أود أن أشكر الكاتب سامح فايز شكرا جزيلا، فقد أوفي بوعده لي وتحمل عناء نقل مايزيد علي عشرين كتابا، وقضيتُ الأسابيع القليلة الفائتة في محاولة التعرف علي الظاهرة الجديدة، ظاهرة الروايات الجديدة التي يكتبها شبان وشابات جدد، مقطوعو الصلة بالتراث الأدبي والجمالي، وفي الوقت نفسه لا يؤسسون لجمالية جديدة. أبادر إلي القول أنني منذ اللحظة الأولي قررت التعامل مع الظاهرة علي نحو جاد ، فهم يصدرون كتبا اجتهدوا في كتابتها ونشرها، وبعضهم كتبوا علي الأغلفة الطبعة الرابعة أو الخامسة، والبعض الآخر قيل إنه تصدّر قوائم التوزيع ومن نجوم دولة الأكثر مبيعا. وهكذا أقبلتُ علي الأعمال الجديدة باحثا عن خيال جديد، أو علي الأقل عن سبب أو أسباب -تشكل الظاهرة إن كانت هناك ظاهرة فعلا، صحيح أن هناك عشرات، عشرات فعلا، يكتبون أعمالا يقولون إنها روايات، وصحيح أنهم اجتهدوا وكتبوا ونشروا، لكنني للأسف لم أفهم معني كل هذا العناء الذي بذلوه.هناك مثل - من بين الأعمال التي قرأتها- ما تدور أحداثها بين الأرواح الشريرة في موسكو وسان بطرسبرج، أو تدور أحداثها في شمال فرنسا بين نساء يتقاتلن علي الفوز بشاب وسيم، أو تدور بين الكهنة في أصقاع بعيدة، وهناك أعمال تشبه أفلام الأكشن أو أفلام الرعب (الأجنبية طبعا) والتسالي التي يقبل عليها المراهقون، بل إن هناك أعمالا أبطالها خواجات يعملون في شرطة الخواجات! وطبعا كل هذا يدور بالمصري وليس بالخواجاتي! و أؤكد أنني أقبلت علي قراءة تلك الأعمال بنية خالصة للبحث عن كتابة مختلفة ومغايرة، عن مغامرة جديدة، وللأسف لم أجد ما أبحث عنه، فهي كتابات سريعة بقصد التسلية السطحية،ومقطوعة الصلة تقريبا بالواقع والخيال معا، ثم أن هناك في أغلب الأعمال ركاكة لافتة، ركاكة ناتجة عن عدم الإحساس باللغة سواء كانت عامية أو فصحي، وبالطبع ينعكس هذا علي العالم الذي تقدمه، فهي تدافع عن قيم ركيكة وقديمة تحكم العلاقة بين البشر وبعضهم، أو بين البشر والواقع الذي يعيشون فيه. ربما باستثناء رواية سمها "أوفر دوز" لمحمود كامل، استمتعت بها في حقيقة الأمر لانتمائها الي التراث الأدبي والجمالي وليس العكس ، فهي رواية أصوات يبدو فيها الكاتب بنّاءً قويا،لا يتخذ موقفا أخلاقيا من شخوصه، يعرف جيدا العالم الذي اختار الكتابة عنه ،ولغته سلسة دورها يقتصر علي التوصيل بدون زوائد ، ولديه إحساس قوي بتلك اللغة المحايدة. وفي النهاية، فليس معني السطور السابقة أنني ضد هذا النوع من الكتابات، أو أنني ضد نشرها، بل علي العكس تماما، وكل ما في الأمر أنني لا أحفل بها ،قد تسهم الي هذا الحد أو ذاك في إفساد الذوق الأدبي لبعض الوقت، وقد تستحوذ علي اهتمام شريحة معينة من القراء، ولكن ليس أكثر من هذا.