيه بأعمال عن الحب في تراث الغرب، من القرن الثاني عشر إلي القرن التاسع عشر، وصمدت للمقارنة بأعمال كلها لاحقة لها، بل أقول إنها بزتها بنقائها وحداثتها، في نطاق الحديث عن الحب! وعاونتني الابنة العزيزة د. رانيه جودة في البحث عن المراجع بجهدها ومثابرتها، وأعبر هنا عن امتناني للدكتور عبدالرحمن حجازي علي الجهد الذي بذله في مراجعة مخطوط الكتاب مراجعة دقيقة ووافية، كما أشكر إنجي جورج التي باشرت الإخراج الفني للكتاب، كما صممت الغلاف تصميماً راقياً، وأشكر كذلك عزة أبواليزيد التي ساهمت في إتمام هذا العمل علي أكمل وجه وأجمل صورة.. لهم جميعاً الشكر والعرفان علي تحريك الهمة وإنقاذ هذا العمل من النسيان. أضع اليوم بحثي بين يدي القارئ لم يفقد هذا العمل رونقه وشموخه، لا بفضلي، ولكن بفضل ابن حزم وصمود »طوق الحمامة في الألفة والأُلاف« أمام عوامل الزمن. لم تشخ هذه الرسالة الفريدة، إذ مازالت- ونحن نقرؤها بعد عشرة قرون- تخاطبنا وكأنها عمل معاصر، هي من الأعمال التي تتخلق عن معان غضة طازجة في كل قراءة تتلألأ مثل الجوهرة. أضع بين يدي القارئ عملاً يمتزج فيه انطلاق الشباب ونضج الكهولة. القاهرة، نوفمبر 2014م. سيزا قاسم