تحت شعار "مزج الثقافات وتواصل الأجيال" انطلقت أمس السبت فعاليات الدورة الأولي من "مهرجان القاهرة الأدبي" وتستمر حتي 20 فبراير، بمشاركة أدباء عالميين علي رأسهم التركي "أورهان باموك" الحائز علي جائزة نوبل في الآداب والعديد من الأدباء المصريين والعرب. ويهدف المهرجان حسب صفحته الرسمية إلي تعزيز التواصل بين جمهور الأدب من جهة والكتاب من جهة أخري، كما يهدف لتقوية أواصر التواصل بين الأجيال المختلفة من الكتاب المصريين والعرب، وكذلك لتعزيز التبادل الثقافي بين الأدب العربي وآداب الشعوب الأخري. هذه الجمل الافتتاحية العريضة يأتي تحتها الكثير من التفاصيل يوضحها الكاتب والناشر محمد البعلي بوصفه صاحب الفكرة وإن كان يرفض هذا التوصيف يقول إن الفكرة تعاونية بالأساس، ويشارك في تنفيذها فريق صفصافة للثقافة والنشر ومجموعة من المتطوعين من النشطاء الثقافيين والأدباء، سواء من شارك منهم في اللجنة الاستشارية، التي تضم الكاتب الكبير إبراهيم عبد المجيد والروائي حمدي الجزار والمترجم المخضرم "همفري ديفز"، ومهمت دمرداس (رئيس مهرجان اسطنبول الأدبي) ومايكل مارش (رئيس مهرجان الكتاب بمدينة براغ) وطارق الطاهر رئيس تحرير جريدة "أخبار الأدب" والشاعر عبدالرحيم يوسف، أواللجنة التنظيمية التي تضم أحمد شوقي علي الكاتب والصحفي الشاب، ومصطفي سليمان الناشط والقاص ومنظم الفعاليات الثقافية، والقاصة والمترجمة سلمي هشام فتحي، "والعديد من الاصدقاء الذين دعمونا بمختلف الوسائل". أما الغرض الأساسي وما يطمح اليه المنظمون فهو المساعدة في تسليط الضوء علي غني المجال الثقافي والادبي بمصر "وأن نساعد في تعزيز التبادل الثقافي مع العالم وكسر الخوف من الآخر وكراهيته اللذين ينشرهما الإعلام الفاشي والخطاب الديني الرجعي". ليس هذا فقط يقول البعلي إن القاهرة تعتبر المدينة الأكبر في الشرق الأوسط وأهم مركز للثقافة العربية المعاصرة علي مدي أكثر من قرن..ومازالت إلي الآن في رأيه، وتحفل المدينة بالعديد من الفعاليات الأدبية الصغيرة ويصدر بها جريدتان ثقافيتان تغطيان بشكل معقول التطورات الأدبية المحلية والدولية. لكنها رغم ذلك تفتقد لمهرجان أدبي يحمل اسمها؛ يصل بين الأجيال ويناقش الظواهر الأدبية بحضور الجمهور ويعزز التفاعل بين جمهور كتاب وقراء الأدب في مصر وبين الكتاب الجدد من مختلف أنحاء العالم "وعندما تنظر خارج مصر ومنطقتنا العربية المنكوبة بالجهل والديكتاتورية ستجد أن أغلب المدن الكبري حول العالم ينظم فيها مهرجان أو مهرجانان للآداب المختلفة بعضها يكون واسع الاهتمام مثل "مهرجان برلين الأدبي" و"مهرجان تانبينار الأدبي باسطنبول" ومهرجاني "جايبور" و"دلهي" في الهند، وبعضها يكون مقتصرا علي الاهتمام بأحد مجالات الأدب مثل الشعر؛ وهذا هو حال عدد كبير من مهرجانات أمريكا اللاتينية". وبالإضافة للقيمة الثقافية التي تقدمها هذه المهرجانات فإنها تعمل أيضا علي الترويج للقراءة بين قطاع واسع من الجمهور والترويج للمدينة دوليا وإقليميا، خاصة في حال الحرص علي إقامة عدد من فعاليات المهرجان في مواقع تعبر عن تاريخ المدينة وتراثها. "ونحن نحاول الاستفادة من كل هذه التجارب، فنسعي للترويج للأدب بمستوياته وكذلك التبادل الثقافي وأيضا المدينة ذاتها". ما وجه اختلافه عن المهرجانات الأدبية التي تقام في مصر، كمؤتمر الرواية أو الشعر مثلا؟ أسأله ويفاجئني: أولا لا يجب أن يكون هناك اختلاف من الأساس، فنحن لا نخترع العجلة، نحن نحاول أن نضيف إلي ماهو موجود، وليس منافسته، وربما يكون لدينا منظور دولي أكثر، فعدد الضيوف غير المصريين كبير، وهناك نحو 15 دولة ممثلة بأدباء في مهرجان القاهرة الأدبي رغم انه الاول، كما أننا نركز علي القراءات ونعطي السرد حصة معقولة من هذه القراءات. من يمول المهرجان؟ لجأنا إلي نموذج غير تقليدي في التمويل، يقوم علي مشاركة مؤسسات كثيرة بقيم محدودة، مع التركيز علي أن تغطي كل مؤسسة جانبا بعينه دون أن تمر الأموال عبر المنظمين الرئيسيين (صفصافة وفريق المتطوعين)، فمثلا مؤسسات كمعهد جوته والمؤسسة الثقافية السويسرية ومؤسسات مشابهة دفعت تكاليف سفر وإقامة أغلب الأدباء الأجانب، ومؤسسات ثقافية محلية قدمت لنا قاعات المناقشة مجانا، وقام متطوعون كثر بتقديم وقت وجهد واعمال كثيرة مجانا كان من الممكن ان تكلف عشرات الالاف، وتكفلت "صفصافة للثقافة والنشر" بباقي المصاريف. هل طلبت من وزارة الثقافة؟ وهل وجدت تعاونا؟ نتعاون بالفعل مع وزارة الثقافة حيث قدم صندوق التنمية الثقافية لنا اكثر من موقع لتنظيم الفعاليات ومن ضمنها الافتتاح، وكذلك غطت الوزارة نفقات اقامة بعض الادباء، ولكن هذا التعاون لم يكن بدون معوقات بيروقراطية، ولم تبدأ المعوقات في الانهيار الا بعد ان التقيت الوزير وتحمس للمشروع ثم رئيس صندوق التنمية الثقافية، وبعدها صارت الامور البيروقراطية ابسط. بالحديث عن البيروقراطية ما أهم الصعوبات التي واجهتها حتي الآن؟ وما أبرز محاور المؤتمر؟ أهم الصعوبات ذات طابع تنظيمي، فنحن لدينا عدد كبير من الضيوف الأجانب، ونتعامل مع كل منهم علي انه الضيف الوحيد، كما ان لدينا عددا كبيرا من الفعاليات في العديد من المواقع، وكل ذلك يتطلب اتصالات واتفاقات وتقديم طلبات وتوقيع اوراق، وعمل معايانات، ثم تعديل مواعيد بسبب اقتراحات جديدة وضيوف جدد، فحتي بداية الاسبوع الماضي كان لدينا ضيوف أجانب يعلموننا بنيتهم الحضور، ولأنها الدورة الأولي فنحن لا نريد أن نخسر ضيفا واحدا ورحبنا بالجميع تقريبا. اما عن ابرز المحاور فنحن حاولنا ان يكون لدينا "تيمة" اساسية وليس محورا للنقاش، والتيمة هي "مزج الثقافات.. وتواصل الأجيال" وبالتالي ستجد لقاءات مشتركة كثيرة بين كتاب عرب وأجانب ولقاءات تجمع كتابا من اجيال مختلفة، وبشكل عام المهرجان يشرك في فعالياته كتابا من مختلف الاجيال ومن 15 دولة ونحو ست مجموعات لغوية. لماذا أورهان باموق؟ وعلي أي أساس تم اختيار ضيوف المهرجان؟ الضيوف حضروا من دول عديدة، علي رأسهم التركي الفائز بنوبل "أورهان باموك"، وآخرون من دول عديدة تشمل ألمانيا (كريستوف بيترز) وسويسرا (الما راكوزا) وايرلندا (مايكل اوكونيل) واستونيا (كتالين كالديما) وسلوفاكيا (مونيكا كومبانيكوفا) والتشيك (بيترا هيلوفا، و ميلينا أو دا) وبولندا (ستانسلاوي ستراسبرجر، اندريزج موسزينسكي)، والمجر (دينيس كروسوفكي)، ومن مصر مع حفظ الالقاب (ابراهيم عبد المجيد ومنصورة عز الدين ومحمد عيد ابراهيم وطارق امام وحمدي الجزار وعبدالرحيم يوسف وسيد حجاب وآخرون كثر). وكان لدينا قاعدتان للاختيار هما؛ أن يكون الكاتب الاجنبي لديه اعمال مترجمة الي اللغة العربية، وان تكون مسألة تعزيز التواصل بين ثقافات العالم ضمن اولوياته، وباموق تنطبق عليه هاتان القاعدتان، والحقيقة ان قبوله الحضور تم بمزيج من حسن الحظ وحسن التقدير، فأظن أننا احسنا اختيار اللجنة الاستشارية، وهي التي ساعدتنا علي الوصول اليه، وحسن الحظ يتمثل في ان يكون لديه وقت متاح في نفس توقيت المهرجان.. والحقيقة ان اختياره لا يحمل غايات سياسية، فقد تواصلنا مع عدد من الكتاب الفائزين بنوبل وكان الحظ حليفنا مع باموق فقط.